يكفي تعليقاً على اجتماع لندن كلمات مختصرة في "معاريف" أمس، فهي نسبت الى مصدر في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو قوله "ان المحادثات هنا أثبتت تحقيق الهدف الاستراتيجي لرئيس الوزراء، وهو وقف عملية أوسلو". شخصياً لا أدري لماذا اعتقدت السيدة مادلين اولبرايت انها تستطيع انتزاع شيء من نتانياهو، او أنها تستطيع الوثوب بوعوده، اذا كانت زوجته سارة لا تثق به. سارة رافقت زوجها الى لندن ضمن اتفاق بينهما ألا يسافر من دونها، بعد ان اتهمته مرّة بعد مرّة بالزوغان وهو اعترف بالذنب عشية انتخابات زعامة ليكود، وهددته بالضرب. واذا كانت سارة نتانياهو لا تثق بزوجها بعيداً، فلماذا تثق به مادلين عن قرب؟ ولماذا تريد من الفلسطينيين ان يثقوا به؟ نتانياهو هذا وصل الى لندن وقد خفّ التلوث فيها كثيراً منذ غادرها بعد ان دعا الجنرال المتقاعد رهاخام زئيفي، رئيس حزب مولدات، للانضمام الى حكومته. والحزب يريد "تسفير" الفلسطينيين الباقين، اي تهجيرهم من أرضهم، كما فعل النازيون تماماً بيهود اوروبا الشرقية، اما زئيفي فهو قال سنة 1993 ان ياسر عرفات سيُغتال اذا "تجرأ" على زيارة اسرائيل ابو عمار يقول في مقابلة مع العدد القادم من مجلة "بلاي بوي" ان اسرائيليين متطرفين يريدون اغتياله. على كل حال، أبقى اليوم على هامش اجتماع لندن، بدل الخوض في تفاصيل مكررة، فقد تذكّرت صفاقة نتانياهو وانا اتفرج على التلفزيون مع قهوة الصباح امس، فقد كانت هناك سيدة تزن نصف طن ولها من الذقون ما يشبه "اوكورديون"، ومع ذلك فقد جلست تحاضر في تخسيس الوزن وأفضل انواع "الرجيم". وهذا مثل ان تحاضر راقصة في الفضيلة، او يحاضر نتانياهو في الاخلاق. نتانياهو اختار وزيراً للعدل في حكومته تساهي هانغبي، وهذا يعرف عن العدل كما تعرف الراقصة ورئيس الوزراء المشار اليهما آنفاً عن الفضيلة والاخلاق. وهو عندما كان طالباً في الجامعة كان يحمل سلسلة حديد ويرأس عصابة لإرهاب الطلاب اليهود اليساريين والطلاب العرب. وفي حين أن السلسلة اختفت في الوزارة، فإنه لا يزال يفكّر بمنطقها ويعمل. هناك في الوزارة ايضاً ليمور ليفنات، وزيرة المواصلات، وهذه اتهمتها سارة يوماً بمحاولة إغراء زوجها، ورفضت ان تحوّلها اليه على الهاتف عندما اتصلت به لأمر حكومي. وكان التلفزيون الاسرائيلي بثّ اخيراً حلقات "تكوما" عن تأسيس اسرائيل، واعترف المنتجون بوجود فلسطينيين في فلسطين، وبقتلهم وتشريدهم، وكان ردّ ليفنات على كل هذا تصريحها انها منعت ابنها من مشاهدة البرنامج، فهي على ما يبدو تفضّل ان يكبر على الكذبة الصهيونية عن "أرض بلا شعب" على ان يعرف حقيقة اللصوص والقَتَلة من مؤسسي اسرائيل. واسرائيل مثل ذلك المرء الذي قال عنه المتنبي انه اذا أعيته المروءة يافعاً فمطلبها كهلاً عليه شديد، وهي اذا قامت على الكذب واستمرت بالجريمة، فإن لا سبب لتوقّع الصدق منها اليوم. اليوم نسمع ان اسرائيل عرضت على الولاياتالمتحدة وقف المساعدة الاقتصادية السنوية لها تدريجياً. إلاّ ان هذا ربع الخبر فقط، فاسرائيل طلبت في الوقت نفسه مضاعفة المساعدة العسكرية بالمقابل. اسرائيل تتلقى 1.2 بليون دولار مساعدة اقتصادية و1.8 بليون دولار مساعدة عسكرية، او هذان هما الرقمان الرسميان، إلاّ ان الحقيقة هي ان اسرائيل تتلقى اكثر من سبعة بلايين دولار في السنة كمساعدات من مختلف الانواع والمصادر، والدعاية القائمة عن وقف المساعدة الاقتصادية هدفها الوحيد تقليص المساعدة المقابلة لمصر، فيما تقبض اسرائيل أضعاف ذلك من اموال دافعي الضرائب الاميركية بتواطؤ اعضاء مجلسي الكونغرس. ماذا أزيد؟ شبكة تلفزيون إي. بي. سي. الاميركية عرضت اخيراً شريطاً مخيفاً عن التقدم في زرع الاعضاء البشرية، فهي أظهرت رأساً مقطوعاً لقرد وقد رُبط بأسلاك وأنابيب الى جسم قرد آخر وكانت تظهر على الرأس بوضوح معالم الحياة. لو زرعنا رأس نتانياهو على جسم قرد، او العكس، بماذا نطلع؟ بالحيوان نفسه.