الكتاب: المقاطعات اللبنانية في ظل حكم الامير بشير الشهابي ونظام القائمقاميتين 1788 - 1861 المؤلف: رياض غنام الناشر: دار بيسان - بيروت 1998 يسعى الدكتور رياض غنام في هذا الكتاب الشامل الى رصد جانب مهم من تاريخ لبنان في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر نظراً الى التأثيرات التي تركتها الاحداث في ذلك الوقت على التركيبة اللبنانية ابتداء من مطلع القرن الحالي وحتى يومنا هذا. جاء الفصل الاول من الباب الاول تحت عنوان "سياسة الامير بشير الشهابي الداخلية" وفيه سلط المؤلف الضوء على الامارة الشهابية قبل حكم الامير بشير ثم الصعود السياسي لهذا الامير 1788، وصراع الامراء الشهابيين على تولي السلطة. وفي سياق هذا الموضوع تناول السياسة اليه اعتمدها الامير بشير خلال مرحلة صراع بونابرت مع احمد باشا الجزار والذي انتهى باخفاق حملة بونابرت ومحاولة الجزار الانتقام من الامير بشير الداعم للموقف الفرنسي. وعرض بعد ذلك لواقع الامارة الشهابية ما بين 1800 و1804 وهي المرحلة التي تميزت بالصراع الحاد بين الامير الشهابي واولاد الامير يوسف بواسطة مدبر امورهم جرجس باز، وقد انتهى الامر باتفاق قضى بتقاسم النفوذ بينهما. وفي الفصل الثاني تحدث عن الصراع المقاطعجي في جبل لبنان، واستهله بلمحة تاريخية ثم تناول مظاهر الصراع خلال عهد الامير بشير الشهابي الثاني وقد تجسد في صور عدة منها: نكبة النكديين 1797، تصفية الاخوين باز 1807، وكذلك في سياسة الامير بشير تجاه بعض القوى المقاطعجية. وتناول الفصل الثالث جبل لبنان في ظل الحكم المصري 1831 - 1840، فتحدث عن مقدمات الحكم المصري في بلاد الشام، ثم السيطرة المصرية على جبل لبنان وبلاد الشام، وكذلك سياسة ابراهيم باشا الداخلية اليه ادت الى تشكيل قوى المعارضة ثم الى ثورات ساهمت في زعزعة الحكم المصري. وابرز الكاتب هنا الموقف الدولي من محمد علي ومؤتمر لندن 15 تموز 1840، وتحدث عن تنفيذ مقررات لندن وحرب الجلاء 1840 ثم عن واقعة بمرصاف وتسليم الامير بشير نفسه الى الانكليز الذين نفوه الى مالطا. الفصل الرابع جاء تحت عنوان "جبل لبنان في ظل حكم الامير بشير الثالث وعمر باشا النمساوي 1840 - 1843"، وفيه افرد الدكتور غنام قسماً للكلام عن تجربة الحكم العثماني المباشر في جبل لبنان 1842 وذلك من خلال كلامه عن عمر باشا النمسوي. وتجدر الاشارة الى ان فترة حكم الامير بشير الثالث وعمر باشا النمسوي تعتبر مرحلة انتقالية لقيام نظام القائمقاميتين الذي هو موضوع الباب الثاني من هذا الكتاب. استهل المؤلف الباب الثاني بتعريف نظام القائمقاميتين الذي هو نظام عثماني - اوروبي، وتناول الحرب الاهلية الثانية 1845 متحدثاً عن مقدمات الحرب ثم الحرب نفسها التي اعد لها المسيحيون لمواجهة الدروز والتي ساعدت الدولة العثمانية في انتشارها. وختم بالحديث عن اصلاحات شكيب افندي والصلح الذي تمكن من الوصول اليه بين الدروز والموارنة. وقد شكلت اجراءات شكيب افندي واصلاحاته للنظام السياسي حجر الزاوية في بناء المؤسسات الطائفية في جبل لبنان نظام المتصرفية والبروتوكول ودولة لبنان الكبير وصولاً الى وثيقة الطائف". وفي ظل هذه الاوضاع كان من الطبيعي ان تنشب الحرب الاهلية 1860 وفتنة دمشق. ووصف المؤلف الوضع القائم في تلك المرحلة والذي شكل مقدمة لاندلاع الحرب الاهلية على اثر حادثة بيت مري في 15 آب 1859. وشرح اسباب هذه الحرب ودور القوى الفاعلة فيها، ثم عرض للحرب نفسها وصولاً الى صك المصالحة بين الدروز والموارنة الذي وقع في 6 تموز 1860 برعاية خورشيد باشا. وخصص المؤلف فصلاً خاصاً للتدخل الاوروبي العثماني المباشر ونتائجه في سورية وجبل لبنان، فتحدث عن مؤتمر باريس الذي انعقد استجابة لطلب فرنسا وشارك فيه الدول الاوروبية الخمس انكلترا، فرنسا، بروسيا، روسيا، النمسا ومندوب عن السلطنة العثمانية.وكان من اهم نتائجه الموافقة على ارسال قوة عسكرية لوضع حد لاعمال الحرب قوامها 12000 عسكري نصفهم من التابعية الفرنسية. واشترط المؤتمر انسحاب هذه القوة خلال مهلة ستة اشهر كما اشترط عليها ان تنسق اعمالها مع مفوض الباب العالي فؤاد باشا. وانتقل بعدها للكلام عن الحملة الفرنسية واحتلال جبل لبنان في آب العام 1860 ما ادى الى عقد اجتماع بين قائد الحملة دي بوفور دوتبول وفؤاد باشا اتفق خلاله على اجراءات يجب تنفيذها في جبل لبنان ادت الى تقاسم القائمقامية الدرزية بينهما والى تعيين يوسف بك كرم على القائمقامية النصرانية. وبعد انقضاء المهلة التي حددها مؤتمر باريس للقوات التي سبق ان دخلت الى جبل لبنان سعت فرنسا الى تمديد مدة عمل هذه القوات غير ان بريطانيا عارضت ذلك، فانعقد مؤتمر اوروبي آخر في 19 شباط 1861 اتفق خلاله على تمديد فترة وجود هذه القوات لمدة شهرين فقط. واضطرت فرنسا للالتزام بهذه المدة ومباشرة الانسحاب عند انقضائها. واختتم الدكتور غنام هذا الفصل بالكلام عن النظام الاساسي لمتصرفية جبل لبنان الذي كان حصيلة رحلة طويلة من المفاوضات والاتصالات في حزيران 1861، وهو النظام الذي عرف بنظام المتصرفية وكان داود باشا اول متصرف للجبل. ان الوثائق التي اوردها الدكتور غنام في هذا الكتاب تلقي اضواء بارزة على تاريخ لبنان في القرن الماضي، وهو التاريخ الذي ما زال يصنع صورة لبنان في وقتنا الحاضر.