حققت منطقة عسير نجاحاً لافتاً خلال العقدين الماضيين للتعريف بإمكاناتها السياحية والتحوّل الى قطب رئيسي لصناعة السفر والسياحية ونشاطات الترفيه ذات الطابع العائلي والمحافظ في المملكة العربية السعودية. ويُعتبر السائح السعودي الثاني في العالم من حيث معدلات الانفاق الفردي والعائلي، بعد السائح الياباني. ويقدّر العاملون في قطاع الساحة حجم الاموال التي تتسرّب، كل عام، من الاقتصاد السعودي بما يراوح بين 6.5 بليون وسبعة بلايين دولار تذهب لتغطية نفقات السياح السعوديين في المقاصد الاجنبية. ويبرر هذا الامر الاهتمام المتعاظم في السعودية بتنمية منتجعات ومرافق سياحية تستطيع تحويل جزء كبير من حركة الساحية الخارجة لتصبّ داخل البلاد موفرة بذلك ملايين الدولارات التي يمكن ان تسهم في تنشيط الاقتصاد في مناطق عدة نائية من بنهاعسير. وجاء في دراسة اشرفت عليها الغرفة التجارية الصناعية في أبها ان عدد الزوار السنويين الذين زاروا منطقة عسير حتى نهاية الشهر الماضي بلغ 1.321 مليون مصطاف 88 في المئة منهم سعوديون و7.4 في المئة من مواطني دول مجلس التعاون. وقدّرت الدراسة حجم انفاق السياح المصطافين خلال الفترة نفسها في اول ايار مايو 1997 حتى آخر نيسان ابريل 1998 بنحو 2.3 بليون ريال وهو ما يمثل اعلى عائد مسجل في اي منطقة من مناطق الجذب السياحي في السعودية حتى الآن. وقالت ان غالبية المصطافين 38 في المئة تنتمي الى فئات يراوح انفاقها الشهري بين خمسة آلاف وعشرة آلاف ريال شهرياً مقابل 27.6 في المئة ينفقون ادنى من خمسة آلاف ريال و22.2 في المئة اعلى من عشرة آلاف ريال، وأشارت الى ان نسبة السياح، الذين ينفق الواحد مهم اقل من ثلاثة آلاف شهرياً، بلغت 10.4 في المئة مما يشكل دليلاً على نجاح برامج التنشيط السياحي وقدرة منطقة عسير على استقطاب السياح من مختلف المستويات. وتعتبر عسير، التي تعدّ اكثر من اربعة آلاف قرية، من اكثر المناطق السكنية كثافة في شبه الجزيرة العربية. وهي تتميز بجبالها الشامخة التي تصل الى ارتفاع ثلاثة آلاف متر وسهولها المنبسطة وسواحلها البحرية الجميلة الغنية بالمناطق الجميلة، علاوة على كونها تسجل اعلى معدلات سقوط الامطار في انحاء المملكة العربية السعودية. مشاريع ومنذ نهاية السبعينات شهدت مشاريع المرافق الاساسية تطوراً لافتاً مع شقّ طرق حديثة ربطت منطقة عسير التي كانت تعيش في منأى عن بقية انحاء البلاد بشبكات الطرق الفسيحة التي باتت تذرع المملكة العربية السعودية من البحر الى الخليج وفي كل الاتجاهات. وقال مدير التسويق في شركة "سياحية" السعودية عوض هتلان ان ربط عسير، التي كانت منطقة نائية في جنوب السعودية، تحقق بنجاح وفي شكل ملفت منذ 20 سنة مما ادى الى تغيّر في نمط الحياة الذي كان يعتمد في شكل اساسي على ثقافة الاكتفاء الغذائي. واضاف هتلان في كلمة القيت عنه بالنيابة في المؤتمر السنوي لسوق السفر العربية الثالثة الذي انهى اعماله في الفجيرة امس: "ان المنطقة كانت تفتقد الى التسهيلات السياحية نظراً الى الاحساب بنأي عسير علاوة على غياب اي مرافق اساسية لا بد منها للقيام بأي عملية تطوير سياحي، مع العلم ان وسائل الاتصال كانت شبه معدومة وكانت الرحلات التجارية من بقية المدن السعودية غائبة على رغم وجود مطار في أبها. الا ان العاملين المهمين لتطوير السياحة، وهما المناخ المعتدل وجمال المناظر الخلابة، كانا عنصراً اساسياً ساهم في الترويج لمنطقة عسير في بقية انحاء السعودية التي تتميز بامتلاك مناخ يُعتبر احد اكثر المناخات حرارة في العالم. وتعتبر "سياحية" احدى اكبر الشركات العاملة في قطاع الخدمات السياحية والفندقية في المملكة العربية السعودية. واستطاعت خلال العام الماضي تحقيق عُشر العائدات السياحية في منطقة عسير. وتملك الشركة وتشغّل منشآت استجمام وترفيه في منطقة عسير في المنطقة الغربية من السعودية. وكان النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز زار قبل نحو اسبوعين احد مشاريعها الجديدة وهو مشروع "الجبل الاخضر السياحي" المرتبط بمنتجع "أبها الجديد" السياحي الذي يعتبر من اكبر المنتجعات السياحية المكتملة في السعودية وتعود ملكيته الى الشركة الوطنية للسياحة "سياحية". وكانت الشركة اعلنت السبت الماضي افتتاح خمسة مطاعم بُنيت على قمة جبل ثيرا المجاور لمدينة ابها الرئيسية وتتخصص في تقديم مجموعة من المأكولات المستقاة من المطابخ العالمية المتنوعة. ويمكن الوصول الى هذه المطاعم عبر العربات المعلّقة التلفريك انطلاقاً من "فندق قصر أبها" وسط المدينة من دون الاستعانة بالسيارات. وتربط عربات التلفريك "أبها الجديدة" السياحي و"فندق قصر أبها" مع جبل ايو خيال والجبل الاخضر الذي تقوم فوقه المطاعم والمقاهي. وتأسست شركة "سياحية" بمساهمة من مستثمرين سعوديين وبرأس مال قدره 350 مليون ريال. وأقرّت منذ انشائها 14 مشروعاً اسفر تنفيذ بعضها عن رفع قيمة اصول الشركة الى 1.5 بليون ريال. وبين المشاريع التي أقرتها الشركة مشروع أبها الجديدة السياحي و"فندق قصر أبها" وعربات أبها الجديدة المعلّقة وحديقة أبها الجديدة الترفيهية و"السوق السياحي والعربات المعلّقة" و"الحبله السياحي والعربات المعلّقة" و"القرعا السياحي والحديقة الترفيهية" و"جبل ذرة السياحي والعربات المعلّقة" و"جبل شمسان السياحي" و"مدينة خميس مشيط الترفيهية" و"الساحل السياحي" و"مركز أبها للمعارض" و"الموتيل والمركز الصحي" و"موتيلات ومراكز خدمية في مدن عسير الرئيسية". وتقدم الشركة مجموعة من الخيارات المتنوعة لزوار المنطقة بدءاً بالفنادق من فئة خمس نجوم والفلل والموتيلات والشقق والحدائق الترفيهية والمطاعم ورياضة تسلّق الجبال والطيران الشراعي والرياضات البحرية المتنوعة. وقال مايك فرتيغنز نائب الرئيس في شركة "اعلامية" التي تمثّل "سياحية" في المؤتمر في الكلمة التي القاها نيابة عن السيد هتلان ان مشروع أبها الجديدة السياحي بمنتجعاته الستة كان الخيار الافضل بدل تنفيذ مشروعي تطوير سياحيين واسعي النطاق لأن من شأن المشروع الحالي ان يسمح للزوار بقضاء ليالٍ عدة في كل منتجع على حدة والتعرف في شكل افضل الى المنطقة والتعريف بها بأكملها. وجاء في كلمة هتلان ان الفكرة وراء المشروع كانت ان التعرف الى منطقة عسير سيشجع عودة الزوار في المستقبل اليها. الا ان السؤال الذي كان يدور في خلد القائمين على المشروع كان: هل يمكن تشجيع هذا النمط من السياحة في مكان ناء من المملكة العربية السعودية؟ وهل سيبذل الافراد مجهوداً لزيارة عسير التي لم تكن حتى اعوام خلت تُمثّل على اي خريطة للوجهات السياحية في الشرق الاوسط؟ واشار الى ان التغيّر الذي شهدته منطقة عسير في مدى سنوات قليلة سمح بتحويلها في شكل كامل وعزز قدوم الاستثمارات الكبيرة اليها مؤكدة ان الاستثمار راعى في توجهاته الحفاظ على الهوية الثقافية للمنطقة والتمسك بالتقاليد العائلية وصيانة البيئة والحفاظ على معالمها ومواردها الطبيعية. جبال الألب واضاف: "ان السعودية تملك بدورها "جبال الألب" الخاصة بها مشيراً الى ان منتجع السوده مبني على اعلى قمة في السعودية فوق ارتفاع ثلاثة آلاف متر. وقال ان المكان حافل بالامكانات التي تؤهله ليكون نقطة اجتذاب لمشاريع التطوير السياحي والتحول على المدى البعيد الى نقطة جذب رئيسية في الشرق الاوسط. ورأى ان جهود الادارة المحلية لتعزيز المرافق الاساسية وتأمين افكار خلاّقة للعمل وتوحيد عمل المستثمرين سمحوا باعطاء مشاريع التطوير السياحي في عسير انطلاقتها الكبيرة للتعريف بالمنطقة التي وصفها بأنها اكثر انحاء السعودية غموضاً بسبب قلّة ما يعرفه الناس عن جمال مناظرها. وتشير الدراسة، التي اعدتها الغرفة التجارية الصناعية في أبها، الى ان نسبة الذين زاروا عسير خلال الاشهر ال 12 الماضية مرتين بلغت 64 في المئة مقابل نسبة 80 في المئة من الزوار ممن سبقوا ان زورا المنطقة في السابق مقابل 13.5 في المئة نسبة من زاروا المنطقة اكثر من تسع مرات و28 في المئة نسبة من زاروها اكثر من خمس مرات.