استكملت القمة الأوروبية ترتيبات صدور ال "يورو" عملة لأحد عشر بلداً منذ الرابع من كانون الثاني يناير المقبل. كما عينت، بعد مفاوضات قياسية دامت 11 ساعة، رئيس البنك المركزي الأوروبي ويم ديزنبرغ وخمسة أعضاء في الهيئة التنفيذية للبنك. وحدد وزراء المال أسعار صرف العملات الأوروبية في ما بينها بمعدلات لا رجعة فيها حتى نهاية السنة الجارية موعد تحويلها إلى ال "يورو". وقال رئيس القمة رئيس الوزراء البريطاني في نهاية القمة إن عملة ال "يورو" ستكون قوية لأن الدول الاعضاء تمسكت بكافة مقتضيات معاهدة ماستريخت. وعلى رغم الأبعاد التاريخية التي تكتسبها قرارات إقامة منطقة العملة الواحدة، فإن الانطباعات التي خلفتها القمة الأوروبية بعد أن أنهت أعمالها في ساعة مبكرة من صباح أمس الأحد، لا تساعد في تعزيز مصداقية العملة الواحدة، بسبب طول الجدل الذي شق صفوف زعماء الاتحاد حول اختيار رئيس البنك المركزي الأوروبي، والذي انتهى بتعيين المرشح الهولندي ويم ديزنبرغ، على أن يستقيل في شكل طوعي "بعد أربع سنين، أي بعد تعميم استخدام عملة اليورو" في نهاية حزيران يونيو 2002، ليترك مقعده لمرشح فرنسا جان كلود تريشي. وكانت المانيا في صدارة الدول التي دعمت المرشح الهولندي ويم ديزنبرغ ضد مرشح فرنسا جان كلود تريشي الذي دعمه الرئيس شيراك. وأوضح الأخير بأن وقوفه ضد شركائه يعود "لأسباب واقعية وغير قومية". ويعد اختيار ديزنبرغ في مثابة الصفقة لاقتضاء توليه منصب رئيس البنك لمدة ثماني سنوات وفق ما نصت عليه معاهدة ماستريخت، وفي المقابل حصلت فرنسا على وعد رسمي بأن يتنحى ديزنبرغ في شكل طوعي في غضون ولايته ليخلفه جان كلود تريشي. وأخفق القادة الأوروبيون في إقناع وسائل الاعلام بحرية قرار ديزنبرغ التنحي في الوقت الذي يراه مناسباً. وقال رئيس القمة توني بلير إن قرار التنحي لفائدة المرشح الفرنسي يعود لرئيس البنك ويم ديزنبرغ "بمفرده". وذكر توني بلير أن ديزنبرغ البالغ من العمر 62 عاماً أعلن خلال الاجتماعات قراره بالتنحي بعد سنين لتقدمه في العمر. وكان ديزنبرغ أدلى بياناً أمام القادة الأوروبيين، قال فيه: "أوضحت إلى رئيس الوزراء البريطاني رئيس القمة بأنني لا ارغب في اتمام ولايتي بسبب تقدم عمري. وأنوي الاشراف خلال المرحلة الانتقالية على صدور أوراق ونقود اليورو، وحتى سحب العملات الوطنية". ولإعطاء انطباع بأنه لم يخضع لضغوط القادة الأوروبيين، أكد ديزنبرغ في بيانه بأن القرار "اتخذته بمفردي وبحرية مطلقة وليس بضغوط من أي كان". ولم توفق البيانات التطمينية التي صرحها القادة الأوروبيون في إقناع المراقبين وتبديد شكوك الانقسامات التي فرقتهم حول مسألة اختيار رئيس البنك. واعتبر رئيس البرلمان الأوروبي جيل روبليس أن الصفقة التي تدبرتها القمة بتقسيم ولاية رئيس البنك بوسيلة الاستقالة الطوعية "تنتهك روح معاهدة ماستريخت". ويرصد المراقبون ردود فعل أسواق المال على مشاهد الانقسام التي طغت على القمة التي اتخذت قرارات تاريخية. وقال وزير المال الفرنسي دومينيك ستروس إن أسواق المال "معنية بالمعطيات الاقتصادية الايجابية المتوافرة في بلدان منطقة اليورو". وعينت القمة أعضاء الهيئة التنفيذية، ومدة أدائهم في البنك المركزي الأوروبي الذي سيبدأ نشاطه في مطلع تموز يوليو المقبل في فرانكفورت، وستضم إلى جانب الرئيس ويم ديزنبرغ لثماني سنين، نائب الرئيس كريستان نوايي فرنسا الرئيس الحالي ل "نادي باريس" لمدة أربع سنين، اوتمار ايسينغ المانيا لمدة ثماني سنين، تومازو بادو سكيوبا ايطاليا لمدة سبع سنين، وايجينو دومينغو سولانز اسبانيا لمدة ست سنين، والسيدة سيركا هامالاينين فنلندا خمس سنين. وأكد اجتماع القمة في بيان رسمي على مبدأ تداول المناصب بين دول منطقة ال "يورو". وتضم المنطقة النقدية في مرحلة أولى كلاً من المانياوفرنساوايطاليا ولوكسمبورغ وهولندا وبلجيكا واسبانيا والبرتغال وايرلندا. وحدد وزراء المال بعد نهاية أعمال القمة، أسعار صرف العملات الأوروبية خلال الأشهر السبعة المقبلة. ويحول المارك الألماني إلى 3،3 فرنك فرنسي، وإلى 5،102 اسكودو برتغالي وإلى 990 ليرة ايطالية.