قرأت لأكثر من كاتب ومحلل سياسي ادعاءً مفاده أن موقف المعارضة الفلسطينية، خصوصاً "حماس" يضعف موقف المفاوض الفلسطيني. ومن ذلك ما كتبه خيرالله خيرالله في "الحياة" يوم 6/5/1998 في صفحة الرأي. وهذا الادعاء غريب لأن "حماس" أعلنت مراراً في بيانات رسمية وفي تصريحات مؤسسها أحمد ياسين في أكثر من مناسبة بأنها لا تريد سلطة ولا تقبل أبداً بمحاربة السلطة مهما تعرضت لمضايقات واعتقالات. لكنها في الوقت نفسه لا تقبل باتفاق أوسلو وما نتج عنه، وأنها تصر على مقاومة المحتل حتى يتم التخلص منه. وانها تسعى إلى اقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلت عام 1967 من فلسطين. إن المراقب لمسيرة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية بعد عقد عشرات وربما المئات من اللقاءات يتبين له أنه ليس في نية حكام إسرائيل سواء كانوا من حزب العمل أو تجمع الليكود اعطاء الفلسطينيين بعض حقوقهم - ولا أقول كل حقوقهم - حتى وصل بنا الحال اليوم - بعد آخر اللقاءات في لندن - اننا نطالب ب 13 في المئة، ومع ذلك ترفض إسرائيل متحدية كل العرب والعالم. فهل يقال بعد هذا إن السبب هو موقف "حماس" ومن يؤيدها؟ انني اعتقد ان الأمور مقلوبة، فبدل التركيز على التعنت الإسرائيلي والإصرار على الحق الفلسطيني، صرنا نختلق الدواعي الوهمية ومنها القول إن موقف "حماس" هو السبب أو على الأقل هو أحد الأسباب وهكذا نردد ما تقوله إسرائيل بوعي ومن دون وعي. وأخيراً لماذا يعتبر تشدد بعض الاتجاهات الإسرائيلية من المتعصبين المتدينين وغلاة الصهاينة دعماً وتقوية للمفاوض الإسرائيلي وليس اضعافاً له؟ إن المفاوض الإسرائيلي في حالات كثيرة كان يبرر رفضه لبعض الحقوق الفلسطينية بحجة ان الرأي العام الإسرائيلي أو بعض قطاعاته لا يقبل أي تنازل. أما نحن فلا نقيم وزناً لأي معارض، بل ونعتبره عدواً إما نسجنه أو نقتله أو نتهمه بعدم الوعي والاخلاص.