تعتبر شركة "سيزا" المنشأة الوحيدة في العالم العربي التي تصنع ألبسة "اديداس" الرياضية وتصدرها مباشرة الى الاسواق الخارجية. إلا ان تجربتها في مجال تطوير انتاجيتها ومراعاة الكلفة الاجتماعية للمشاريع الرامية الى زيادة تنافسيتها وخفض اعبائها التشغيلية تشكل مثالاً مميزاً لديناميكية القطاع الخاص السوري وقدرته على ابتكار حلول تكفل مواجهة المنافسة الكبيرة التي تلقاها الشركات السورية في اسواق التصدير الدولية. ويقول المدير العام للشركة رياض سيف ان شركته بدأت برنامجاً موسعاً لتنويع انتاجها في شكل عامودي ينتظر ان يؤدي السنة المقبلة الى تحقيق زيادة لا تقل عن 40 في المئة في حجم أعمالها، للسنة الجارية. ويعمل حالياً في مصانع الشركة الواقعة عند أول اوتوستراد درعا، في منطقة أشرفية صحنايا، قرابة ألف عامل. ويقول السيد سيف "استفدنا من قانون الاستثمار رقم 10 وصدرنا في الاعوام الخمس الأولى التي تلت بداية انتاجنا مطلع 1993 بقيمة 34 مليون دولار أو ما يعادل 2.6 بليون ليرة سورية". وتنتج الشركة، التي يصل رأس مالها العامل الى ثمانية ملايين دولار، ملابس "اديداس" الرياضية وملابس ماركات دولية اخرى مثل "ريبوك" ولديها قسم نسائي يتخصص في التصدير الى المحلات والمخازن الكبرى في بريطانيا مثل "سي أند إيه" و"دبنهام" وغيرها. كما لديها قسم خاص بانتاج نوعية راقية من ملابس العمل وزبائنه الرئيسيون هم "مرسيدس" و"أوبل" في المانيا حيث تقوم شركة متخصصة بجمع عقود التصنيع وتسليمها للمنشأة السورية. وسبق لهذا القسم ان حصل على شهادة "ايزو" للجودة. واستطاعت "سيزا" ان تحافظ على معدل تصديري عالٍ لمنتجاتها راوح في حدود 65 في المئة من اجمالي انتاجها. وأهلّها هذا الوضع لتمديد الاعفاء الضريبي والمالي البالغ خمس سنوات، الذي يمنحه قانون الاستثمار رقم 10 لشركات القطاع الخاص، لمدة سنتين أخريين نظراً الى تجاوزها نسبة الپ61 في المئة التي يجب تخطيها لمنح فترة التمديد الاضافية. وتعتبر "ايداس" الزبون الرئيسي للشركة. ويتحدث السيد سيف عن تطور العلاقة بين المجموعة الدولية و"سيزا" فيقول "اختارتنا أديداس عام 1990 عندما أوفدت لجنة فنية زارت مصنع الملابس الذي كنت أملكه وقررت اعتمادنا كموردين لمنتجات المجموعة الدولية النسيجية. وساهمت "اديداس" في تدريب الكوادر في شكل مباشر وتجهيز المعدات كما ساهمت مباشرة في عملية التأسيس وكان هناك خبير فني من "اديداس" مقيم في دمشق أشرف على عملية التأسيس والتجهيز". ويضيف: "نهاية 1991 ونتيجة نجاحنا في التصدير أعطونا رخصة للتصدير وعملنا يشمل تصنيع جميع المنتجات النسيجية والحقائب التي تنتجها وتصممها أديداس من دون ان تكون لشركاتنا علاقة بتصنيع الاحذية. إلا ان الميزة التي نتمتع بها هي اننا الوحيدون الذين لهم حق التصنيع والتوزيع معاً داخل العالم العربي. وليس هناك أي دولة عربية أخرى غير سورية لديها رخصة من أديداس للتصنيع والتسويق محلياً مع حق التصدير الى الخارج. ومن حق الشركات في المغرب وتونس ومصر التصدير الى شركة أديداس الأم، ولكن لا حق لها بالتصدير مباشرة الى الاسواق الخارجية". ويجدد العقد بين "سيزا" و"اديداس" تلقائياً منذ عام 1991. وكانت نسبة المستورد من أوروبا تشكل غالبية مكونات النسيج التي كانت تستخدمها الشركة السورية في البداية، الا ان هذه النسبة اخذت تتناقص لتحل محلها أقمشة وطنية باتت تشكل ما يزيد على 55 في المئة من اجمالي المكونات الداخلة في التصنيع. ويقول المدير العام: "خبرتنا في التصنيع سمحت لنا بالسيطرة مباشرة على عملية تصنيع أقمشة وطنية ضمن معايير متطورة للغاية والاشراف على الانتاج بدءاً من الخيط وحتى مرحلة الانتاج النهائي. ويقوم خبراء من شركتنا يعملون في مجالي الحياكة والصباغة باختيار المصنعين والمقاولين من الباطن، من مصانع نسيج وحياكة وصباغة، ينتمون الى القطاع الخاص، ليصار من ثم الى اصدار طلبيات لهم والاشراف على تنفيذها". البيع والاسواق العربية وتملك "سيزا" 26 منفذاً للبيع مخصصين لمنتجات "اديداس" في سورية. ويتم توريد البضائع اليها على طريقة البيع مباشرة لصالح الشركة وعلى اساس ان يقدم صاحب المحل متجره وتقدم "سيزا" البضاعة، ويقتطع البائع نسبة مئوية وتأخذ الشركة المصنعة البقية "مما يمنحها حرية في نقل البضاعة وتوزيعها حسب حاجة كل سوق محلية على حدة". وعن سبب اقتصار التصدير الى أوروبا وعدم التصدير الى الاسواق العربية، يقول السيد سيف: "طبيعة انتاجنا التصديري تتم في اطار تعاقدات مبرمة مع شركات عالمية تتميز طلبياتها بالانتظام وبكونها عقوداً طويلة الأجل مما يسمح لنا بالتخطيط الثابت. ولو أتانا زبون، مثلاً، وطلب 100 ألف قطعة دفعة واحدة، ولمرة واحدة، لا نبدي اهتماماً بالمسألة لأننا معنيون بإقامة علاقات تفاهم يتم فيها توحيد ثقافة العمل المشترك بيننا وبين الشركة المستوردة مما يسهل آلية اتخاذ قرار الانتاج والتخطيط لتحسين وتطوير انتاجيتنا". ويبلغ عمر آلات مصانع "سيزا" خمسة أعوام، مما يعني انها بلغت ثلث عمرها الافتراضي الذي يتجاوز 15 سنة. وتشتري الشركة سنوياً آلات جديدة للمحافظة على امكانات التطور وتحديث عملية الانتاج لديها، لكنها اضطرت الى تطوير واستبدال نظام الكومبيوتر لديها مرتين في مدى خمس سنوات "بسبب عجز النظام السابق عن اللحاق بالتطور السريع في وتيرة وأسلوب العمل". ويشير السيد سيف الى انخفاض الاسعار في أوروبا بين عامي 1990 و1997 بنسبة 25 في المئة نتيجة اشتداد المنافسة، لا سيما تلك القادمة من تركيا ودول أوروبا الشرقية، وعلى رأسها رومانيا، كما دخلت اوكرانيا ودول البلطيق وروسيا أخيراً على خط المنافسة، علاوة على منافسة الدول العربية مثل مصر وتونس والمغرب. تجربة فريدة وعن مشاريع التطوير الانتاجي الحالية يضيف: "ننتظر ظروفاً أفضل للتوسع خارج دمشق وباتجاه محافظتي درعا والسويداء. كما نفكر في اقامة وحدات انتاجية في القرى للاستفادة من الكوادر النسائية المثقفة بغرض المساعدة في توسيع حجم الصادرات مع خفض الأكلاف في الوقت ذاته. واكثر من 60 في المئة من عمالنا ليسوا من محافظة دمشق وهم يعيشون فيها نتيجة بحثهم عن فرص عمل. لذلك فكرنا في ان توفير فرص العمل لهم في مناطق المدن الصغيرة سيؤمن لنا فرصة لاستقطاب العمال من أهل المنطقة. وستنخفض أكلاف المعيشة بالنسبة اليهم بنسبة 30 في المئة وهذا يساعد على تحقيق خفض مماثل في الاكلاف الانتاجية". عقود ومشاريع جديدة وعن ضرورة تجنب الاعتماد على مستورد أو ماركة واحدة دولية للتصنيع والتصدير، يقول: "بدأنا حالياً وفي شكل قوي التعامل مع مجموعة اندويكو، وهي أكبر مجموعة اقتصادية على الاطلاق في القطاع الاستهلاكي في اسبانيا، مبيعاتها السنوية تفوق عشرة بلايين دولار. وبدايتنا معها كانت سريعة والنتائج اكثر من مشرفة واستطعنا ابرام عقود كبيرة جديدة معها في مدى الاشهر الثلاثة الماضية وهي عقود تتوسع بقوة وتركز على تصنيع الملابس ونتوقع ان يتعزز حضورنا في شكل كبير في السوق الاسبانية وان تصل صادراتنا اليها السنة المقبلة الى ملايين عدة من الدولارات. ويشير الى مشروع كانت "سيزا" تنوي القيام به، ويقول: "للمرة الأولى في سورية ستقوم شركة وطنية بتصنيع مجموعات ازياء نسائية كاملة تصميماً وتنفيذاً لتصديرها الى الاسواق الأوروبية. ستتميز بمستوى راق ومميز من المنتجات وتعاقدنا مع خبير بريطاني ملم بهذا المجال لتدريب الكوادر الفنية لدينا على كيفية التصدير، ونوعية الزبائن والمحلات الكبرى في بريطانيا، تليها فرنسا ثم بقية الدول الكبرى والمشروع لا يزال الى الآن في مرحلة التأسيس". كما باشرت "سيزا" مشروعاً ثالثاً: "لدينا مشروع ثالث بدأ تنفيذه عبر شركة أطلقنا عليها "سيزا يونيفورم" للملابس الموحدة، وهي شركة لا تجد اي منافس لها في السوق السورية لأنها تتخصص بانتاج نوعية راقية ومتنوعة من منتجات اللباس الموحد ذات مستوى عال من الجودة موجهة للعمال والحرفيين والمهنيين من أطباء وعمال بناء وميكانيكيين وجزارين.