ينتظر إعلان اللائحة الإئتلافية للمجلس البلدي في بيروت الذي بلغ عدد المرشحين اليه 211 يتنافسون على 24 مقعداً، جلاء امرين اساسيين: الاول، حصيلة الجهود التي يقوم بها الوزير السابق فؤاد بطرس بالتعاون مع متروبوليت بيروت لطائفة الروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في محاولة للإتفاق على لائحة تضم تسعة مرشحين عن المذاهب المسيحية الى جانب ثلاثة للأرمن. والثاني، الموقف النهائي ل"حزب الله" من الدعوة الى الإئتلاف بعدما أدى الإنقلاب في التحالفات البلدية في الضاحية الجنوبية برج البراجنة والغبيرة الى تجميد الإتصالات بين رئىس الحكومة رفيق الحريري وقيادته على إمكان الإئتلاف في العاصمة. وتابع الوزير بطرس امس مشاوراته على الصعيد المسيحي، وعقد اجتماعاً ضم السادة كريم بقرادوني وسيمون الخازن وانطوان شادر عن حزب الكتائب وتوفيق الهندي وألفرد ماضي عن تيار "القوات اللبنانية" المحظورة، على ان يستكمل لقاءاته اليوم، وقبل ان يتوجه للقاء رئىس الحكومة، في جولة شبه حاسمة من المشاورات تضم ممثلين عن الأحزاب واتحاد الرابطات المسيحية. وعلمت "الحياة" ان بطرس يرغب في تجميد البحث في اسماء المرشحين الإئتلافيين، ما لم يحسم الموقف من ترشيح حزبيين او محازبين، اذ من دون التوصل الى تسوية لهذه المسألة لا يمكن التوافق بين المسيحيين على الأسماء النهائية. وما زاد في تريث بطرس شعور الاحزاب، بحسب مصادرها، ان الحفاظ على التوازن في المجلس البلدي ضروري وأن تحقيقه لا يتم إلا من خلال لائحة ائتلافية، وبالتالي لا يجوز وضع شروط امام الإئتلاف، "بل يجب ترك القرار للأفرقاء الذين يلتقون تحت مظلة وزير الخارجية السابق والمطران عودة، ونحن من جانبنا نعد بأننا لن نطرح اسماء لا يستطيع الرئىس الحريري ان يتحملها سياسياً او ان تحملها اللائحة انتخابياً". وقال مصدر مقرب من اللقاء الذي يرعاه الوزير بطرس ل"الحياة" ان "خيارنا في الانتخابات البلدية يبقى الإئتلاف وأن ما يهمنا الخروج من المعركة من دون المساس بمبدأ التمثيل المتوازن، لئلا تجرّنا النتائج الى ازمة سياسية نحن في غنى عنها، خصوصاً في ضوء مبادرة البعض بطلب التأجيل". ورأى "ان الحصول على جواب نهائي من الرئىس الحريري عن موقفه من الإئتلاف مع الحزبيين يمكن ان يحدد طبيعة القرار الذي سنلجأ الى اتخاذه، فاذا كان ايجابياً لا اعتقد ان اختيار الأسماء سيؤدي الى مشكلة نظراً الى مراعاتنا الأجواء العامة". الى ذلك، استؤنفت اتصالات الحريري و"حزب الله" على نار هادئة هذه المرة، بعد ابتعاد بينهما مضى عليه اكثر من اسبوع وفرضه فرط الإئتلاف لمصلحة تحالف رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة من خلال وزير الإعلام باسم السبع في الضاحية الجنوبية. ولم تستعد الإتصالات عافيتها بالكامل، وتزامن استئنافها مع دعوات من شركاء في اللائحة الإئتلافية في بيروت، الى توسيع رقعتها البيروتية، لتضم القوى الفاعلة وفي طليعة هؤلاء رئيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت النائب تمام سلام والنائب محمد يوسف بيضون. وفي هذا السياق علمت "الحياة" ان اللقاء الذي جمع اول من امس رئىس الحكومة بنائب "حزب الله" محمد فنيش، والذي كان خصص للبحث في آخر تطورات عملية تبادل الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، بجثث وأشلاء لجنود اسرائيليين، شكّل اول مناسبة لمعاودة الاحتكاك البلدي بين الطرفين، بعدما اخذ الحزب على الرئيس الحريري فرط الإئتلاف في الضاحية. وقال مراقبون ان هذه الاتصالات لم تقتصر على لقاء قريطم، بل امتدت الى الضاحية ليشارك فيها الوزير السبع مع مسؤول الملف الانتخابي في بيروت الحاج حسين الخليل، اضافة الى الدكتور رضوان السيد الذي اجتمع مع الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله في حضور النائب فنيش والمعاون السياسي للأمين العام. وأكدوا ان اجتماع الحريري وفنيش "تجاوز البحث في عملية التبادل، في ضوء عروض جديدة حملها ممثل الصليب الاحمر الدولي في لبنان جان جاك فريزار الى عرض خلفية ما حصل في الضاحية، بناء على طلب رئىس الحكومة الذي جدد رغبته في التعاون مع الحزب في بيروت، وبعث بمجموعة اشارات ايجابية في شأنه، معتبراً انه لا يزال قائماً، وفي المقابل لم يكن في وسع النائب فنيش إلا ان يسجل ملاحظات على الطريقة التي تم التعاطي بها مع الحزب في الضاحية". وأشاروا الى "ان عتاباً حصل بين الحريري وفنيش ما دام رئيس الحكومة اخذ على عاتقه معاودة فتح الباب امام الإئتلاف في بيروت". وأكدوا ان فنيش "استمع الى عروض الحريري في شأن الإئتلاف في بيروت ولم يدخل معه في التفاصيل، واعداً بنقل العرض الى قيادة الحزب التي تتولى بتّ امره، لتدرس رغبة رئيس الحكومة خصوصاً ان تبدل التحالفات لم يكن إلا لأسباب محلية، وهذا ما سمعه ايضاً الدكتور السيد من نصرالله". ولن يتخذ الحزب قراره في سرعة، خصوصاً في حال قرر استجابة طلب الإئتلاف الذي يجب ان يرفق هذه المرة بالحصول على ضمانات خوفاً من ان تتكرر التجربة المريرة في الضاحية، على رغم ان الخيار الطبيعي للحزب هو التوافق على قاعدة توسيع الرقعة الإئتلافية لتنضم اليها "الجماعة الاسلامية" و"جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية" الأحباش وغيرهما. وفي رأي المراقبين ان الموقف النهائي ل"الجماعة" من الإئتلاف لا يمكن ان يتبلور ما لم تتضح الخارطة النهائية للتحالفات في الشمال عموماً وفي طرابلس خصوصاً، وإن كانوا يرجحون ان الغلبة في العاصمة هي للتيار السياسي الذي يفضل تجنيبها معركة طاحنة سياسية لا بلدية يركز الذين يشاركون فيها على الخدمات. وأكد المراقبون ان العنوان الأساسي لبيروت لن يكون إلا سياسياً يتم من خلاله الحفاظ على التمثيل المتوازن للطوائف والمذاهب اللبنانية في موازاة التمثيل السياسي الذي يأخذ في الاعتبار وضعاً اقليمياً صعباً يتعدى حساب الربح والخسارة بالمعنى البلدي الى قطع الطريق على من يحاول جرّ العاصمة او استدراجها الى ازمة تمثيل. وعن الموقف النهائي للحزب من الإئتلاف، قال المراقبون ان قراره بالتحالف مع الوزير السبع في الضاحية ومع رئيس الحكومة في بيروت اتخذ عن اقتناع لا من باب المناورة او استدراج العروض، لكن انقلاب الآخرين عليه، أحدث صدمة سلبية لدى عرّابي الانفتاح فيه. اما في شأن التحركات الانتخابية في بيروت، فثمة اعتقاد ان الرئىس الحريري، بالتعاون مع شركائه في الإئتلاف، بدأوا غربلة الأسماء في انتظار حصيلة الجهود التي يقوم بها بطرس، وإن كان لا تعديل في اسناد رئاسة اللائحة الى الرئيس السابق لمجلس ادارة شركة طيران عبر المتوسط غازي قريطم، وهو مقاصدي، ثم ان الاسماء المطروحة ليست نهائية وتخضع لنتائج المفاوضات الجارية. وفي المقابل، لا تزال "لائحة بيروت" التي يترأسها الرئيس السابق لمجلس ادارة شركة طيران الشرق الاوسط ميدل ايست عبدالحميد فاخوري تتابع لقاءاتها مع "حزب الله" و"الجماعة الاسلامية" و"الأحباش" وأحزاب وشخصيات اخرى، رغبة من رئيسها في تأكيد انفتاحه على الجميع. ويستبعد مصدر مقرب من اللائحة المدعومة من النائب نجاح واكيم والتي تضم مرشحين عن "ندوة العمل" الوطني برئاسة الدكتور سليم الحص العازف عن التدخل المباشر في الانتخابات وتجري اتصالات مع المعارضة، ان تعلن الاسماء النهائية لأعضائها، ريثما تظهر الصورة النهائية للائحة الإئتلافية، اذ ان المعنيين قد يضطرون الى التعاون مع اسماء جديدة غير الاسماء المعروفة، وكان تردد انها ستدخل في اللائحة المنافسة.