واصلت دولة الإمارات تحركها لتنقية الأجواء بين البحرينوقطر، وأطلعت السعودية على نتائج زيارة وزير الخارجية الإيراني الدكتور كمال خرازي لأبو ظبي يومي السبت والأحد الماضيين، وذلك قبيل توجه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي إلى طهران اليوم. وزار الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإماراتالدوحة أمس ونقل رسالة من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر. وتشكل زيارة الشيخ حمدان للدوحة استكمالاً لجولته المكوكية بين قطروالبحرين التي بدأها قبل أسبوعين لتنقية الأجواء بين البلدين. وكان الشيخ حمدان قال في تصريح إلى "الحياة" أخيراً إن مهمته تهدف إلى تنقية الأجواء بين الدوحةوالمنامة وبناء الثقة بينهما، وأنها لا تتطرق إطلاقاً إلى الخلاف الحدودي بينهما المعروض على محكمة العدل الدولية. وتؤكد مصادر ديبلوماسية في أبو ظبي ل "الحياة" ان مهمة الشيخ حمدان تلقى تجاوباً لدى المسؤولين في الدوحةوالمنامة، كما تلقى تأييداً ودعماً قويتين من المملكة العربية السعودية. وكان الشيخ حمدان بن زايد زار جدة الأسبوع الماضي ونقل رسالة من الشيخ زايد إلى الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني في السعودية، وأطلعه على نتائج التحرك الإماراتي بين قطروالبحرين. وقالت مصادر مطلعة إن المبادرة الإماراتية لا تتضمن توجيه أية دعوة إلى عقد اجتماع بين مسؤولين من قطروالبحرين في أبو ظبي لافتة إلى أن التحرك الإماراتي لا يدخل في إطار "وساطة" بين البلدين. وأكدت هذه المصادر ان الإمارات ستشجع على استئناف الزيارات واللقاءات بين مسؤولين في البلدين وتبادل المصالح بين المنامةوالدوحة بشكل طبيعي بعيداً عن الخلاف الحدودي بينهما. وقالت إن الإمارات تتخذ في دعوتها نموذج العلاقات المستمرة مع إيران رغم الخلاف بينهما حول الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران منذ عام 1971. واستقبل الشيخ زايد أول من أمس وزير الخارجية الإيراني واتفق معه على استمرار الاتصالات بين البلدين للبحث في مختلف القضايا بما فيها قضية الجزر. وتتوقع مصادر ديبلوماسية تبادل الزيارات واللقاءات بين مسؤولين كبار في قطروالدوحة نتيجة المبادرة الإماراتية. وأعربت عن ارتياحها إلى إعلان أمير قطر استعداده لزيارة المنامة إذا وجهت إليه الدعوة. وأكدت المصادر نفسها استمرار التشاور بين السعودية والإمارات بشأن مختلف القضايا والتطورات في المنطقة. وقد بعث الشيخ حمدان بن زايد رسالة أمس إلى الأمير سعود الفيصل تتعلق بنتائج زيارة وزير الخارجية الإيراني لدولة الإمارات، نقلها خليفة شاهين المرسي مدير إدارة شؤون مجلس التعاون ودول الخليج في وزارة الخارجية الإماراتية الذي زار جدة أمس لهذه الغاية. وفي الدوحة، أعلن أن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية التقى أمير دولة قطر ونقل إليه رسالة شفوية من رئيس دولة الإمارات العربية. وذكر مصدر حكومي قطري أن الرسالة، التي تلقاها أمير قطر أمس من الشيخ زايد، "تتعلق بمجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها"، وحضر المقابلة ولي العهد الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني ورئيس الوزراء الشيخ عبدالله بن خليفة آل ثاني ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ورئيس الديوان الأميري السيد عبدالله بن خليفة العطية، وسفيرا الإماراتوقطر في البلدين عبدالله محمد العثمان وسعيد الزعابي. وعلمت "الحياة" من مصادر مطلعة ان وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني سيقوم اليوم بزيارة الى السعودية. وتوقعت هذه المصادر ان يقوم بنقل رسالة من امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الى ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبدالعزيز. وكان الوزير القطري زار السعودية قبل نحو عشرة ايام نقل خلالها رسالة من الشيخ حمد الى الأمير عبدالله وذلك بعدما زار الامارات. وتأتي زيارة الوزير للسعودية بعد يوم من زيارة وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية الشيخ حمدان بن زايد للدوحة امس. وفي أول رد فعل قطري على التحرك الإماراتي، رحب الناطق باسم الخارجية القطرية السيد فواز العطية بالوساطة الإماراتية الهادفة إلى "تنقية الأجواء" بين الدوحةوالمنامة، ونوه ب "الدور الرائد للشيخ زايد بن سلطان في توطيد الأواصر العربية"، لكنه شدد على أن الخلاف الحدودي بين البلدين معروض حالياً في محكمة العدل الدولية، وان القضية ستستمر مطروحة في المحكمة وستسحب إذا تم التوصل إلى حل ودي يرضي الطرفين القطريوالبحريني. ووصف زيارة الشيخ حمدان بن زايد للدوحة أمس بأنها تصب في إطار يستهدف "تطوير العلاقات بين البلدين"، ولفت إلى تصريحات كان أدلى بها وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أعلن فيها عن وساطة تقوم بها أبو ظبي ل "تنقية الأجواء بين قطروالبحرين". وكرر الناطق القطري موقف بلاده في مؤتمر صحافي عقده في وزارة الخارجية رداً على سؤال عن تصريحات كان أدلى بها وزير الخارجية البحريني الشيخ محمد بن مبارك أخيراً عن الخلاف الحدودي القطريالبحريني. وقال الناطق "ان المسألة متروكة لمحكمة العدل الدولية" مؤكداً أهمية عدم الاشارة الى ذلك في الوسائل الإعلامية، كما رحب "بما تقوم به الدول الشقيقة المجاورة في شأن تقريب وجهات النظر وحل الخلافات بين بلدان المنطقة" قائلاً ان قطر تغتنم متى استطاعت الفرص للقيام بدور مماثل لتقريب وجهات النظر بين الأشقاء. وتؤكد مصادر مطلعة في الدوحة ل "الحياة" ان زيارة الشيخ حمدان للدوحة أمس "تعكس تطورات ايجابية في المسعى الاماراتي" وتوقعت "ظهور نتائج طيبة قريباً" وقيام المسؤول الاماراتي بمواصلة جولاته في البحرين ودول المنطقة. وعلم ان المحادثات الاماراتية - القطرية التي تكثفت خلال الأشهر القليلة الماضية، خصوصاً بعد زيارة كان قام بها أمير دولة قطر للامارات أخيراً في اطار جولة شملت مصر أيضاً، وضعت حداً لتوتر ساد العلاقات بين البلدين قبل عامين. وأشارت هذه المصادر الى أن قضية "المطلوبين القطريين" المتهمين في محاولة انقلابية فاشلة كانت السلطات القطرية أعلنت عن احباطها عام 1996 تشكل احدى أهم القضايا التي تتناولها المحادثات بين المسؤولين في البلدين خلال هذه الفترة. وكان أبرز دليل على "التعاون" في شأن قضية المطلوبين للمحاكمة تسليم الامارات أحد المتهمين القطريين في المحاولة الانقلابية الى السلطات القطرية قبل نحو اسبوعين، إذ شوهد ماثلاً في آخر جلسة عقدتها المحكمة الجنائية الكبرى التي تحاكم 117 متهماً بينهم 46 هارباً وذلك قبل تسليم فواز المهندي للدوحة، وهو محكوم غيابياً ايضاً بالسجن 10 سنوات بتهمة الاشتراك في محاولة فاشلة لتفجير محطة بترول الوجبة. ويتوقع في ضوء التطورات الايجابية الحالية للعلاقات القطرية - الاماراتية ان تشهد العلاقات بين البلدين "خطوات جديدة" في الفترة المقبلة تعزز آفاق التفاهم والتعاون، الأمر الذي سينعكس ايجاباً على الوساطة لتنقية الأجواء بين الدوحةوالمنامة وذلك في محاولة لتجاوز حال الشد والجذب بين البلدين، خصوصاً بعدما قال وزير الخارجية البحريني الشيخ محمد بن مبارك في حديث ل "الحياة" أخيراً ان قطر سلمت محكمة العدل الدولية "وثائق مزورة"، ويبدو أن التحركات الراهنة تستهدف تطوير تفاعلات هذه الأزمة الجديدة خصوصاً بعدما ردت الدوحة رداً هادئاً على تصريحات الوزير البحريني، إذ شدد وزير خارجيتها على حرص بلاده على علاقات طيبة مع المنامة وأكد في الوقت ذاته أن قضية الخلاف الحدودي معروضة حالياً في محكمة العدل الدولية، داعياً الى عدم نقل الخلاف الى الساحة الاعلامية.