دعا الزعيم الروحي لحركة "حماس" الشيخ أحمد ياسين الكويت "لأن تكون فوق الجروح والآلام" التي خلفها الاحتلال العراقي، وأشاد لدى وصوله اليها ليل السبت باطلاق سجناء أردنيين في الكويت معتبراً ان هذه المبادرة "تعيد اللحمة الوطنية والاخوة العربية مرة أخرى بعد أن أصابها التفكك والضعف". وأخبر مصدر في وفد الشيخ ياسين "الحياة" ان الزعيم الاسلامي الفلسطيني سيلتقي أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح صباح غد الثلثاء، وسيجتمع اليوم مع ولي العهد الشيخ سعد العبدالله الصباح الذي يقيم مأدبة غداء على شرفه، كما سيلتقي مع وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد خلال زيارته التي تمتد الى نهاية هذا الاسبوع. وقام مسؤولون في الحكومة، بينهم وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد الصباح، بزيارة الشيخ ياسين أمس في مقر اقامته بفندق "سفير". وعُلم ان ندوات ولقاءات عامة كانت هيئات شعبية كويتية تزمع اقامتها للشيخ ياسين قد الغيت "لدواعٍ أمنية". ويلتقي الشيخ ياسين اليوم مع ممثلين عن اللجنة الوطنية الكويتية لشؤون الأسرى والمفقودين، وكان ياسين قال انه مهتم جداً بموضوع الأسرى الكويتيين في العراق، وأنه اشترط استجابة عراقية في شأنهم رداً على دعوة وصلته لزيارة بغداد، كما يلتقي اعضاء "لجنة فلسطين الخيرية" التي تجمع تبرعات لمشروعات الصدقة والزكاة في الأرض المحتلة. وقام وفد من الشخصيات السياسية والنقابية الكويتية ضمن "اللجنة الشعبية لمقاومة التطبيع مع اسرائيل" أمس بالالتقاء بالشيخ ياسين. ويضم الوفد النائب السابق جاسم الصقر والنائب عدنان عبدالصمد والكاتب السياسي الدكتور عبدالله النفيسي وآخرين، وقد بحثوا مع زعيم "حماس" في آخر المستجدات على الساحة الفلسطينية وظروف المقاومة للاحتلال الاسرائيلي. ويمثل الشيخ أحمد ياسين أبرز شخصية فلسطينية تزور الكويت منذ الغزو العراقي عام 1990 الذي تسبب بنزوح نحو 300 ألف فلسطيني وأردني من الكويت، وجمدت بعده العلاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية بسبب مواقفها المساندة لبغداد. ولوحظ ان مستقبلي الشيخ ياسين في المطار كانوا من رموز التيار الاسلامي في الكويت بالاضافة الى مسؤولين في وزارة الأوقاف، وقام الاتحاد الوطني لطلبة الكويت مع هيئات شعبية أخرى يقودها الاسلاميون بنشر اعلانات ترحيب بالشيخ ياسين في الصحف اليومية، في ظاهرة غير مسبوقة بالنسبة الى سياسي فلسطيني. ورحب سياسيون ليبراليون امس بدعوة الشيخ ياسين لزيارة الكويت، ورأوا وجود مبررات اخلاقية وسياسية للزيارة، واستبعدوا في الوقت نفسه ان تؤثر الزيارة سلباً في العلاقة الخاصة بين الكويتوالولاياتالمتحدة على خلفية الموقف الاميركي المتحفظ تجاه "حماس". وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور شملان العيسى ان هذه الزيارة "سوف تفتح المجال لحوار صريح ومتكامل مع الجانب الفلسطيني، وآن الأوان لفتح هذا الحوار ليس مع "حماس" فحسب، بل مع كل القيادة الفلسطينية". وتابع في حديث لپ"الحياة" ان "الضغوط الاسرائيلية والدولية كبيرة جداً الآن على القيادة الفلسطينية ونحن نتحمل جزءاً من المسؤولية اذا حدث أي تفريط في القضية الفلسطينية". واعتبر ان ما يحدث على الساحة الفلسطينية "لا يسمح بأن نستمر هنا بالحديث عن غزو عراقي وموقف فلسطيني معين تجاهه، فالموضوع هو مستقبل القدس وهو أكبر من الكويت...". وأضاف العيسى: "لدينا علاقاتنا الجيدة مع الولاياتالمتحدة، ولكن في شأن القضية الفلسطينية لدينا ايضاً تحفظ عن الموقف الاميركي منها". أما الدكتور احمد بشارة الأمين العام لپ"التجمع الديموقراطي الكويتي" فيرى دعوة الأب الروحي لحركة "حماس" لزيارة الكويت "محاولة واضحة للحكومة الكويتية لاستقطاب المزيد من الأطراف العربية لكسر التحالفات التي أقامها النظام العراقي مع اطراف مختلفة ومنها حماس". وأضاف: "هذه محاولة ذكية سياسياً ولكن هل يجدي التعاون مع حماس بهذه الطريقة؟ فالشيخ ياسين رمز روحي ولا أعتقد أنه في وضع يسمح له بالسيطرة على الوضع داخل حماس بحكم سنّه وحاله الصحية". ويستبعد الدكتور بشارة وجود تحفظ أميركي عن زيارة الشيخ ياسين للكويت، ويقول: "الأميركيون ليسوا بعيدين عن الاتصال بالمنظمات المتطرفة، وربما كانت جولة ياسين الحالية عملية جر لپ"حماس" نحو موقف معتدل تمهيداً للتسوية، والأميركيون لا تضيرهم زيارته العربية بل تعطيهم مجالاً للمناورة".