لندن - "الحياة"، رويترز، أ ب - اضطر وزير الخارجية البريطاني روبن كوك لإلغاء محاضرة كان من المقرر ان يلقيها أمس في اجتماع للمجلس اليهودي البريطاني في بورنموث جنوب انكلترا لكي يبقى في العاصمة، في محاولة لاحتواء مضاعفات أكبر فضيحة تتعرض لها حكومة العمال بزعامة رئيس الوزراء توني بلير منذ فوزه في الانتخابات العامة في أيار مايو العام الماضي. وتتعلق الفضيحة باتهام وزارة الخارجية بتواطؤه مع شركة "ساندلاين" البريطانية بإرسال أسلحة، انتهاكاً لحظر دولي، ومرتزقة لإطاحة الحكومة الانقلابية في سييراليون واعادة رئيسها السابق الى السلطة. وهي تهمة نفاها كوك ووزيرا الدولة للشؤون الخارجية بشدة. واتخذت القضية منحى خطيراً أمس حين نشرت صحيفة "صنداي تايمز" صورتين لمهندسين تابعين لسلاح الجو البريطاني وهما يقومان بأعمال صيانة لطائرة هليكوبتر تابعة لشركة "ساندلاين" استخدمها مرتزقة شاركوا في اطاحة النظام العسكري السيراليوني في آذار مارس الماضي. كذلك نقلت صحيفة "صنداي ميل" عن مسؤولين في وزارة الدفاع تأكيدهم ان وزراء بريطانيين كانوا على علم بعمليات "ساندلاين". ولكن كوك نفى مجدداً، في مقابلة مع شبكة التلفزيون البريطانية "بي. بي. سي" أمس، ضلوع وزارته في العملية وقال ان لجنة مستقلة ستحقق في الأمر. وذكرت "صنداي تايمز" أن الجنود البريطانيين الذين ظهروا في الصورتين المنشورتين على صفحتها الأولى كانوا يعملون على ظهر الفرقاطة "كورنويل" التي ارسلتها الحكومة البريطانية الى سييراليون لنقل مساعدات انسانية الى البلاد. وزعمت الصحيفة ان الصورتين تدعمان ادعاء "ساندلاين"، وهي شركة متخصصة في بيع أسلحة وتوفير مرتزقة، بانها ساعدت في اطاحة الحكومة العسكرية في سييراليون بمعرفة مسؤولين في الحكومة البريطانية. ولكن كوك أوضح في المقابلة التلفزيونية أن الصورتين "هما لهليكوبتر تابعة لقائد قوات غرب افريقيا ... انها بالتأكيد هليكوبتر مستأجرة من شركة ساندلاين، ولكنها كانت على متن الفرقاطة كورنويل وليس لأنها الفرقاطة كانت تتعاون مع المرتزقة، بل لأن قائد القوة الافريقية كان يتعاون مع الجهود الانسانية التي كانت تقوم بها الفرقاطة". يذكر ان كوك أكد الأسبوع الماضي أنه لا هو أو أيا من وزراء الدولة للشؤون الخارجية كانوا على علم بنشاطات المرتزقة، فيما اعلن بلير أن أي وزير أو موظف حكومي يثبت انه انتهك قرار الاممالمتحدة في 1997 حظر تصدير أسلحة إلى سييراليون سيُحاسب. وكانت الصحيفة ذاتها ذكرت الاسبوع الماضي ان سلطات الجمارك البريطانية تجري تحقيقاً في قيام "ساندلاين" بتصدير أسلحة الى سييراليون على رغم الحظر الدولي. ولكن الشركة اعلنت انها حصلت على موافقة رسمية بتصدير أسلحة قيمتها عشرة ملايين دولار بموجب عقد مع الرئيس السييراليوني أحمد تيجان كباح، الذي أطاحه انقلاب عسكري في أيار مايو 1997، في عملية أدت الى عودته الى السلطة بفضل تدخل عسكري نيجيري. وأضافت الشركة ان وزارة الخارجية الاميركية دعمت ايضا تلك الاجراءات. ونشر محامو الشركة نص رسالة كانت وجهتها الى كوك شخصيا في 24 نيسان ابريل الماضي أي قبل أسبوعين من نفي وزير الدولة لشؤون افريقيا توني لويد رسميا في البرلمان أي علم لوزارة الخارجية بنشاطات "ساندلاين" شكت فيها من اجراءات الجمارك البريطانية وذكّرته بأن نشاطها في سييراليون يحظى بدعم وزارته. وبعدما نشرت رسالة الشركة الى كوك وجه لويد رسالة الى اللجنة المعنية في البرلمان اعلن فيها انه "ارتكب اخطاء" في المعلومات التي أدلى بها، ولكنه لم يحددها. من جهة أخرى، ذكرت صحيفة بريطانية أخرى هي "ذا أوبزيرفر" أن كبار المسؤولين في وزارة الخارجية فسروا، على ما يبدو، قرار الاممالمتحدة بأن الحظر يشمل فقط تزويد الحكومة الانقلابية السييراليونية بالأسلحة، ولا يشمل حكومة كباح المُطاحة التي اعلنت لندن دعمها لجهوده في العودة الى السلطة.