بلغ حجاج بيت الله الحرام، فجر اليوم الثلثاء، مشعر منى صبيحة عيد الأضحى المبارك بعدما منَّ الله عليهم بالوقوف في عرفات ثم توجهوا بعد مغرب أمس إلى المزدلفة وقضوا فيها ليلتهم. وسجلت الدوائر الرسمية في السعودية نقصاً في أعداد الحجاج بلغ 47826 عن عدد حجاج السنة الماضية. وذكرت مصادر أمنية ل "الحياة" ان الحجاج استكملوا خطط نفرتهم إلى المزدلفة مساء أمس في أقل من ثماني ساعات بدأت مع غروب شمس الاثنين - وقفة عرفات - واستكملوا المرحلة الثانية إلى منى في وقت قياسي مقارنة بالسنوات الماضية. وبررت المصادر نفسها نجاح خطط المرحلتين الأولى والثانية بالحركة الانسيابية التي مرت بها مواكب الحجيج. ولم تسجل الدوائر الأمنية في الحج حوادث تذكر خلال المرحلتين اللتين تعدان أهم المراحل في خطط التنقل وصولاً إلى منى. وتمنى مدير الأمن العام السعودي الفريق الأول الركن محمد أحمد بلال، في تصريح صحافي، استمرار الحال الأمنية التي وصفها حتى ليل أمس بأنها "ممتازة" طوال الأيام المتبقية من موسم حج هذا العام. ويبقى الحجاج في مشعر منى من يومين إلى ثلاثة أيام، فضلاً عن يوم العيد. وتسمى الأيام الثلاثة بأيام التشريق وفيها يسن للحجاج رمي الجمرات. وكان نحو مليوني حاج وقفوا في عرفات، أمس، إذ بلغ عدد الآتين منهم من خارج السعودية أكثر من مليون ومئة ألف حاج، فيما سجلت العام الجاري زيادة في أعداد حجاج الداخل من السعوديين والمقيمين في السعودية، خصوصاً بعدما أعلن أن تنظيماً سيصدر لتحديد نسبة الحجاج الآتين من داخل السعودية العام المقبل، تمهيداً لاستقبال المزيد من ضيوف الرحمن في الأعوام المقبلة. ويرجح المراقبون ان يكون النقص في أعداد حجاج الخارج ناجماً عن التغيرات الاقتصادية التي حدثت في بعض دول العالم، وفي مقدمها الدول الآسيوية. واستقبل الحرم المكي الشريف العائدين من صعيد عرفات بعد فراغهم من أداء الجزء الأكبر من مناسك الحج لصلاة عيد الأضحى المبارك واداء طواف الافاضة حتى غصت بهم جنبات الطرق من منى التي تبعد عن مكةالمكرمة نحو 12 كلم إلى المسجد الحرام وسط تهليل وتكبير على تسهيل أداء فريضة الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام. وتربط بين منى والمسجد الحرام شبكة طرق حديثة ضمنها 54 نفقاً تخترق الجبال المحيطة بالحرم المكي الشريف، ويبلغ طول الانفاق 30 كيلومتراًَ خصص منها 10 انفاق للمشاة و44 نفقاً للسيارات. يذكر أن 5268 حاجاً عراقياً يؤدون الحج هذه السنة منهم 4268 قدموا من العراق بعد غياب جاوز خمس سنوات عن أداء الفريضة، بعدما أعلن العراق عزمه على ارسال أكثر من عشرين ألفاً من العراقيين لأداء الحج. وشهد بعض الحجاج أمس تغيير كسوة الكعبة المشرفة جرياً على العادة السنوية، وقدرت كلفة الثوب الجديد للكعبة بأكثر من 17 مليون ريال أكثر من 5،4 مليون دولار، وهو أعدّ في مصنع خاص بكسوة الكعبة في مكة، وطرز الثوب بالذهب والحرير في الثلث الأعلى منه. ويبلغ ارتفاع ثوب الكعبة 14 متراً، كتبت عليه آيات قرآنية بالذهب الخالص واحيطت بزخارف إسلامية، واستخدم في صناعة الكسوة ألف كلغ من الحرير والذهب والفضة. ويحرص المسؤولون على تبديل كسوة الكعبة في هذا اليوم لانشغال الحجاج بالوقوف في عرفات، ما يسهل عملية الابدال. وأعلن وزير الصحة السعودي الدكتور اسامة شبكشي، امس، عقب جولة قام بها في مستشفيات ومراكز عرفات الصحية ان حال الحجاج الصحية في عرفات "مطمئنة جداً، والوضع الصحي ممتاز للغاية. من جهته دعا وزير الحج السعودي الدكتور محمود بن محمد سفر امس الأمة الاسلامية الى ان "تستلهم من شعائر الحج ومناسكه ماضيها المشرق من اجل حماية كيانها وصيانة مقدراتها من العبث في عالم يزخر بالمتناقضات وتهدده الاطماع وتحركه المصالح". ومن منبر مسجد نمرة، المكان الذي وقف النبي صلى الله عليه وسلم فيه خطيباً في المسلمين في حجة الوداع التي سبقت وفاته، وقف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، نائب المفتي العام للسعودية وعضو هيئة كبار العلماء، خطيباً في 250 الف حاج امتلأت بهم صفوف المسجد. ودعا آل الشيخ المسلمين في خطبته الى "توحيد الله بما يليق بجلاله، وصرف العبادات كلها لله وحده، واتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم والالتزام بما جاء عنه من أوامر ونواه". وطالب خطيب عرفة المسلمين بالبعد عن الغلو في الدين، وشدد على خطورة ظواهر التكفير والتفسيق والتبديع رمي الآخرين بأنهم كفار أو فساق او مبتدعون، وحذر من خطورة الفرقة والاختلاف. وبانتهاء يوم عرفة، الذي يعتبر اهم اركان فريضة الحج، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة"، يكون الحجاج قد أدوا أهم مراحل رحلة الحج.