عشية اختتام دورة برلين التي انتزعت ايطاليا ميدالية مسابقة كرة القدم الذهبية فيها على حساب النمسا، انعقدت الجمعية العمومية للاتحاد الدولي في 15 آب اغسطس 1926 في قاعة اوبرا كرول واختارت فرنسا لاستضافة كأس العالم الثالثة عام 1938 على حساب الارجنتين، واذا ارتسمت الابتسامة على شفتي رئيس الاتحادين الدولي والفرنسي جول ريميه فان الغضب كان رد الفعل المنطقي والمباشر للارجنتينيين الذين قرروا مقاطعة المسابقة وهم الذين كانوا يرون ان مبدأ المداورة في تنظيم كأس العالم بين اوروبا واميركا اللاتينية يجب ان يحترم ويستمر. ومع الارجنتين غابت الاوروغواي ايضاً عن التصفيات لان منتخبها لم يكن مرة جديدة في احسن حالاته. لكن اذا مر تخلف الثانية مرور الكرام، فان تخلف الاولى اثار ردود فعل عنيفة من قبل الجمهور المحلي الذين تظاهروا امام مقر الاتحاد المحلي ففرقتهم الشرطة. وشاركت 27 دولة في التصفيات لحجز 14 بطاقة البطاقتان 15 و16 لفرنساوايطاليا. ومع ان النمسا تأهلت على حساب لاتفيا في المجموعة الاوروبية العاشرة فانها لم تخض النهائيات لان القوات الالمانية اجتاحت النمسا في 12 آذار مارس وضمتها الى اراضيها. كذلك ضم منتخب المانيا اكثر من لاعب نمسوي، ولم يكن بينهم طبعاً ماتياس زينديلار احد نجوم مونديال 1934 لانه يهودي، وقد انتحر في 22 كانون الثاني يناير 1939. وتساءل الجميع: هل ستبصر كأس العالم النور؟ فقد اشتم الجميع رائحة البارود في غير مكان، في النمسا كما في اسبانيا والصين حيث كانت تعصف الحرب الأهلية ولم يكن غياب اسبانيا عن التصفيات مفاجئاً. وفي خطوة فريدة قدم المكان الذي شغر بغياب النمسا لانكلترا باعتبارها مهد اللعبة ولان مشاركتها ستسهم في ارتفاع المستوى لكن رئيس الاتحاد الانكليزي ستانلي راوس الذي انتخب بعد ذلك رئيساً للاتحاد الدولي رفض. وانسحبت مصر امام رومانيا في التصفيات، وخسرت فلسطين امام اليونان 1/3 وصفر/1 في 22 كانون الثاني يناير و20 شباط فبراير. ومن مفاجآت التصفيات تعثر يوغوسلافيا امام النروج. وللمرة الاولى والوحيدة في النهائيات ترك للقرعة وحدها أمر تحديد طرفي كل مباراة من مباريات الدور الاول من دون اختيار رؤوس للمجموعات، وطريقة الحذف هي التي اعتمدت. مجزرة اهداف وقد شهدت مباراة البرازيل وبولندا مجزرة اهداف، وكما هطلت الامطار هطلت الاهداف الى ان بلغ عددها 11 وفازت البرازيل 6/5. وشكل البرازيليون بقيادة مدافعهم العملاق دومينغو داغويا 92.1م ومهاجم ليونيداس دا سيلفا وهو افضل قلب هجوم في اميركا الجنوبية، متعة الدورة بكرتهم الغريزية ورشاقتهم ودقتهم، وهم تقدموا في الشوط الأول 3/1 ثم انتفض البولنديون في الشوط الثاني فتساوت النتيجة 4/4 مع انقضاء الدقائق التسعين. ومع غزارة المطر في الشوط الثاني، وهذا ما اعاق البرازيليين، خلع ليونيداس حذاءه فأمره الحكم السويدي ايكلند بانتعاله من جديد تطبيقاً للقوانين فانصاع للامر طبعاً ثم سجل هدفين في الوقت الاضافي رافعاً عدد اهدافه الى 4 في سجل فيلليموفسكي هدفاً واحداً لبولندا رافعاً عدد اهدافه الى 4 ايضاً. وفجرت كوبا مفاجأة بفوزها على رومانيا ومنتخبها العجوز الذي ضم 3 لاعبين من مونديال 1930 2/1 في مباراة معادة، وثبتت هولندا امام تشيكوسلوفاكيا شوطاً واحداً ثم سقطت صفر/3، واكتسحت هنغاريا جزر الهند الانديز الهولندية 6/صفر ولم تجد فرنسا صعوبة في التخلص من بلجيكا. وعانت ايطاليا لتخطي النروج 2/1 في الوقت الاضافي بعدما تألق الحارس الايطالي اوليفيرا وكذلك قلب الهجوم بيولا صاحب هدف الفوز وعضو المنتخب الفائز بذهبية اولمبياد برلين 1936. ومع ان المانيا دعمت صفوفها باكثر من نمسوي فانها تعادلت وسويسرا 1/1 ثم اشرك منتخبها الشهير سيب هربرغر 4 لاعبين جدد في المباراة المعادة وتقدمت 2/صفر قبل ان تفوز سويسرا 4/2. ولانسحاب النمسا بلغت السويد الدور الثاني من دون لعب. فضيحة بوردو واستهلت السويد مبارياتها باكتساح حقيقي لكوبا 8/صفر في الدور الثاني مع ثلاثة اهداف لكل من اندرسون وفيتر شتروم، وتغلب هنغاريا على سويسرا 2/صفر. وامام 58455 متفرجاً، ثبتت فرنسا شوطاً واحداً امام ايطاليا حاملة اللقب فتعادلتا 1/1 ثم انهارت في الشوط الثاني بعدما دك بيولا شباكها مرتين فباتت أول دولة تنظم المسابقة وتفشل في احراز كأسها. ولم يضم منتخب ايطاليا سوى لاعبين من منتخب 1934 البطل وهما مياتزا وفيراري. ووصفت مباراة بوردو بين البرازيل وتشيكوسلوفاكيا بالفضيحة لانها كانت معركة حقيقية طرد الحكم المجري هيرسكا خلالها التشيكي ريها والبرازيليين ماكادو وزيزيه واصيب البرازيليان ليونيداس وبيراكا ونقل الحارس التشيكي بلانيكا وزميله المهاجم لينيدلي الى المستشفى لاصابتيهما بكرتين في القدم والذراع على التوالي. وعندما انتهت المباراة كان هناك 8 تشيكيين و9 برازيليين على ارض الملعب. وبعد يومين اعيدت المباراة وكانت نظيفة فاشرك البرازيل فيها 9 لاعبين جدداً وتشيكوسلوفاكيا 6، وفازت الاولى 2/1 فاعتبر اليوم التالي في 14 حزيران يونيو يوم عطلة غير رسمية في البرازيل. الخطأ الفادح واعتقد مدرب البرازيل اديمار بينمتا ان المباراة ضد ايطاليا في الدور نصف النهائي في مرسيليا ستكون مجرد نزهة باعتبار ان الايطاليين الجدد لن يشكلوا خطراً على منتخبه، فدفع ثمن الخطأ التكتيكي غالياً لانه فضل اراحة المهاجمين ليونيداس وتيم للمباراة النهائية على حد قوله. وقدم الايطاليون مباراة رائعة وتقدموا في الدقيقة 56 بهدف احرزه كولاوسي فثارت ثأئرة البرازيليين الى ان ارتكب مدافعهم داغويا خطأ متعمداً ضد قلب الهجوم بيولا داخل منطقة الجزاء فسجل مياتزا هدفاً ثانياً، ولم يكن للهدف المتأخر الذي سجله روميو للبرازيل اي تأثير الا على صعيد حفظ ماء الوجه وتأهلت ايطاليا للمباراة النهائية على غرار ما فعلت قبل أربع سنوات. واعتقد البرازيليون ان الحكم السويسري هانز فوتريخ حرم منتخبهم من ان يصبح بطلاً للعالم. وفي الواقع، فان المنتخب البرازيلي لم يكن مؤهلاً لمثل هذا اللقب الكبير، وبرغم المهارات الفذة للاعبيه فان اللعب الجماعي شكل عثرة في طريقه فضلاً عن عامل النقص في الخبرة. وفي المباراة الثانية من دور الاربعة، في باريس، فازت هنغاريا على السويد من دون ضجيج 5/1 علماً بأن الهدف السويدي سجل بعد 35 ثانية فقط، وتبين بالتالي ان فوز السويد على كوبا 8/صفر لم يكن اكثر من سراب. وفي مباراة التعويض هزمت البرازيلالسويد 4/2 فحلت ثالثة، وسجل ليونيداس هدفين وتوج هدافاً للمسابقة، واسف الكثيرون بالطبع للخطأ الفادح الذي ارتكبه مدربه عندما فضل عدم اشراكه امام ايطاليا. قمة ايطالية جديدة وفي كولومب، باريس، امام 45 ألف متفرجأ، احتفظ منتخب ايطاليا باللقب بعدما تمسك بمبدأ الواقعية امام التقنيات الهنغارية. وارتكب منتخب هنغاريا خطأ قاتلاً بتخليه عن منطقة الوسط فجاءت مناورات مياتزا وفيريرا مثمرة، وتقدمت ايطاليا 3/1 في الشوط الأول. واعاد ساروزي شيئاً من الروح الى اللقاء عندما سجل هدف المجر الثاني الى ان قضي الأمر من خلال هدف ايطاليا رابع كان من نصيب بيولا. وفاز الفريق الافضل وبجدارة لا غبار عليها لانه عرف كيف يكون في قمة مستواه في الوقت المناسب. والذين ذاقوا طعم الانتصار للمرة الثانية على التوالي كانوا المدرب فيتوريو بوتزو واللاعبين مياتزا وفيرارا. ونجحت الكأس الثالثة جماهيرياً حيث حضر المباريات ال 19 ما مجموعه 374937 متفرجاً بمعدل 21 ألفاً في المباراة الواحدة. لكن اللقاءات شهدت درجة عالية من الخشونة وان لم تخل من رفعة في المستوى والاثارة. وبعد 14 شهراً، فرض الواقع المظلم نفسه، اذ نشبت الحرب العالمية الثانية وتمزقت شعوب المنتخبات التي تنافست بشرف في الملاعب الفرنسية مع منتخبات شعوب كثيرة اخرى. نتائج وهدافون اقيمت 19 مباراة في الكأس الثالثة وسجل فيها 84 هدفاً بمعدل 42.4 هدف في المباراة الواحدة. وتوج البرازيلي ليونيداس هدافاً لها برصيد 8 أهداف. وهنا النتائج والهدافون. - الدور الأول: سويسرا 1 أبيغلين - المانيا 1 غاوشل. سويسرا 4 فالاتشيك وبيكل وابيغلين 2 - المانيا 2 هانيمان ولورتشر. كوبا 3 توناس وماكوينا وسوزا - رومانيا 3 كوفاتشي وباراتكي ودوباي. كوبا 2 سوكورو وماكوينا - رومانيا 1 دوباي. المجر 6 كوهوت وتولدي وساروزي 2 وتشينغيلر 2 - الانديز الهولندية صفر. فرنسا 3 فينانت ونيكولا 2 - بلجيكا 1 ايزمبورغ. تشيكوسلوفاكيا 3 كوستاليك وبوتشيك ونييدلي - هولندا صفر. البرازيل 6 ليونيداس 4 وبيراكو وروميوا - بولندا 5 فيلليموفسكي 4 وبيونتيك. ايطاليا 2 فيراري وبيولا - النروج 1 بروشتاد. - ربع النهائي: السويد 8 اندرسون وفيترشتروم 4 ويوناسون ونايبرغ وكيلر - كوبا صفر. المجر 2 تشينغيلر 2 - سويسرا صفر. البرازيل 1 ليونيداس - تشيكوسلوفاكيا 1 نييدلي من جزاء. البرازيل 2 ليونيداس وروبرتو - تشيكوسلوفاكيا 1 كوبتشكي. - نصف النهائي: ايطاليا 2 كولاوسي 2 وبيولا 2 - المجر 2 تيتكوش وساروزي. مثل ايطاليا: اوليفييري - فوني ورافا - سيرانتوني واندريولو ولوكاتيللي - بيافاتي ومياتزا وبيولا وفيراري وكولاوسي. متفرقات - سجل 3 لاعبين أربعة اهداف في مباراة واحدة هم البرازيلي ليونيداس في مرمى بولندا والسويدي فيسترشتروم في مرمى كوبا والبولندي ارنست فيلليموفسكي في مرمى البرازيل. - احرزت هنغاريا أكبر كم من الاهداف في الدورة 15 هدفاً. - فشل منتخب هولندا والانديز الهولندي في تسجيل اي هدف. - السويد هي أول دولة تسجل 8 اهداف في مباراة واحدة. - اشركت البرازيل وحدها جميع لاعبيها ال 22 في المسابقة. - طرد 4 لاعبين هم الالماني هانز بيسر امام سويسرا، والبرازيليان زيزيه بروكوبيو وماكادو امام تشيكوسلوفاكيا، والتشيكي يان ريها امام البرازيل.