على رغم نعي كاتبنا فردريك معتوق في زاويته "سمعاً وبصراً" غياب مجلة "لوريان - اكسبرس" عن ميدان الصحافة اللبنانية جانبه التوفيق في إخفاء مدى تعصبه للثقافة الفرانكفونية الذي كان شديد الوضوح في تباكيه على انحسار "مد نفوذ لغة موليير وثقافة فولتير" الى درجة نعت الشعب اللبناني كله بالجشع "اهل البلاد والعباد وعلى تكوين ذهنهم الفينيقي الجشع". وتوقع ان ينتظر لبنان مستقبل مظلم "فإن كان هذا هو لبنان الجديد... فإن الامور لا تبشّر بالخير". كل تلك الصفات والتوقعات للبنان وشعبه ونخبه ورجاله بل وعجز مشروع الرئيس شيراك الفرانكفوني عن النجاح لم ينج من النقد والضم الى... "دلالات غياب مجلة" الذي كان عنوان المقال. وفي الوقت الذي لا يتوانى فيه "كل من يقرأ" عن الشعور بالحزن لاختفاء مطبوعة راقية سواء كانت تعنى "بظواهر الحياة اليومية والعملية في لبنان والبلدان العربية بلغة اجتماعية وعين ناقدة" او كانت مطبوعة ادبية او ثقافية او علمية ولكن لا يسع المرء الا ان يستغرب مدى ما يثيره اختفاء مجلة تصدر بلغة اجنبية من مشاعر تصل بمرارتها ان ينقلب الكاتب على وطنه وشعبه ومستقبل بلده فإن كان التباكي على الثقافة وليس على اللغة فالثقافة تكتب بكل اللغات، فنبي جبران بالانكليزية، وصخره معلوف بالفرنسية، بل ومتشائل اميل حبيبي بالعبرية. ان الاطلاع على الثقافات العالمية امر مرغوب بل ومطلوب ولكن الانتماء روحاً وفكراً الى تلك الثقافات مرفوض وممقوت فكيف اذا وصلت الحال الى درجة من التعصب لتلك الثقافات الى درجة ينقلب المرء على وطنه وشعبه وجذوره الثقافية. فإن كانت "اللوريان - اكسبرس" مجلة ناقدة راقية بلغة اجتماعية كما وصفها فردريك معتوق فلماذا لم تخاطب المجتمع بلغته لا بلغة اجنبية لا تفهمها الا شريحة محدودة. فالأولى بالباحثين عن النكهة والطعم الفرنسيين ان يبحثوا عنها في جبال صنين وصخور الروشة وغابات الأرز.