تناول الشاي عند أهل المدينةالمنورة عادة قديمة، ومتعة يومية، تختلف عنها لدى سكان المدن والمناطق السعودية الأخرى. فهي ممارسة جماعية تتم عند المدينيين وفق طقوس اجتماعية، وفي أوقات محددة من اليوم، كما أن لهم طريقتهم الخاصة التي يتميزون بها في تحضير الشاي وتقديمه للمدعوين على طاولة خشبية قريبة من الأرض تسمى "التختة"، حيث الشاي المعطر، الذي يتميز بنكهاته العديدة التي تطغى على نكهة أوراق الشاي المجففة ومذاقها، يعطر الأحاديث في مجلس الشاي الذي يسمى "الدّكّة" ويقع في الشارع بجانب مدخل البيت. وربما نشأت هذه العادة في المدينة لوجود أنواع من النعناع تزرع فيها، هي النعناع المديني والحساوي والدوش واللمام والنوامي. ولشدة ولع سكان المدينة في إضافة نكهات إلى الشاي، وبسبب اندثار أنواع النعناع الآنفة، يجعلهم يتجهون إلى بدائل أخرى من النكهات، كحبات الهال أو القرنفل أو أوراق الليمون، إلى جانب نكهة النيم والعطرة والورد المديني. أما الأوقات المفضلة لشرب الشاي المعطر عند أهل المدينة فهي فترتا الضحى والعصر. كما يتناولون بين الوجبات مغلي أوراق النعناع المديني الذي يطلقون عليه اسم الشاي الأخضر، نسبة الى لونه المكتسب من غلي اوراق النعناع من دون شاي. ويفضلون شرب هذا النوع من الشاي بعد وجبة العشاء للاعتقاد السائد بأنه يساعد على الهضم. وتصاحب عادة شرب الشاي المعطر في المدينة عادة أخرى قديمة لا يزال أبناؤها يمارسونها حتى الوقت الحاضر، يطلق عليها "التلبيبة"، ويقصد بها تناول وجبة غذائية خفيفة، كالكعك والشابورة البقسماط وقت الأصيل وبعد الغروب، نظراً لتأخيرهم وجبة العشاء إلى وقت متأخر من الليل. وعلى الرغم من حب المدينيين التقليديين لتحلية الشاي داخل الأبريق، فإن ظهور جيل جديد يفضل تناول الشاي المرّ جعل تلك العادة تندثر تقريباً. وكما أن وجود الانسان في مكان ما يجعله يفعل ما يفعله سكان ذلك المكان، فإن اهالي المدينة يحضون من يزور المدينةالمنورة على تناول الشاي بطريقتهم الخاصة. ولنا أن نتخيل عدد مكتسبي هذه العادة، إذا عرفنا أن أكثر من مليون زائر يفد إلى المدينة كل عام.