القدس المحتلة - رويترز - ليس من المعتاد ان تظهر صور الحاخامين بزيهم الاسود التقليدي على اغلفة مجلات الاثارة أو بين قوائم اجمل مئة شخص في اسرائيل. لكن الحاخام شلومو بن عزري عضو حركة "شاس" الدينية المتشددة ليس رجل دين تقليدياً، فهو نائب وزير متدين اشتهر عنه انه كان يشبه الى حد كبير النجم الاميركي جون ترافولتا عندما كان طالباً في المدرسة الثانوية وكانت اهتماماته تتجه ناحية التمثيل وكرة القدم وعروض الازياء. ويوفر ماضي بن عزري العلماني عندما تسمعه يرويه رداً جزئياً على سؤال: لماذا لم يكن نفوذ الاحزاب الدينية في اسرائيل التي تحتفل بمرور 50 عاماً على تأسيسها اكبر مما هو عليه الآن؟ ويقول بن عزري ان الحركة في امكانها مضاعفة قوتها في الانتخابات المقررة في السنة 2000، لأن "المزيد من العلمانيين في اسرائيل اصبحوا يدلون باصواتهم لمصلحة الاحزاب الدينية ... انهم يبحثون عن ذواتهم ... عن اليهودية في حياتهم". ومن الامور ذات الدلالة ان نفوذهم اتسع الى حد انه بات في مقدورهم اسقاط رئيس الوزراء أو الابقاء عليه. ورغم كون رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو مبتدئاً في عالم السياسة، الا انه دخل المعركة مسلحاً باستعداد دائم لارتداء غطاء الرأس اليهودي التقليدي وبسعي دؤوب الى كسب ود الحاخامين والمتدينين ومانحي التبرعات للساسة، الأمر الذي مكنه من هزيمة رئيس الوزراء السابق شمعون بيريز في انتخابات 1996... ففي اللحظة الاخيرة من المعركة الانتخابية، استجاب كبار رجال الدين لنداء نتانياهو الحصول على دعم اتباعهم في مجتمعاتهم حيث تتحول التعليمات التي يهمهم بها الحاخام ما يشبه الوصاية المقدسة. وفعلاً اقلعت طائرات تقل يهوداً من نيويورك للمشاركة في الانتخابات، ووضع العديد من المتشددين الذين لم يدلوا بأصواتهم في السابق أول ورقة اقتراع لهم تأييداً لنتانياهو. ودخلت الاحزاب الدينية أروقة الدوائر الحاكمة في اسرائيل منذ دعاها ديفيد بن غوريون الى الانضمام الى "الحكومة الاسرائيلية". وأحكم بن غوريون قبضته على الشؤون الخارجية والدفاعية فيما سيطر الحاخامون على قوانين الطوارئ وغيرها من القضايا الداخلية التي لم يكن لها شأن كبير في ذلك الوقت. لكن كل ذلك تغير بعد حرب 1967 عندما استولت اسرائيل على اجزاء كبيرة من الاراضي الوارد ذكرها في التوراة باعتبارها "أرض اسرائيل" من خلال الاستيلاء على الضفة وقطاع غزة. وفوراً بدأ الشباب من المتدينين اليهود في تأسيس حركة واقامة مستوطنات في الاراضي المحتلة التي قرر الحاخامات انها يجب الا تعود ابداً الى سيطرة غير اليهود. وعلى مدى عشرة اعوام تحول الحزب القومي الديني من مجرد فصيل الى رأس حربة السياسة الاسرائيلية المتشددة. وظهر نفوذ القوة الدينية المؤسسة حديثاً في نهاية السبعينات عندما ادى احتجاج الكنيست الاسرائيلية على اقامة احتفال عسكري في يوم السبت، وهو العطلة اليهودية، الى انهاء 29 عاماً متواصلة من حكم حزب العمل. ومنذ ذلك الحين يضع المستوطنون غالبية جدول اعمال السياسة الخارجية الاسرائيلية ويقودون المتشددين في مكافحة الخطوات التي تساندها الولاياتالمتحدة لانعاش السلام مع الفلسطينيين. وفي ظل القيادة الروحية لكبير الحاخامين اوفاديا يوسف الذي اذهل الاسرائيليين بقوله ان مقايضة الأرض بالسلام أمر وارد اذا كان سينقذ ارواح الناس، اتخذ "شاس" موقفاً وسطياً من قضية الاراضي. وهدد بعض اعضاء الحزب القومي الديني باطاحة حكومة نتانياهو اليمينية اذا سمحت بانسحاب مقترح من اكثر من تسعة في المئة من اراضي الضفة الغربية بمقتضى اتفاقات السلام المرحلية مع الفلسطينيين. ويساند "شاس" الانسحاب، ويقول: "المسألة ليست مسألة عشرة أو تسعة أو 13 في المئة. بل مسألة ما اذا كنا نثق في الفلسطينيين. نحن مستعدون لتسليم 30 في المئة اذا ادركنا انه سلام أمن". وتوقع بن عزري ان يزيد النفوذ الديني في السنوات القليلة المقبلة. وأضاف: "اعتقد انه في غضون نحو عشرة اعوام سيكون لنا رئيس وزراء من حزب ديني".