على رغم الأعياد التي شلت مختلف المؤسسات في لبنان فان غرف العمليات في بعض المستشفيات المعروفة في بيروت لم تهدأ، لكن مرضاها ليسوا بجرحى طوارىء أو مصابين بأوبئة. هم من الأصحاء الراغبين في اجراء عمليات تجميل، وجلّهم ممن يخضع لثاني عملية من نوعها أو للثالثة. ويقول أحد الأطباء من المتابعين لهذه "الموضة" التجميلية ان معظم المرضى هم من النساء بل ان غالبيتهن ممن بلغن الثامنة عشرة ويرغبن في تصحيح شكل أنوفهن أو صدورهن، وبعضهن قاربن الثلاثين ودفعهن الى العملية التجميلية أزواجهن الذين يريدون رؤيتهن "جميلات الى الأبد"! وهؤلاء النساء يتجاوزن عمليات التجميل التقليدية كتصحيح شكل الأنف أو الصدر، الى شد جلد الجفون والوجنتين والرقبة وشفط الدهن المتراكم عند البطن والوركين وشد جلد الأفخاذ وزرع الشعر. "حمى" التجميل في لبنان لها أسباب مختلفة، وإذا كان السبب الأبرز تصحيح ما شوهته الحرب في أجساد اللبنانيين، فإنها أخذت منحى آخر في مرحلة "الاسترخاء لدى بعض الطبقات الاجتماعية". ويرصد أحد الأطباء حالات نفسية مدمرة تعيشها مريضات يلجأن الى عمليات التجميل بغية اصلاح "ما أفسده الدهر"، ويقول رئيس الجمعية اللبنانية للجراحة التجميلية الدكتور ميشال ربيز، وجمعيته فرع من نقابة الأطباء في لبنان، ان عدد الأطباء المنضمين الى الجمعية 32 متخصصاً في جراحة التجميل والترميم في معاهد معترف بها، وان هناك عشرات الأطباء الآخرين في لبنان ممن يمارسون الجراحة التجميلية من دون ان تتوافر فيهم الكفاية المطلوبة لأن هذا النوع من الجراحة يبدو مربحاً لهؤلاء الذين حولوا المهنة "دكاكين". وفي غياب أي احصاء عن نسبة عمليات الجراحة التجميلية في لبنان فان الدكتور ربيز يسجل ارتفاع نسبة الرجال الذين باتوا يخضعون للجراحة التجميلية على رغم ان النساء يشكلن الكفة الراجحة في هذا المجال، أما الأسباب التي تدفع بهؤلاء الى الخضوع للعملية التجميلية فيرصد الدكتور ربيز سببين، أولاً: الحفاظ على المظهر الجميل والشباب الدائم، والثاني الحفاظ على الوظيفة خصوصاً اذا كانت في مجال العلاقات العامة وأصحاب هذه الغاية باتوا كثراً. الجمعية اللبنانية للجراحة التجميلية نظمت خلال الأيام الماضية مؤتمراً مع مثيلتها الفرنسية في فندق "ريفييرا" في بيروت، تم خلاله تبادل الخبرات في مجال العمليات التجميلة خصوصاً في جراحة الأنف الذي يختلف شكلاً بين الشرق والغرب، واطلع الأطباء على احدث الطرق التي توصلت اليها الجراحة على صعيد تجميل الوجه والأذنين والذقن والفك والصدر وعملية شد الوجه بواسطة المنظار عبر جرح لا يتعدى 3 سنتم، واطلعوا على عمليات قشط بشرة الوجه بطريقة الليزر والطريقة الكيميائية. وخرج رئيس الجمعية الفرنسية الدكتور غي هنري مولير بانطباع ان مشكلات جراحي التجميل تشبه بعضها، لكنه ابدى اعجاباً كبيراً بالجراحة التجميلية التي تخضع لها بيروت.