انحسرت موجة الأزياء الشفافة والمكشوفة التي طبعت التصاميم المعروضة في أول أيام "أسبوع لندن للأزيار" مبشرة آنذاك بخريف وشتاء "حارين" على رغم الصقيع، وحلّت مكانها الثياب النسائية الواقعة والأنيقة التي يمكن للمرء ان يتعامل معها في كل ساعات الليل والنهار. والواقع ان اسبوع الأزياء الذي بدأ بعرض مبتكراته لخريف وشتاء 1998 - 1999 في لندن قبل أيام تميز باتزان التصاميم وبساطتها وتنوعها. وبدا واضحاً ان المصممين البريطانيين تعلموا الدرس من المواسم السابقة وفهموا ان اطلاق العنان للأزياء المثيرة غير الواقعية قد يخدم أهدافهم الدعائية، إلا انه لا يخدم أبداً مصالحهم التجارية، فالزي الغريب المثير قد يجتذب اهتمام المرأة وتصفق له بكل حساستها إلا ان القليلات منهن يقبلن على ارتدائه والظهور به في الأمكنة العامة. ولم تكن عودة الأزياء البريطانية الى الواقعية مفاجأة اسبوع الأزياء الراقية، فقد كانت هناك مفاجآت عدة ظهرت في تصاميم الأوروبيين الذين قدموا في عروض الليلة الأولى كل ما جنح اليه خيالهم من عري وشفافية وإبهار تخطى حدود الحشمة. ثم تلوا فعل الندامة وقدموا في بقية أيام الأسبوع التصاميم التي تبرز جمال الأنثى من غير ان تستدر لهف العيون على أنوثتها. وقد ضجت أجنحة العروض بالشكاوى من تقارب وتشابك مواعيد العروض، وكتبت الصحف البريطانية مستغربة سوء تنظيم البرنامج وسوء الادارة، وردت أوساط مجلس الأزياء البريطاني بالقول ان مسؤولية الفوضى تقع على مصممي الأزياء وعلى المسؤولين عن تنظيم العروض. واعترف رئيس المجلس جون هورنر بوجود مشاكل من الناحية التنظيمية، ووعد بتلافيها من خلال أحكام صارمة على المصممين ومساعديهم في الأسابيع المقبلة. افتقد الجميع، في عروض أزياء اسبوع لندن، العارضتين نعومي كامبل وكيث موس اللتين تغيبتا بسبب سفرهما الى كوبا لمقابلة الرئيس فيدل كاسترو وتصوير أفلام دعائية. وتواجد في العروض ياسمين لابون زوجة المغني البريطاني جون لابون والعارضة الاميركية المخضرمة جيري هول زوجة مغنى الرولنغ ستون ميك ياغر التي جاءت كمتفرجة ومعها ابنها الرضيع. أما من حيث التفاصيل، فقد خرج المتتابعون لخطوط أزياء الخريف والشتاء المقبلين بصورة دقيقة عن شكل الموضة المقبلة: التنورة قصيرة جداً أو طويلة بقصة غجرية ضيقة أو مكسورة، الفستان قد يكون واسعاً فوق بنطلون ضيق، ولكنه يلتصق بالجسد في ساعات المساء والليل. الجاكيت طويل طول المعطف أحياناً، يزينها الفراء المصنع باستثناء أزيار تومسا ستراويسكي الذي استعمل الفراء الطبيعي معرضاً نفسه لانتقاذات جماعات الرفق بالحيوان. وتبرز جاكيت الكيمونو على الطريقة اليابانية مع الفستان الطويل في الليل، في حين يبدو الفستان ذو الكتف الواحد الأكثر رواجاً. أما الأقمشة فهي متنوعة: الصوف على أنواعه من الموهير الى الحياكة باليد، والمخمل الرقيق المطرز، والنايلون وجلد الخروف بألوان عدة. وتتأرجح الألوان ما بين الرمادي والفضي والذهبي والأحمر والزهري والباذنجاني. وتحافظ قطع الأكسسوار على مواقعها خصوصاً العقود التي تأحذ مكان الياقة العالية وهي مصنعة من المعدن أو اللؤلؤ أو من الاحجار الملونة. وهناك الشال على أنواعه من المخمل الناعم الى الجوخ المزين بالفراء، وكذلك القبعات التي تقبل عليها النساء الغربيات. أما أزياء فترات المساء، فهي استعراضية مسرحية ملفتة وارستقراطية مطرزة ومرصعة وملونة واسعة أو ضيقة، تصب كل اهتمامها على الجسد المتناسق والقد المياس. وأعدت للمساء خيوط اللوركس المذهبة التي قد تحاك بطريقة الكروشيه. ولم يحصل شعر المرأة على حقه في تصاميم المعرض، ويبدو ان المصممين تناسوه واقتصر اهتمامهم به على الترويج لأكسسوار معين أو قبعة أو ريشة مع ان الشعر، كما يقول مصمم الشعر المعروف روس، تاج جمال المرأة. وجاءت أدوات الزينة الماكياج بسيطة بألوان ناعمة، وتركز الاهتمام على العينيين والشفاه. اما الاحذية، فليكن الله في عون السيدات الأنيقات لأن الكعب طويل ودقيق ومقدمة الحذاء ضيقة... ويذكر شكله بأحذية الخمسينات.