ما ان انتهى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو من اهانة ضيفه وزير الخارجية البريطاني روبن كوك بعد زيارة موقع مستوطنة "هارحوما" على جبل ابو غنيم في القدسالشرقية، حتى اوفد ممثلين عنه يحملان رسالة صارمة الى الرئيس بيل كلينتون تطالبه بعدم نشر تفاصيل مبادرة اميركية طال انتظارها لانعاش عملية السلام المتعثرة. وفي الوقت الذي وجه نتانياهو الصفعة تلو الاخرى الى كوك بدءا بالغاء حفلة العشاء التي كان مقرراً ان تقام على شرفه، مرورا بالامتناع عن مصافحته امام عدسات الكاميرات، وانتهاء بامتناع اي وزير اسرائيلي عن وداع كوك في مطار تل ابيب، كان وزير الصناعة والتجارة نتان تشارانسكي ومستشار نتانياهو السياسي عوزي اراد في طريقهما الى الولاياتالمتحدة لمنع واشنطن من اطلاق مبادرتها في شأن عملية السلام. وقالت وسائل الاعلام الاسرائيلية ان اراد وتشارانسكي سيلتقيان وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت ونائب الرئيس آل غور لاقناعهما بالغاء بنود في المبادرة الاميركية تعارضها اسرائيل. وبث التلفزيون الاسرائيلي ان الحكومة تحاول منع واشنطن من نشر تفاصيل المبادرة المتعلقة بموقف اميركا الداعي الى اعادة الانتشار الاسرائيلي من 13 في المئة من اراضي الضفة. ورأت مصادر ديبلوماسية في القدس ان نتانياهو تعمد المبالغة في رد فعله على زيارة كوك للمستوطنة وافتعال ازمة ديبلوماسية لوأد المبادرة الاوروبية في مهدها اولا، وتوجيه رسالة الى واشنطن مفادها ان اسرائيل لن تقبل بفرض اي مبادرات عليها لا من الولاياتالمتحدة ولا من اوروبا. وخلال الساعات الاربع والعشرين الماضية، اوضحت اسرائيل بما لا يدع مجالا للشك رفضها القاطع لأي دور اوروبي يتجاوز دور "الممول الاقتصادي"، وهو الدور الذي حاول كوك من دون جدوى تطويره في زيارته للمنطقة. ولم تنجح العاصفة الثلجية غير المتوقعة التي اجتاحت المنطقة من التخفيف من تداعيات العاصفة السياسية التي اثارتها اسرائيل في وجه كوك لزيارته جبل ابو غنيم. وبينما كانت طائرته تغادر تل ابيب، انتقد زعيم المعارضة الاسرائيلية ايهود باراك كوك في عنف ووصفه ب "المتعجرف والمتكبر"، مشددا على ان القدس ستبقى عاصمة اسرائىل الموحدة. وقال ان القدس تشكل محور الوفاق بين جميع الاسرائىليين، مشيرا الى انه لا يحق لاي كان التدخل في مكانة اسرائيل السيادية على القدس. ولم يأخذ المدير العام لوزارة الخارجية الاسرائيلية ايتان بن تسور في الاعتبار اقتراب موعد زيارة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لاسرائيل عندما انهال بالانتقادات على كوك واصفا اياه ب "صاحب الكلام الملتوي". وكرر بن تسور ان القدس "ليست من شأن اوروبا". وفي السياق نفسه ا ف ب، كشف التلفزيون الاسرائيلي ان حوارا ساخنا جرى بين نتانياهو ووزير الخارجية البريطانية خلال لقائهما مساء اول من امس في اعقاب زيارته المستوطنة. ونقل التلفزيون عن نتانياهو قوله: "هناك خطوط حمر لا يمكن لاحد تجاوزها، واعادة النظر في سيادتنا على القدسالشرقية هي واحدة من هذه الخطوط". ونقل عن كوك رده: "ستكون هنا عاصمتان وليس من حقكم البناء في القدسالشرقية. وهار حوما مستوطنة". فرد نتانياهو: "لا، هذا خطأ، واتفاقات اوسلو لا تمنعنا من البناء في القدس".