لم ينصف القضاء الفرنسي المسلمين بالحكم بغرامة مالية على الممثلة الفرنسية البالية بريجيت باردو بسبب عنصريتها ومساهمتها في الحملة ضد الاسلام، واطلاق صفات ونعوت عدوانية وحاقدة على المسلمين والمهاجرين العرب في فرنسا وحديثها عن ذبح الخراف… وذبح البشر. ولا شك في ان بريجيت باردو وغيرها من العنصريين خصوصاً بعد زواجها من شاب من عمر ابنها ينتمي للجبهة الوطنية المتطرفة التي يتزعمها جان لوبان يحقدون على كل ما هو عربي واسلامي ويشاركون في حملة اشاعة "الاسلاموفوبيا" التي انتشرت في الغرب خلال السنوات القليلة الماضية بمزاعم "صراع الحضارات" تارة وباسم الخطر الاسلامي القادم تارة اخرى. ولكن علينا ان نعترف أيضاً بأن عدداً من المقيمين في الغرب يمارسون بعض العادات التي تثير الغربيين وتستفزهم، كما انهم نقلوا أساليب حياتهم وبعض الممارسات غير المستحبة لدى "الآخر" مما يعطي العنصريين الذرائع والحجج ويسلمهم السلاح الفعال لتأجيج نار الحملات المغرضة. وقضية ذبح الخراف، أو الأضاحي في عيد الأضحى المبارك في ديار الغرب مثلاً، يمكن ان تتم بطريقة لا تستفز الغربيين وليس على قارعة الطريق وفي منطقة مأهولة بالسكان، وهو أمر لا يسمح به حتى في بلادنا. لكن البعض فعلها في لندن فأثار عاصفة احتجاج من الجيران الذين تقدموا بشكاوى رسمية الى الشرطة. وقرأت أخيراً خبراً من فرنسا جاء فيه ان بلديات فرنسية عدة اتخذت اجراءات صارمة لمنع المهاجرين من المغرب العربي من اقامة أعراسهم واحتفالاتهم على الطريقة المغاربية، بعد ان ازدادت الشكاوى من ممارسات المحتفلين من اطلاق الأعيرة النارية في الهواء وازعاج الجيران والسير في مواكب في الشوارع العامة تثير سياراتها الضجيج. وقد تبنت "الجبهة الوطنية" المتطرفة الحملات ضد المهاجرين بعد ان هيأت رأياً عاماً مناهضاً لهذه الممارسات وغذته بالعنصرية البغيضة، في اطار الحملة المركزة والمتصاعدة على الاسلام والمسلمين بصورة خاصة، والمهاجرين الاجانب بصورة عامة. وهناك قائمة طويلة بالممارسات الفردية في ديار الغرب قد تسيء الى صورتنا، من بينها الخلافات بين أبناء الجاليات وأسلوب معالجتها. كما ان هناك قضية حساسة لا بد من أخذها في الاعتبار ليس في ديار الاغتراب بل على صعيد أوطاننا ولا سيما في بعض الدول العربية وتنعكس سلباً على صورة العرب والمسلمين، مثل تظاهرات الملثمين الذين يحملون السيوف والخناجر والتلويح بها ما يجعلها مادة دسمة للاعلام المعادي لإبرازها والاستفادة من تأثيرها على المتلقي الغربي. وهناك أمر آخر لا بد من التنبيه اليه، وهو شائع في بلادنا منذ زمن بعيد، وأقصد أسلوب حرق الاعلام الاجنبية في التظاهرات الغاضبة، اذ انه يجر الى ردود فعل سلبية وتعميم العداء لدى مواطني الدول المعنية بدلاً من حصره بحكوماتها وسياساتها الخاطئة. فالعلم هو الرمز الوطني الذي يعتبره كل مواطن في الغرب رمزاً مقدساً لا يجوز المس به، وعلينا ان نتخيل مقدار الألم والغضب الذي يشعر به أي مواطن وهو يرى علمه يداس بالأقدام ويحرق. انها عادات سيئة علينا التخلي عنها، والتعبير عن مواقفنا وغضبنا بأساليب حضارية وموضوعية وفعالة.
لقطة من حديث لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم: "آية المنافق ثلاث: اذا حدث كذب، واذا وعد أخلف، واذا ائتمن خان".