تشهد لندن هذا الاسبوع لبنانيين اثنين برزا في الموسيقى الأوروبية عزفاً وتأليفاً، اذ يحيي عازف البيانو عبدالرحمن الباشا امسية في متحف ليتن هاوس في لندن في السابعة والنصف من مساء الجمعة 6 الجاري، يقدم فيها سوناتات من اعمال شوبرت وبيتهوفن ومقطوعة لموريس رافيل، كما يقدم سوناتا من اعمال اللبناني بشارة الخوري من مواليد 1957 الذي سيحضر ايضاً الأمسية التي ينظمها السيد جورج زعني ومؤسسة MECO، ويجري خلالها توزيع برنامج معد يدوياً بأشكال فنية مختلفة يبلغ عددها عدد الحضور، وهي من انجاز الفنان الايطالي باسكال كارينزا. وعبدالرحمن الباشا واحد من ابرز العازفين على البيانو في اوروبا اليوم، يأتي الى موسيقاها من مناخ مختلف، لكنه يقطع نصف الطريق اليها ويحتفظ بالنصف الآخر لنفسه، ومن ذلك خصوصيته وحماسة المستمعين. لبناني من مواليد بيروت لأب موسيقي ومؤلف شرقي وغربي وقائد اوركسترا هو توفيق الباشا ولأم مارست الغناء في الخمسينات والستينات باللون التقليدي العربي وباللون الشعبي اللبناني هي السيدة وداد. في بيت الموسيقى ولد واستمرت تعاليم البيت في اقامته في فرنسا حيث تزوج واستقر، لكنه ابداً في حنين الى بيروت يزورها كلما سنحت الفرصة. وعبدالرحمن الباشا في نشأته وسيرته يشبه صورة الموسيقي النمطية لدى الأوروبيين: نبوغ مبكر وإصرار على المتابعة وشخصية متفردة. اهتم في طفولته بالفيولين وفي التاسعة من عمره درس في بيروت على المعلم زفارت سركيسيان الذي كان بدوره تلميذاً لمارغريت لونغ وجاك فيفرييه البارزين في المدرسة الفرنسية للبيانو. وفي العاشرة من عمره عزف الباشا على البيانو ضمن الاوركسترا، وعندما بلغ الخامسة عشرة قدم أول حفلة خاصة. وتابع الباشا دراسته في كونسرفاتوار باريس فدرس البيانو على بيار سانكان، لكنه نال اربع جوائز، واحدة للبيانو وثانية لموسيقى الغرفة وثالثة للهارموني والرابعة للألحان المترافقة. وتكرست شهرته العالمية عام 1984 لدى نيله جائزة ملكة بلجيكا عقب منافسة صعبة، لكنه لم يستثمر الفوز بتلبية دعوات لإحياء حفلات كثيرة بل آثر الانصراف الى ريبرتواره في موسيقى الغرفة والسمفونيا فأظهر طابعه الخاص في طريقة العزف. عازف ماهر يركز على كلاسيكيات فيينا بقدر اهتمامه بشوبان ورحمانينوف ورافيل وبروكوفييف. ومساء يوم الجمعة المقبل يستمع الجمهور الانكليزي والعربي المقيم الى عزف عبدالرحمن الباشا، وربما يبقى في الذاكرة أداؤه لرافيل، كأن نقرة البيانو تفتح على مطر الربيع ينعش ارضاً وبشراً وذاكرة.