باشر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير وليد جنبلاط تحركاً نحو احزاب من كل الاتجاهات، من منطلق "الانفتاح والحوار على قاعدة القبول بالآخر والاعتراف بخصوصياته وترسيخاً لإرادة العيش المشترك التي هي من مبررات وجود لبنان ومن عوامل استمراره الاساسية". فزار امس على رأس وفد من قيادة الحزب مقر حزب الوطنيين الاحرار في السوديكو والتقى رئيسه دوري شمعون وعدداً من اعضاء المجلس الاعلى، وقيادة الحزب الشيوعي اللبناني، على ان يزور لاحقاً حزبي الكتلة الوطنية والكتائب اللبنانية، علماً انه كان التقى مسؤول الطلاب في "التيار العوني" الدكتور كمال يازجي. وقوبلت زيارة جنبلاط، وهي الأولى له، لمقر "الاحرار" بحفاوة وحرارة. وبعد خلوة بينه وبين شمعون واركان الحزبين، صدر بيان مشترك اكد "تكثيف الاتصالات بين القيادتين وقواعدهما وتعميم التجربة لتشمل كل اصحاب الارادات الطيبة والعاملين بإخلاص لمعالجة تراكمات سنوات الحرب المشؤومة ومداراة ما خلفته من جراح، ما يساعد الوطن على بلوغ شاطئ الامان ويدعم استقلاله وسيادته واستقراره". ودعا الى "الافادة من استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية لتوفير دينامية تقارب وحوار وتفاعل بين المواطنين عموماً وأهل الجبل خصوصاً تحت عنوان المصلحة اللبنانية العليا انطلاقاً من تأمين مصالح البلدات والقرى، وتشكيل لجان متابعة مشتركة لهذا الغرض". وشدد على "وضع امكانات الحزبين، في هذه المرحلة بالذات، في خدمة عودة المهجرين واستكمال مستلزماتها على الصعد كافة، بدءاً من بناء الثقة وتحقيق المصالحة وإعادة وصل ما انقطع بفعل الحرب المدمرة، وصولاً الى بذل قصارى الجهد لتوفير الامكانات المالية اللازمة". توقف المجتمعون امام "معاناة الغالبية الساحقة من اللبنانيين بفعل الازمات الاقتصادية الضاغطة والمرشحة الى تفاقم نتيجة الاصرار على المضي في النهج الذي اوصل الخزينة الى عتبة الافلاس والوطن الى حافة الانهيار". وطالبوا "بإعلان سلم اولويات اقتصادية واجتماعية غير السلم المعتمد الآن واشراك كل الطاقات والفاعليات في البحث عن المخارج الممكنة"، محذرين من "المس باحتياطي الخزينة او بالذهب او بالاملاك العامة ومؤسسات القطاع العام". وبعد البيان، اعلن جنبلاط ان "البحث تركز على قضيتي الانتخابات البلدية وتعاون الحزبين لإيصال عناصر جدد الى مناطق الجبل، عبر لجنتين من كل منهما، وتأكيد الصلح الوطني والوفاق في الجبل وأهميتهما على كل لبنان". ولفت الى "نقطة شائكة هي عدم تمويل صندوق المهجرين والتأخير في عودتهم جميعاً". وأضاف: "بدلاً من استعمال لغة التصريحات النارية، من الافضل الجلوس مع جميع الافرقاء، لمحاولة ايجاد نقاط التقاء وحوار. ثمة نقاط شائكة لم نبحث فيها امس". وعن رفضه سابقاً التحالف مع اي شخص يشكل عداء لسورية ولقائه امس شمعون، سئل ما اذا لم يعد ذلك يشكل عداء؟ اجاب: "يستطيع شمعون ان يعبر عن موقفه من الموضوع السوري وأنا لدي موقفي ومن غير الضروري ان نتفق على كل شيء، انما دعونا نطرح اهمية الحوار من اجل ترسيخ الوحدة الداخلية والسلم الاهلي وحركة الحريات والديموقراطية والبلديات. اما اذا كانت هناك امور اخرى فغير ضروري ان نتفق عليها، نحن صديقان فلنؤكد هذه الصداقة". وعن توقيت الحوار الآن، أجاب سائلاً: "هل المطلوب مني ان ابقى في الخندق وأهاجم؟ وتابع: "لا اعتقد ذلك، ونحن في التشكيلة الجديدة للحزب التقدمي بعد الانتخابات الجديدة، نعود ونؤكد ان هذا ليس حزباً محصوراً في منطقة معينة او طائفة معينة في الجبل، انه حزب لجميع اللبنانيين، وهذا هو طموحنا ويترجم ذلك بالانفتاح، وكما سبق ان ذكرت في حال اتت ظروف اقليمية وعواصف معينة لا نكون نحن ادوات الصراع في لبنان. اعتقد اننا خسرنا خيرة شبابنا في الصراع الداخلي وغيرنا قطفها". اما شمعون فشدد بدوره على اهمية "الحوار البناء الذي يجب ان يقوم بين جميع اللبنانيين المؤمنين بلبنان"، وعلى "بلسمة الجراح بين ابناء الجبل". ودعا الى "رص الصف اللبناني لمواجهة الصراعات المقبلين عليها في المنطقة، وقد بدأ الحزبان، الاحرار والتقدمي الاشتراكي، بصعود السلم درجة درجة وسنتفق على التعاون في الانتخابات البلدية وعودة المهجرين". وأوضح انه اطلع رفيقيه في "التجمع الوطني" الرئيس أمين الجميل والعماد ميشال عون على الاجتماع مع جنبلاط "ونحن نعتبر ان كل عمل يصب في خدمة لبنان ومصلحته يوافق عليه الجميع". واعتبر ان احدى النقاط المشتركة مع جنبلاط الاعتبار ان توافر المال عنصر اساسي في تسريع عودة المهجرين. وهذا ما وافقه عليه جنبلاط الذي دعا الى ايجاد سبل لتمويل صندوق المهجرين، منتقداً اقامة مشاريع جسور وناطحات سحاب وقصور مؤتمرات، ومعتبراً انها ليست اولى من عودة المهجرين. وكرر استغراب عدم لحظ هذا الموضوع الاستراتيجي في الموازنة. وسئل: هل اطلعت على مشروع الرئيس رفيق الحريري عن عودة المهجرين؟ اجاب: "ليس الموضوع موضوع مزاج، بل قصة ميثاقية ووحدة وطنية تتخطى رفيق الحريري ووليد جنبلاط". وعن علاقته بالحريري، قال لسائله: "اسأله". عند الشيوعي وكان جنبلاط والوفد الحزبي التقيا الامين العام للحزب الشيوعي فاروق دحروج في حضور عدد من اعضاء المكتب السياسي. وأكد جنبلاط خلال اللقاء "العلاقة التاريخية بين الحزبين التي ارتكزت الى مواقف الدفاع عن مصالح الشعب اللبناني وحقه في العيش الكريم والدفاع عن قيم الديموقراطية والتقدم ومقاومة الاحتلال الاسرائيلي بكل الوسائل الممكنة". وأشار الى "المخاطر التي يتعرض لها لبنان من جراء النهج الخاطئ للسلطة وهيمنة قوى المال والطائفية على مرافق النظام اللبناني وضرورة العمل المشترك من اجل التصدي للازمة جذرياً". وأبدى دحروج "ارتياحاً الى هذه المواقف واستعداد الحزب لتطوير التعاون بين الحزبين على قاعدة القضايا الاساسية المشتركة والاستمرار في الحوار الايجابي في كل المسائل الاجتماعية والسياسية. كذلك العمل لبناء تيار وطني ديموقراطي متجدد يتصدى لتحديات المستقبل في لبنان والمنطقة".