تواجه ارمينيا اعنف أزمة سياسية منذ استقلالها بسبب استقالة الرئيس ليفون تير بتروسيان الذي ذكر ان "أجهزة معينة" طلبت منه التخلي عن منصبه. وسيتولى مهام الرئاسة روبرت كوتشاريان الذي يرأس الحكومة حالياً. وهو من العائدين من اذربيجان. وظهر بتروسيان على شاشة التلفزيون المحلي مساء أول من أمس الثلثاء ليؤكد ان "أجهزة معينة في السلطة تعرفونها، طلبت مني الاستقالة". وذكر انه في حال استخدام صلاحياته الدستورية فإن البلد سيواجه "مضاعفات وهزات" ولذا قرر التنحي بهدوء وطلب من المواطنين "ضبط النفس" والتحضير لانتخابات رئاسية جديدة. وكان الصراع في قمة السلطة احتدم اثر موافقة بتروسيان و"الحركة القومية الأرمنية" الموالية له على اقتراحات اعدتها روسيا وفرنسا والولايات المتحدة لحل النزاع مع اذربيجان، وتقضي بانسحاب الأرمن من جزء من الأراضي الآذرية على ان يجري التفاوض بعد ذلك على تحديد الوضع النهائي لقره باخ التي اقدم سكانها الأرمن على الانفصال عن اذربيجان وإعلانها دولة مستقلة. وجوبه الرئيس الأرمني بمقاومة عنيفة من روبرت كوتشاريان الذي كان رئيساً لجمهورية قره باخ ثم استدعاه بتروسيان ليسند اليه رئاسة الحكومة رغم انه ظل يحمل الجنسية الاذربيجانية. ويطالب القرباخيون وأنصارهم في ارمينيا ببقاء الأراضي المجاورة لقره باخ تحت السيطرة الأرمنية واعتراف باكو باستقلال المنطقة المتنازع عليها. وقام تحالف مناوئ لبتروسيان ضم الى جانب كوتشارين كلاً من وزير الدفاع وازغين سركيسيان الذي يتزعم حركة تعرف بپ"يرباكا" وتضم المحاربين القدماء التي تمكنت من شغر 72 من أصل 189 مقعداً في البرلمان. وانضم الى هذا الثنائي وزير الأمن والداخلية، القرباقي الأصل ايضاً، سيرج سركيسيان وشكل الثلاثة قوة ضاغطة حملت عدداً من كبار المسؤولين على الاستقالة ثم دفعت رئيس الدولة الى التنحي عن منصبه. وتوقع عدد من المراقبين ان يرفض البرلمان استقالة بتروسيان الا ان 111 نائباً صوتوا مع القرار وضده 36. وإثر ذلك أعلن رئيس البرلمان بابكين اراركتسيان واثنان من نوابه استقالتهما تضامناً مع بتروسيان، الأمر الذي خلق اشكالية دستورية اذ ان رئيس البرلمان يفترض ان يتولى المنصب الأول بالوكالة لمدة 40 يوماً ريثما تجرى انتخابات جديدة. وبالتالي فإن الرئاسة ستنتقل الى كوتشاريان رغم ان الدستور الأرمني ينص على ان رئيس الدولة ينبغي ان يكون حاملاً للجنسية الأرمنية وساكناً في الجمهورية لمدة عشر سنوات متوالية. وتوقع ديبلوماسي اذربيجاني تحدثت اليه "الحياة" ان تؤدي الأزمة الحالية الى تعقيد المفاوضات المتعثرة اصلاً للتوصل الى حل شامل لمشكلة قره باخ وإدامة وقف النار الذي كان عقد بعد أربع سنوات من الحرب. ومن جانبه، أعرب الرئيس الروسي بوريس يلتسن عن أسفه لاستقالة بتروسيان وقال انه "أحاط نفسه بأشخاص مناوئين له". وشدد على ان القيادة الجديدة "يجب ان تتعامل مع روسيا". وأشار الخبير السياسي الأرمني روبين ايرابيتيان لپ"الحياة" الى ان استقالة بتروسيان ستؤدي الى استقطابات وصراعات في قمة الهرم السياسي الا انه استبعد احتمال الحرب الأهلية. واكد ان الأرمن يدركون انها ستعني "فناءهم".