حذر الرئيس الروسي بوريس يلتسن من ان ضرب العراق قد يؤدي الى اندلاع حرب عالمية، مستخدماً تعابير قاسية في انتقاد نظيره الاميركي بيل كلينتون واتهمه ب "العربدة بالسلاح"، مؤكداً ان موسكو ستتخذ "خطوات" لم يحددها، فيما صادق البرلمان الروسي على قرار يقضي بالانسحاب من نظام العقوبات المفروضة على العراق في حال قيام الولاياتالمتحدة بعمل عسكري ضده. وفي حديث الى الصحافيين امس الاربعاء استخدم يلتسن لهجة غير مألوفة في انتقاده تصرفات واشنطن. وقال حرفياً ان سلوك كلينتون "يمكن ان يجعله يتعثر بحرب عالمية". والتعبير الذي استخدمه الرئيس الروسي يمكن ان يعني ايضاً "يتسبب" او "يفجر" حرباً. وأضاف الرئيس الروسي لدى استقبال نائب رئيس الوزراء اناتولي تشوبايس ان الرئيس الاميركي "يعمل بضجيج أكثر من اللازم"، لافتاً الى ان استخدام الاسلحة التي تملكها واشنطن يقتضي "الحذر" والامتناع عن التهديد ب "العربدة" واستعمال الطائرات والقنابل. لكنه اضاف ان ما يقوم به الرئيس الاميركي حالياً "لا يشبه ما اعتدناه من كلينتون". ووعد الرئيس الروسي ببذل قصارى الجهود ل "اغلاق الموضوع". وقال انه ورؤساء دول اخرى قاموا ب "إفهام كلينتون اننا لسنا موافقين على مثل هذه السياسة وان اعضاء مجلس الامن سيصوتون ضد استخدام القوة". وفي لقاء آخر في الكرملين مع قادة المحافظات كرر يلتسن ان روسيا لا تؤيد "اساليب القوة" وقال انها ستتخذ "خطوات" من جانبها. وأثارت تصريحات الرئيس الروسي مضاعفات دولية واجرى يلتسن اتصالات هاتفية عاجلة مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الفرنسي جاك شيراك، وكان من المقرر ان يهاتف نظيره الاميركي كلينتون. ومن جانبه أدلى الناطق الرسمي باسم الكرملين سيرغي ياسترجيمبسكي بتصريح قال فيه ان الصحافيين الاميركيين العاملين في موسكو "يواجهون صعوبات" في فهم اللغة الروسية، ولذا قدموا تفسيرات "خرقاء ولامعقولة" لما قاله رئيس الدولة. وشدد على ان يلتسن لم يكن يقصد ان روسيا ستنزل ضربة جوابية بالولاياتالمتحدة في حال قيامها بعمل عسكري ضد العراق، معرباً عن أمله بألا يثير "التفسير الصحافي" لأقوال يلتسن ازمة بين الكرملين والبيت الابيض. وقدم المحللون تفسيرات مختلفة لدوافع الرئيس الروسي. وأشار عدد منهم الى ان ما قاله كان "زلة لسان" سببها الاستياء من تجاهل واشنطن الوساطة الروسية. وأبلغ مراقب ديبلوماسي "الحياة" ان يلتسن ربما تلقى معلومات عن أن واشنطن اتخذت قراراً نهائياً بضرب العراق من دون الرجوع الى الهيئات الدولية، وذكر ان الكرملين ربما بلغته انباء عن ان العملية العسكرية قد تبدأ خلال أقل من 24 ساعة. من جهة اخرى، قال نائب في البرلمان الروسي ل "الحياة" ان بريماكوف سئل اثناء الجلسة السرية التي عقدها البرلمان مساء الثلثاء عما اذا كان ما يقوم به الاميركيون "قعقعة" فأجاب ان الامر "أكثر من ذلك"، ولكنه ذكر ان لديه احساساً بأن واشنطن قد تتراجع عن نيتها ضرب العراق. واصدر البرلمان امس قراراً يطلب من رئيس الدولة النظر في "جدوى استمرار العقوبات" ضد العراق، ويؤكد ان روسيا ستعتبر نفسها "في حل منها" اذا اقدمت واشنطن على عمل عسكري من دون موافقة مجلس الامن. كما أقر مجلس الدوما النواب للمرة الثانية امس قانوناً عن "تطوير التعاون" واستئناف التعامل التجاري مع العراق. وكان مجلس الفيديرالية رفض المصادقة على القانون وشكلت لجنة تنسيق توصلت الى صياغة جديدة ينتظر ان تحظى بموافقة هيئتي البرلمان.