على خلاف الانشطة السياحية التي تنفرد بها المدن المغربية الداخلية والساحلية المتمثلة في المعالم التاريخية والمهن الحرفية الاصلية، فان مدينة افران الواقعة خلف جبال الاطلس المتوسط تمكنت من ان تؤسس لنفسها مشهداً سياحياً اعتماداً على مؤهلاتها الطبيعية التي سرعان ما ترسم الواناً فنية متميزة عند مطلع كل فصل من فصول العام الواحد. جبال صخرية يتراوح علوها بين 600 و2500 متر تكسوها اشجار الصنوبر والارز وتمتد لتطال الهضاب والتلال المترامية بين سهول افران الخصبة... بل تقتحم شجيرات منها قلب مدينة افران لتضفي عليها بعداً جمالياً قل نظيره في باقي المدن المغربية الاخرى. لكن اغراء افران لا يتوقف عند المعطى الطبيعي، وإنما يمكن ملامسته عند قدوم كل فصل. فمن شتاء ممطر وبرد قارس تتحول زخاته الى قمم من الثلوج المتناثرة على هضاب الاطلس المتوسط تستجمع قواها في النصف الأول من هذا الفصل لتكوّن بساطاً ثلجياً تزيد سماكته عن نصف متر، فتتحول هذه الجبال الى قبلة لعشاق الرياضات الثلجية. وفي المقابل يخطف جبل مشلفن الذي يصل علوه الى حوالى 1500 متر الاضواء من باقي الجبال الاطلسية لفترة معينة عندما تنشط فيه مجموعة من النشاطات خصوصاً رياضة التزلج التي يرجع تاريخها الى عقود خلت ويسهر على رعايتها عدد من النوادي الرياضية. ولأنه يبعد عن افران بحوالى ثمانية كيلومترات فان الوافدين اليه غالباً ما تستوقفهم المتنزهات الطبيعية وفي مقدمها "تل الدوغ" الذي يضم منتجع "منظر يطو" المطل غرباً على افران وتزيد مساحته عن هكتارين. وهو يتيح للزوار مزاولة ما طاب لهم من الانشطة الترفيهية خصوصاً النحت على الاكوام الثلجية التي تأخذ بعداً تنافسياً. اما موسم الربيع والصيف فيحمل بعداً جمالياً يختلف من حيث شكله ومضمونه الترفيهي عما الفه زائرو افران في فصل الشتاء، فما ان تسلط الشمس السنتها حتى تبدأ القمم الثلجية في الذوبان لتتحول ببطء الى مياه عذبة تخترق منعرجات الاطلس وباقي التلال والهضاب الجبلية لترسم بذلك لوحات طبيعية تتمثل في الشلالات التي يزيد عددها عن العشرين وتقذف المياه في اتجاه السواقي التقليدية التي تمررها بدورها الى ما وراء سهل افران لترسو بهدوء داخل منخفض تسيجه تلال صخرية تعرف باسم "الضايات"، او البحيرات الخالدة، التي ظلت تحمل في المتخيل الافراني ابعاداً رمزية واسطورية ما زالت القبائل البربرية تقف حيالها بتقدير واهتمام. وأكثر ما يشد انتباه الزائر في افران طابعها العمراني الذي تفردت به عن باقي المدن المغربية منذ تأسيسها في الربع الاخير من القرن الماضي على يد احد التجار الأوروبيين، وان كان هذا الاقرار يبقى مجرد احتمال اذ يسود الاعتقاد لدى اهل افران بأنها كانت تشكل محوراً تجارياً متميزاً بين القبائل المغربية. ونظراً الى هذه الخاصية فمن المرجح ان نمطها العمراني تولد نتيجة مقارعة اهل المدينة لقسوة الطبيعة ليس الا. وتبدو افران متفردة بنمط هندسي يغلب عليه الطابع الأوروبي: احياء تخترقها شوارع عريضة تزينها حدائق خضراء تسيجها اشجار الارز والصنوبر، وتتشابه منازلها المكونة من طابقين علوي وسفلي وتعلوها سطوح قرميدية حمراء اللون. ولعل هذا الطابع المعماري هو الذي مكّن مدينة افران من الاستحواذ على عدد من الالقاب الأوروبية، اذ يشبهها بعضهم بپ"اوسلو المغرب" بينما ينعتها آخرون بپ"زوريخ الاطلس"... ومع ذلك فان اهل افران يصرون على احتفاظ مدينتهم باسمها الحقيقي "افران" الذي يعني من حيث اشتقاقه اللغوي "الجوهرة".