عادت حال الاضطراب السياسي الى باكستان نتيجة فك حزب العوام القومي اليساري التوجه تحالفه مع حزب الرابطة الاسلامية الحاكم بزعامة رئيس الوزراء نواز شريف، ما يعرض الحكومة الى صعوبات جدية مع تكاثر خصومها السياسيين. وقدمت أمس الخميس زعيمة الحزب نسيم ولي خان استقالة أربعة وزراء من حزبها، ثلاثة منهم وزراء في حكومة اقليم الشمال الغربي وعاصمته بيشاور وهي احدى الحكومات الأربع المحلية في البلاد. وبدأت الأزمة عندما رفض نواز شريف طلباً قدمه لإعادة تسمية الاقليم الشمالي الغربي وعاصمته بيشاور بأقليم "بختون خواه" أي أرض البشتون اسوة بالأقاليم الباكستانية الثلاثة الأخرى التي تسمت بأسماء العرقيات القاطنة فيها. واعتبر، حزب الرابطة الاسلامية ذلك خطراً على الوحدة الوطنية اذ من شأنه ان يحرض عرقيات اخرى على تقديم طلبات مماثلة، وابدى شريف في محادثاته مع قيادات حزب العوام القومي استعداده لقبول تسمة ثالثة غير ان الحزب أصر على اقتراحه. ولا يخفي المراقبون مخاوفهم إزاء هذا التطور ذلك ان الرأي العام في اقليم الشمال الغربي كان منذ بداية الاستقلال عن الهند معار ضاً للانضمام الى باكستان. وكان مؤسسه الراحل عبدالغفار خان من رفاق غاندي إبان الاستقلال، ورفض غير مرة قيام باكستان وعارض توجهات مؤسس الدولة محمد علي جناح. ويعتقد البعض ان في استطاعة الحزب ان يشكل حكومة في الاقليم بمساعدة الاحزاب الصغيرة والمستقلين خصوصاً وان حزب شريف لا يقدر على تأسيس حكومة بمفرده في الاقليم دون مساعدة الآخرين ما قد يعيد خلافات المركز مع حكومات الاقاليم الأخرى. وكان هذا الأمر سبب في السابق بإسقاط الحكومات المركزية، ولعل تهديدات زعيمة الحزب نسيم ولي خان بالتعاون مع حزب الشعب الباكستاني بزعامة بينظير بوتو يدفع الوضع الى مزيد من التأزم بالنسبة الى حكومة شريف التي لم يمض على خروجها من أزمتها مع الرئاسة والمحكمة العليا سوى شهرين. مصادر العوام القومي في بيشاور، استبعدت في تصريحات الى "الحياة" ان يقوم الحزب بتشكيل حكومة في بيشاور، وشددت على أنها ستعمل على قيادة المعارضة، ولم تخف المصادر فرحتها بأن الحكومة المحلية ستنهار من نفسها دون العمل ضدها. وفي الوقت نفسه، تتواصل أعمال العنف في كراتشي العاصمة الاقتصادية للبلاد وسط تهديدات من قبل حركة المهاجرين القومية التي تتحدر من المسلمين الذين فروا من الهند إبان الاستقلال، واستعداد الحركة المتحالفة مع الحكومة للوقوف الى جانب حزب العوام القومي بمطالبه بتسمية الاقليم مجدداً، وهذا بالتأكيد سيعزز موقعها لاحقاً في حال المطالبة بأي نوع من الحقوق السياسية أو الاجتماعية للمهاجرين. أما الجماعة الاسلامية الباكستانية بزعامة قاضي حسين أحمد فتواصل سياسة التعبئة الشعبية ضد نواز شريف من خلال "قافلة المحاسبة" التي تسير في أرجاء البلاد داعية الى محاكمة الجميع ممن تسببوا في الفساد المالي والاداري للبلاد. ولا يستبعد المراقبون ان تخطو الجماعة خطوات على طريق التظاهر ضد حكومة شريف وكانت التظاهرات التي قامت بها الجماعة في العام الماضي أفضت الى إسقاط حكومة بوتو.