"سيداتي سادتي، نقدّم اليكم مستر جيفرسون". لا، ليس المقصود حيواناً عاقلاً، او كائناً بشرياً، وانما هو عجل أُطلق عليه هذا الاسم الملفت. انه من السلالة المستنسخة التي افتتحتها الأم "دوللي" لكنه لم يولد بالطريقة ذاتها، فلكل كائن مستنسخ طريقه الى الوجود. "دوللي" و"مستر جيفرسون" يدينان بإطلالتهما على العالم للشركة البريطانية نفسها "بي. بي. إل. ثيرابيوتيكس"، التي اعلنت امس نجاح استنساخ العجل. وأفادت انه من سلالة "هولستين" ويبلغ وزنه 5،44 كيلوغرام، ولد في ولاية فرجينيا الاميركية في 16 شباط فبراير الجاري الذي يوافق "عيد الرئيس" في الولاياتالمتحدة. وخلافاً للنعجة دوللي، التي شكّل توليدها حدثاً علمياً مذهلاً أثار مخاوف من امكان نجاح عمليات الاستنساخ البشري في المستقبل القريب، فإن العجل "جيفرسون" استنسخ من خلية جنينية بدلاً من نقل نواة من خلية بالغة. وقال جوليان كوبر، رئيس الشركة، في بيان ان "هذا تطور مهم. كانت التقنية تماثل تلك التي استُخدمت لتوليد دوللي والنعجة بوللي التي كانت اول حيوان مستنسخ يحمل مورثة بشرية. على رغم ان العجل لا يحمل مورثة بشرية فقد اظهرنا القدرة على تنفيذ الجزء الصعب، ويفتح هذا النجاح الطريق الآن لإنتاج ابقار تحمل مورثات بشرية، بعدما كانت بوللي اكدت المبدأ". وتعتبر "بي. بي. إل. ثيرابيوتيكس" رويترز احدى الشركات الرائدة عالمياً في مجال انتاج بروتينات بشرية لأغراض علاجية عن طريق استنساخ حيوانات تحمل مورثات بشرية. وكان معهد روسلين في ادنبره اسكوتلندا وشريكه المالي "بي بي إل" اعلنا قبل سنة بالضبط انتاج اول كائن مستنسخ بالغ. وعلى رغم ان النعجة دوللي ولدت في تموز يوليو 1996 فإن نبأ توليدها والتوصل الى تقنية الاستنساخ لم يعلنا الاّ في شباط فبراير 1997. واوضح الدكتور رون جيمس المدير الاداري لشركة "بي بي إل" ان "المسألة الاكثر اهمية من وجهة نظر تجارية هي القدرة على انتاج نسخ متطابقة صغيرة لحيوانات تحمل مورثات بشرية من خلايا معدّلة. اثبتنا قدرتنا على القيام بذلك عند ولادة بوللي، ويبين "مستر جيفرسون" ان لدينا القدرة على توسيع التقنية لتشمل البقر". وولدت دوللي على يد فريق باحثين في معهد روسلين من خلية اخذت من ثدي نعجة بالغة وبويضة تم نزع صفاتها الوراثية الموجودة على شريط الحمض النووي المنزوع الاوكسيجين دي.إن.أي داخل نواتها. وبذلك تم الحصول للمرة الاولى على نسخة لحيوان ثديي من خلية بالغة لها وظيفة محددة. ونجح الفريق الاسكوتلندي في اعادة برمجة الخلية التي اخذت من النعجة لإعادتها الى مرحلتها الجنينية. وتقوم تقنية الاستنساخ على اخذ خلية من الحيوان المراد استنساخه. وباستخدام شحنة كهربائية يتم ادخال المخزون الوراثي لهذه الخلية، اي كل ما يتعلق بالصفات الوراثية للحيوان، الى بويضة تم نزع صفاتها الوراثية منها. وينمو الجنين في انبوب الاختبار قبل ان يزرع في رحم حيوان بالغ. وتسعى شركة "بي بي إل" الى استخدام التقنية التي طورتها لتوليد النعجة بوللي لانتاج حيوانات يحتوي حليبها على "العامل 4"، وهو بروتين يساعد على تجلط الدم ومعالجة مرض النزاف عند البشر. وتأمل الشركة بأن يكون هذا الحليب مصدراً ارخص ل "العامل 4" وخالياً من التلوث. كما تستخدم هذه التقنية لانتاج "ألفا -1- انتيتريبسين" أي أي تي، وهو بروتين بشري يستخدم لمعالجة المصابين بالتليف المثاني. وتقوم الشركة حالياً باختباره على متطوعين. وكانت الضجة العلمية التي اُثيرت حول دوللي خفتت اخيراً عندما شكك بعض العلماء في ما اذا كانت دوللي فعلاً نسخة مطابقة. لكن إيان ويلموت، رئيس فريق الباحثين في معهد روسلين الذي انتج دوللي، نفى هذه الاتهامات واعلن انه سيبرهن ذلك بمقارنة خلايا مجمدة من النعجة التي استمدت دوللي مورثاتها منها مع خلايا مأخوذة منها.