ابلغ المغرب منظمة التجارة الدولية في جنيف موافقته المبدئية على اتفاق تحرير الخدمات المالية والمصرفية التي اقرتها المنظمة نهاية العام الماضي وتتضمن اجراءات زيادة المنافسة الدولية في مجالات المال والتأمين وتمويل الاستهلاك والتجارة الالكترونية. وقال مصدر رسمي ل "الحياة" ان الرد المغربي جاء ايجابياً على اقتراحات المنظمة في شأن تحرير الخدمات المالية والمصرفية تماشياً مع القوانين المغربية التي تسمح للشركات الدولية بفتح فروع لها في المغرب، شريطة الخضوع للقانون التجاري المحلي الذي يمنح تلك الفروع امتيازات واعفاءات واسعة. وأشار المصدر الى ان المغرب لا يضع عراقيل في وجه الشركات الدولية الخدمات المالية التي ترغب في التواجد في المغرب باعتبارها جزءاً من خطة لتشجيع الاستثمار الاجنبي ونقل التكنولوجيا. ويحاول المغرب الحصول على بليوني دولار من الاستثمارات الاجنبية حتى نهاية السنة الجارية مقابل 2،1 بليون دولار عام 1997. وفي المجال المصرفي ابلغ المغرب منظمة التجارة الدولية ان تملك حصص اجنبية في مصارف مغربية لا يمكنه ان يتجاوز نسبة 49 في المئة من رأس المال حسب القوانين المعمول بها، وتستهدف حماية المؤسسات المالية المحلية من سيطرة اجنبية مطلقة قد تنعكس على مجالات تمويل الاقتصاد او حماية حقوق المودعين. وتضمن الاقتراح المغربي اشارة الى ان الاشخاص الذاتيين لا يمكنهم القيام بأعمال الخدمات المصرفية او التأمينية بينما في امكان شركات التأمين الدولية فتح فروع او مكاتب تمثيلية محلية تخضع للقانون المغربي. وكانت "مجموعة اريج" تملكت العام الماضي غالبية اسهم شركة تأمين محلية في الدار البيضاء كانت الدولة تملك غالبية اسهمها عبر صندوق الايداع والتدبير. وهي أول مجموعة عربية تدخل سوق التأمين المغربية. وتضمن رد المغرب على اقتراحات منظمة التجارة الدولية اهمية المنافسة الدولية في مجال الخدمات المالية والمصرفية وضرورة رفع القيود من امام الشركات المحلية للاستفادة من سوق التمويل الدولية، لجهة تحصيل المبالغ الضرورية لتوسيع النشاط من دون ان يتعارض ذلك مع القوانين المحلية وحماية الموارد الذاتية بما فيها مجالات اللجوء للاكتتاب المفتوح في وجه صغار المدخرين. وكان المغرب اسس قبل اعوام منطقة مالية حرة في طنجة لتمكين الشركات المحلية من مجالات التمويل الدولية استجاب لها كل من "الشركة المصرفية العربية" و"بنك ناشيونال دي باري" و"كريدي ليونيه" غير ان تلك التجربة واجهت بعض الصعوبات. ويعتبر المغرب ان توسيع نشاط المصارف الاجنبية يسمح بالتغلب على مشاكل تحصيل التمويل الضروري للتوسع والمنافسة شريطة الا تؤدي تلك العمليات الى السيطرة على السوق المالية المحلية، وهو ما يفسر البطء الذي تسير عليه عملية تخصيص مصارف تجارية كبرى مثل "البنك الشعبي" و"القرض العقاري والسياحي" اللذين يساهمان في تمويل نشاطات الاسكان والسياحة والشركات الصغرى والمتوسطة. وكانت المصارف المغربية منحت العام الماضي حجم تمويل للاقتصاد بلغ 100.7 بليون درهم 10.4 بليون دولار مقابل 94.2 بليون درهم عام 1996. وتبدو هذه المبالغ اقل مما تحتاجه السوق المغربية لزيادة حجم الاستثمار وتتعرض المصارف المحلية الى انتقادات من المستثمرين بسبب التشدد في منح القروض وارتفاع اسعار الفائدة التي تراجعت نقطتين بالنسبة للشركات الصغرى والمتوسطة. وقال وزير الزراعة السابق حسن ابو ايوب الذي يمثل المغرب لدى منظمة التجارة الدولية: "ان عملية تحرير الاسواق والشراكة مع الاتحاد الاوروبي يجب ان تسيرا جنباً الى جنب مع خطوات انشاء منطقة عربية للتجارة الحرة". واعتبر ان تسع دول عربية من اصل 22 انضمت الى المنظمة حتى الآن، مما يستوجب ان تنسق الدول العربية مواقفها داخل المنظمة للاستفادة من توسع التجارة وحرية الاسواق المالية والخدماتية على غرار دول جنوب شرقي آسيا والدول اللاتينية. وتستضيف جنيف منذ الاسبوع الماضي مؤتمراً تمهيدياً استشارياً بين الدول العربية للاعداد للمؤتمر الوزاري الثاني للمنظمة المقرر في 18 أيار مايو المقبل للبحث في ردود الدول الاعضاء على اقتراحات تحرير خدمات المصارف واسواق المال الذي كانت تبنته الدول الصناعية الكبرى في كانون الاول ديسمبر الماضي، الذي واجه تحفظاً من بعض الدول النامية التي تخشى سيطرة المصارف الكبرى على مؤسساتها المالية المحلية على رغم حاجتها الى التمويل والاستثمار الاجنبي.