تعكس الصحف اليومية الكويتية في متابعتها الأزمة العراقية مزاج الشارع الكويتي، فمن الاهتمام بالتفاصيل اليومية للأحداث إلى التحليل ورسم التوقعات، إلى التعبير عن وجهة النظر الكويتية تجاه الأزمة، وما يجعل استضافة قوات غربية في الكويت قراراً "صائباً". وتوقعت "الوطن" في 12 شباط فبراير الجاري "ضربة تقتلع صدام تسبق حرباً أهلية بين السنة والشيعة والأكراد، يلحقها اتفاق يفرضه الإنهاك على حكومة الهاشمية". لكن صحيفة "السياسة" كانت أقل تشاؤماً إذ توقعت حكماً بديلاً للرئيس صدام حسين يكون فيه "وفيق السامرائي رئيساً ومسعود بارزاني نائباً له، وأحمد الجلبي وزيراً للخارجية"! وضمن مسلسل السيناريوهات ما أشارت إليه صحيفة "الأنباء" أمس من أن عملية "رعد الصحراء" ستبدأ ليلاً و"تتضمن قصفاً لمئات الأهداف". لكنها تخوفت من أن "صدام يخطط لشن هجمات إرهابية ضد المصالح الأميركية والبريطانية" في المنطقة. وعلى رغم أن توقعات هذه الصحف تعتمد على بعض التقارير الإعلامية الأجنبية، إلا أنها تصاغ بالطريقة التي تجذب الكويتي الذي يتلهف لمعرفة ما سيحدث عبر الحدود الشمالية لبلاده. والعناوين العريضة التي تنشرها الصحف الكويتية مرجحة العمل العسكري على الحل الديبلوماسي ليست بعيدة عن المزاج العام في الكويت، والذي يأمل بأن تؤدي العمليات الحربية المحتملة إلى سقوط النظام في بغداد. هذا المزاج ينعكس أيضاً على الإعلام الرسمي الكويتي الذي يبرز أنباء التصعيد في المنطقة، مركزاً على التصريحات الأميركية والبريطانية التي ترجح استخدام القوة ضد العراق. وكتب محمد مساعد الصالح مقالاً في "القبس" في 16 شباط منتقداً اللغة المستخدمة في الإعلام الكويتي في وصف تطورات الأزمة، وقال: "إن كان إعلامنا يردد أن المعركة هي بين النظام العراقيوالأممالمتحدة، عليه أن يلتزم هذا الخط لا أن تنم الألفاظ والكلمات عن تحريض على الحل العسكري". وأشار علي البغلي وزير النفط السابق في مقال في "القبس" أمس إلى "إحباط" لدى الكويتيين مما يعتبره بعض العرب "موقفاً منفرداً للكويت في مساندة الحشد الأنغلو - أميركي". ولاحظت صحيفة "الرأي العام" أن موقف الكويت الآن أفضل مما كان عليه عام 1991 لجهة موقف "دول الضد" من بغداد. وكتبت في 15 شباط أن "المواقف العربية في الأزمة الحالية بين واشنطنوبغداد معقولة إلى درجة كبيرة، فالحكومات والسلطات في معظم هذه الدول تتفهم مواقف الأممالمتحدةوواشنطن من جهة وموقف الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى". ورأت أن التشدد الذي أبدته الكويت تجاه "دول الضد" بعد الاحتلال العراقي وعدم التسرع في تطبيع العلاقات معها كان من نتائجهما اختلاف موقف تلك الدول من العراق الآن. لكن الصحيفة حذرت من أن زوال فكرة "دول الضد" لا يعني أن "النزعات الصدامية اختفت فهي كامنة في العقل العربي ولدى بعض الحكومات". محامي الشيطان وتبدي الصحف الكويتية حساسية شديدة تجاه الأطراف المتقاطعة مع بغداد، وتساءلت "الوطن" في 15 شباط "لماذا تأخذ روسيا دور محامي الشيطان" مع بغداد. وأشارت إلى "اللوبي العراقي" في وزارة الخارجية الروسية، بقيادة يفغيني بريماكوف. ونشرت "الوطن" في اليوم ذاته رسماً كاريكاتوريا يظهر دبابة غربية تتقدم في اتجاه الرئيس صدام حسين وهو يحتمي خلف الرئيس بوريس يلتسن الذي بدا في صورة رجل مخمور يحمل زجاجة مكسورة كتب عليها "فودكا" ويهدد الدبابة! وكتب الدكتور أحمد الربعي وزير التربية السابق مقالاً في "القبس" انتقد "مسلسل الظهور اليومي المفتعل أحياناً للمسؤولين العراقيين في قناة الجزيرة" الفضائية القطرية بهدف "الدفاع عن قضية خاسرة وميتة". وكتب فؤاد الهاشم في "الوطن" منتقداً مصر وسورية بشدة بسبب مبادراتهما تجاه العراق. لكن مصدراً في وزارة الخارجية الكويتية سارع في اليوم التالي إلى إعلان استيائه من ذلك ورفضه "الإساءات الى الأشقاء في مصر وسورية" وأكد أن الكويت "تقدّر المواقف المبدئية الأصيلة للشقيقتين مصر وسورية". ولا تفتقر الصحف الكويتية إلى مقالات تنتقد الدول الغربية، وكتب الدكتور عبدالله النفيسي في "الوطن" مهاجماً السياسة الأميركية تجاه الخليج والعراق. وأشار محمد مساعد الصالح في صحيفة "القبس" في 14 شباط إلى أن من أهداف الأزمة "إفقار دول المنطقة حالياً" فيما رأى محمد غريب حاتم في مقال نشرته "الوطن" أن المطلوب "ضربة قاضية" تطيح صدام وليس "وخزات تنشيطية" لحكمه. صحيفة "الطليعة" الأسبوعية المعارضة ركزت انتقاداتها على الحكومة الكويتية وكتبت في 11 شباط عن "ارتباك غير مبرر يسيطر على الشارع الكويتي"، معتبرة أن الطريقة التي عالجت بها الجهات الرسمية الأزمة ساهمت في إرباك الناس ودفعهم إلى التسابق على شراء المواد الغذائية.