حذر الرئيس ياسر عرفات من ان الشعب الفلسطيني على استعداد لتجديد الانتفاضة الشعبية إذا فشلت عملية السلام في الشرق الأوسط، مؤكداً استحالة "شطب وجود الشعب الفلسطيني او مسحه من على هذه الأرض المقدسة". وقال عرفات في كلمة افتتح بها الاجتماع الأول للجنة الوطنية العليا في ذكرى مرور خمسين عاماً على النكبة الفلسطينية 1948 - 1998: "أثبتنا اننا أصحاب هذه الأرض الفلسطينية … ونحن الحقيقة الأزلية فوق هذه الأرض المباركة". وشدد عرفات على ان معاناة الشعب الفلسطيني التي بدأت منذ مؤتمر "بازل" و"شتت الفلسطينيين من سدني الى تشيلي وما بينهما" هي التي أدت الى قيام أطول ثورة في العصر الحديث وأول ثورة تدخل الأممالمتحدة. وقال: "عملنا أعظم انتفاضة … سبع سنوات. نحن على استعداد للبدء من جديد". واعتبر ان الفلسطينيين "باحتفالهم" في الذكرى الخمسين للنكبة الفلسطينية يرسخون "قواعد ليست فقط للشعب الفلسطيني ولكن لكل الثوار والعالم ولامتنا العربية بأننا سنفرض وجودنا فوق هذه الأرض الفلسطينية". وجدد الرئيس الفلسطيني تعهده باعلان دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1999 بصرف النظر عن نتائج المفاوضات الجارية مع الجانب الاسرائيلي. وقال: "أعلنا الدولة الفلسطينية في الجزائر عام 1988 وسنعلنها عام 1999 فوق الأرض الفلسطينية شاء من شاء وأبى من أبى، ومن لم يعجبه فليشرب من بحر غزة والبحر الميت". وقال عرفات عندما صرخ أحد الحضور بأن يمد الله في عمره ليرى القدس محررة: "أدعو الله ان يمنحني الشهادة في سبيل القدس". ثمن الازمة العراقية وحمل الرئيس الفلسطيني بشدة على المؤسسة السياسية في اسرائيل متهماً اياها بمحاولة جعل الفلسطينيين يدفعون ثمن ما يجري في الأزمة العراقية مثلما حصل في حرب الخليج الأولى. وقال: "انهم ينتهزون الازمة العراقية ليضعوا اللوم علينا. ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو انحى باللائمة في الازمة العراقية على الشعب الفلسطيني. منذ أيام ركز خطابه على ما يفعله الشعب الفلسطيني". واضاف: "يا سلام ... اذا استنكر الشعب الفلسطيني ضرب العراق، يكون هو الضحية!". وتابع: "انهم يحاولون مجدداً ان يجعلونا ندفع ثمن ما يحصل في المنطقة مثلما دفعنا ثمن حرب الخليج". واضاف: "في حرب الخليج طرد لنا من الكويت 430 ألف فلسطيني0خسائر جاليتنا في الكويت 6.12 بليون دولار. ومع ذلك نقول لا يستطيع احد ان يهزنا". لكن عرفات ومسؤولي السلطة الفلسطينية حضوا في الازمة الحالية الرئيس صدام حسين على التزام قرارات الاممالمتحدة، مع الاعراب عن معارضتهم لاستخدام القوة في تسوية النزاع. وتقول اسرائيل ان التأييد الفلسطيني لصدام سواء بصورة مباشرة ام غير مباشرة "خطأ فادح". وقال نتانياهو الاثنين الماضي "انه يعيد ذكريات غير سارة ويظهر الحاجة لقبول حقيقي لاسرائيل لم يترسخ بعد". اما وزير الاعلام والثقافة في السلطة الفلسطينية ياسر عبدربه فهاجم بدوره السلطة الحاكمة في تل أبيب وقال ان الشعب الفلسطيني قام بمبادرة نادرة في تاريخ الشعوب. وأضاف: "رغم التضحيات والتنازلات فإن قوى التطرف الحاكم في اسرائيل تدير الظهر لهذه الفرصة التاريخية وتصعد أجواء المجابهة والتطرف والاستيطان واغتصاب الأرض والتنكر للاتفاقات". وشدد عبدربه على تمسك الشعب الفلسطيني بتحقيق "حل عادل منسجم مع قرارات الشرعية الدولية". ذكرى النكبة وأعلن في الاجتماع الافتتاحي للجنة الذي حضره العديد من المسؤولين في السلطة الفلسطينية وممثلي الفصائل المختلفة ونواب في المجلس التشريعي عن ترأس عرفات اللجنة العليا لاحياء ذكرى النكبة التي تضم في عضويتها 400 شخصية فلسطينية تمثل الفعاليات الوطنية المختلفة. وتزامن الاعلان عن بدء الفعاليات الفلسطينية لمناسبة ذكرى نكبة عام 1948 مع بدء احتفالات الدولة العبرية بپ"اليوبيل الذهبي" لقيامها على الأرض الفلسطينية. وتبحث الهيئة الوطنية العليا في اجتماعها العديد من المشاريع والأنشطة التي ستستمر على مدار العام الحالي للحفاظ على الذاكرة الفلسطينية الخاصة بالنكبة خلال نصف قرن. ومن أبرز هذه الأنشطة اقامة متحف على شكل خارطة فلسطين تجسم فيه مواقع المدن والقرى الفلسطينية التي دمرت وتلك التي ما تزال قائمة، اضافة الى تجميع التاريخ الشفهي للنكبة وتنظيم معارض الصور والفنون التشكيلية. وأكدت مصادر فلسطينية في وزارة الثقافة الفلسطينية ان الهيئة ستبحث في مشروع قرار بعقد مؤتمر دولي لمفكرين سبق ان تعرضت بلدانهم وشعوبهم لنكبات وربطها بالتجربة الفلسطينية، والسعي كذلك لاستصدار قرار من الأممالمتحدة باعتبار عام 1998 عام النكبة الفلسطينية. ابو مازن من جهة اخرى، التقى وزير الخارجية المصري عمرو موسى أمس أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس أبو مازن الذي وصل الى القاهرة بصورة مفاجئة، وبحثا في الوضع الراهن على المسار الفلسطيني، كما تطرقا الى الازمة العراقية. وقال ابو مازن إن "وجهتي النظر المصرية والفلسطينية متفقتان في هاتين القضيتين"، لكنه لم يذكر التفاصيل. ولفت في تصريحات الى ضرورة تضافر الجهود لتجنيب العراق ضربة عسكرية جديدة، مشيراً الى أن أحداث العراق سحبت الاهتمام الدولي من التعثر الذي يشهده المسار الفلسطيني - الإسرائيلي. وعن محادثات واشنطن التي ترعاها وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت بمشاركة وفدين فلسطيني وإسرائيلي، قال: إن هذه المحادثات لم تحرز أي تقدم، لكنه أكد استمرار الجانب الفلسطيني في التفاوض "حتى لا يقال إن الفلسطينيين هم السبب في فشل المفاوضات". وقال موسى من جانبه إن اللقاء تناول نتائج محادثات واشنطن وسبل حلحلة المسار الفلسطيني - الإسرائيلي.