يقول مسؤولون اسرائيليون انهم سيشنون هجوماً ديبلوماسياً من اجل التوصل الى اتفاق في شأن الانسحاب العسكري من جنوبلبنان، رغم ان مصدراً رفيع المستوى في الحكومة يعرف تفكير رئيسها نُسب إليه ان "المصلحة السورية لا تسهل التوصل الى اتفاق مع لبنان من شأنه ان يخفف الضغط العسكري على اسرائيل في الجنوب لتنصرف الى المفاوضات مع سورية". ونقل عن المصدر ان هذا الأمر "يحمل خبراء اسرائيليين على تأكيد أن الحل في جنوبلبنان يجب ان يشمل السوريين". في الصفحة 18 عرض كامل للمواقف الإسرائيلية من القرار 425، وتنشر "الحياة" لاحقاً الموقف اللبناني. لكن منسق النشاطات الاسرائيلية في جنوبلبنان أوري لوبراني، الذي ما زال يعتبر بمثابة المرجع في شؤون هذه المنطقة ويُعقتد انه وراء اطلاق الحملة الاعلامية، يصر على ان بلاده "ستقلب كل حجر بحثاًَ عن سبل لتنفيذ القرار 425" الخاص بالانسحاب من لبنان. وشرح في تصريحات له الاسبوع الماضي، النيات الحقيقية لاسرائيل في ضوء المواقف التي ادلى بها أخيراً وزير الدفاع اسحق موردخاي لوسائل اعلامية ووصفت بأنها "عرض رسمي" و"مبادرة". وشدد لوبراني على ان "هناك رغبة مخلصة لدى الحكومة الاسرائيلية الحالية الحكومة السابقة، في رأيه، كانت ايضاً مخلصة لكنها ربطت أي حل لبناني بتحقيق تقدم على المسار السوري الأمر الذي لم يتوقع حدوثه قريباً في التعامل مع المشكلة الأمنية على حدودنا الشمالية". ويعرّف لوبراني أمن الحدود بأنه "يشمل جانبيه، فنحن اصبحنا عملياً مسؤولين عن أمن السكان في الجانب الآخر ايضاً وهم صاروا يعتمدون علينا ليس اقتصادياً فحسب، بل أمنيا أيضا وهم قلقون على مصيرهم بعد ان ننسحب من جنوبلبنان. بعبارة اخرى نريد ايجاد حل لا يكون له أي بعد سياسي على الاطلاق. ونعتقد اننا نتحدث عن شيء يفهم السوريون جيدا أن لا رائحة سياسية فيه، بل يتعلق بالقضية الأمنية فقط، وكل ما عدا ذلك زائد". أما كيف ستقنع اسرائيل السوريين، فإن لوبراني يقول: "لسنا ساذجين كي لا نعرف ان السوريين يعتبرون جنوبلبنان قطعة من الجبهة ووسيلة يستخدمونها لاجبارنا على تقديم تنازلات. ولكن لا بد انهم ادركوا، مراراً وتكراراً، انهم لم يفهموا مواقفنا فهماً صحيحاً، في كل مرة يعتقدون ان تحريكهم هذا الشريك أو ذاك حزب الله أو أحمد جبريل أو جورج حبش ليواجهنا في جنوبلبنان سيقنعنا بأنه يجب الا نتحدث الا مع دمشق في كل ما يتعلق بلبنان. ولكن إذا كانت هذه السياسة لم تنجح مع اسحق رابين وشمعون بيريز، فهل يعتقدون حقا انها ستنجح مع حكومة بنيامين نتانياهو؟ لا بديل من وجود ترتيبات أمنية انتقالية أو مرحلية حتى يأتي وقت نتوصل إلى اتفاق سلام وهذا مستحيل من دون سلام مع سورية. وهذا واقع نقبله". الوجود السوري ويؤكد لوبراني ان اسرائيل "لن تربط بين انسحابها وبقاء القوات السورية في لبنان. وكان أول سؤال يوجه إليّ في السابق هو هل ستصرون على ان تنسحب القوات السورية كي تنسحب اسرائيل؟ وجوابي: الأكيد ان لبنان يجب ان يكون بلداً حراً ويقرر مصيره ويختار حلفاءه وشركاءه بنفسه. بعبارة اخرى يعود كما كان قبل 1975 مسيطراً على كل العشرة آلاف كيلومتر من أراضيه. أضيف ان علينا ان ننتظر لنرى ما هو الرد المسؤول من اللبنانيين على مبادرتنا. وأوكد اننا سنقلب كل حجر بحثاً عن سبل لدفع هذه المبادرة والسعي من اجل تحقيقها. واللبنانيون مبدعون وأنا واثق بأنه يمكنهم أن يجدوا وسيلة للتجاوب. ولا أعتقد ان الامر صعب الى هذا الحد، فالقرار 425 يتضمن عنصرين: أولا انسحاب اسرائيل وثانيا اتخاذ ترتيبات لتمكيننا من تنفيذ هذا الانسحاب. ولكن اذا كان هناك من ينتظر ان تكون اسرائيل موجودة في جنوبلبنان اليوم وتنسحب فجأة غداً، فعبثا ينتظر". ويضيف بعبارة اخرى: "ان الوجود السوري مشكلة لبنانية وليس مشكلة اسرائيلية. مشكلتنا هي الحدود بين البلدين. ونفوذ سورية في لبنان يتمثل في ان تقول له ما يجب ان يفعله. واعتقد ان ليس صحيحاً سياسياً ادخال سورية طرفا في ترتيبات أمنية بين اسرائيل ولبنان، طالما كانت هذه الترتيبات لا تتعلق إلا بأمن الحدود. ولا اريد ان يشعر اللبنانيون بأننا نجهل رغبتهم في ان يكونوا احرارا وان تغادر أراضيهم كل القوى الاجنبية. ولكن اذا تفاوض اللبنانيون معنا على الترتيبات الأمنية، لن نقول لهم أبداً ماذا يجب ان يفعلوا مع الآخرين، فهذا شأنهم". جزين وجيش لحد وفي موضوع "جيش لبنانالجنوبي" يقول: "نحن نساند العماد انطوان لحد لوجستيا ولا وجود لاسرائيليين في جزين. انه جيب مسيحي بين المطرقة والسندان واهله اصروا على ان يكون لحد مسؤولاً عنهم. ولكن حزب الله أخذ ينشط هناك في الفترة الاخيرة مما ادى الى نزوح نحو 28 ألف شخص من أصل 35 ألفاً كانوا فيه. والراحلون لا يريدون ان يعودوا، ونحن اذا استطعنا مساعدتهم في العودة فسنفعل. ولكن هذا أمر بينهم وبين الجنرال لحد. واعتقد انه يريد ان يضمن الوجود اللبناني في جزين مهما حدث. وسنساعده في هذا الاطار. هذه بالنسبة إلينا ليست مشكلة سياسية وليست عسكرية، بل انسانية. وسيكون هناك شريان للحياة في اتجاه صيدا عبر فتح معبر كفر فالوس. ومن وجهة نظري فإن اسرائيل تريدهم ان يتوصلوا الى اتفاق في هذا الخصوص ونحن لن نخسر ولن نربح شيئا. أما جيش لبنانالجنوبي، فإن هذه القوة لم يتضاعف عدد أفرادها ولم تتقلص منذ تأسيسها. في السابق كانت الغالبية مسيحية والآن كلها مسيحية. وعناصر الجيش من المتطوعين ومن سكان المنطقة فقط وقادته كلهم محليون. وفي الواقع لا يفعل هؤلاء أكثر من حماية منازلهم وديارهم، وهم يعرفون ان هذا بالتالي يوفر لنا أيضاً أمناً، لذا من الطبيعي اننا نساعدهم وندعمهم لوجستياً". وينهي لوبراني تصريحاته: "انني اعرف لحد منذ مدة طويلة واحترمه واعتبر انه يمثل مصلحة لبنان بكل شرف ويرفض توجيه أي اهانة إلى سيادة لبنان وكرامته. ولكن له آراؤه وهو متمسك بها. ويدرك تماماً انه يواجه مشاكل وعليه ان يدفع ثمنا لموقفه وهو قرر من زمان انه مستعد لدفع هذا الثمن، إلا انه يرفض ان يُحكم عليه بمقاييس الرئيس الياس الهراوي مثلاً. بعبارة اخرى انه لا يريد ابدا ان يقف عائقا أمام أي اتفاق بيننا وبين لبنان، لأنه سيصر على أن يكون الاتفاق في مصلحة لبنان والسكان الذين يعتبر نفسه مسؤولاً عنهم".