عادت وزيرة الصحة الاميركية دونا شلالا امس الى الجامعة الاميركية في بيروت بعد 35 عاماً على اول زيارة لها، كانت في حينه عائدة من ايران حيث خدمت في فيلق السلام والتحقت بالهيئة التعليمية في الجامعة الاميركية لتعليم الانكليزية كلغة ثانية لمعلمين في مخيم اللاجئين في صيدا. وهي تعود محاضرة في طريقة مساعدة لبنان على الاعداد للقرن المقبل في مهمة شرق أوسطية كلفها اياها الرئيس بيل كلينتون يفترض انها الأصعب، اذ يعتقد ان "المهمة الصعبة تحتاج الى امرأة، اما المهمة الصعبة جداً فتحتاج الى امرأة لبنانية"، وهذه المرأة، كما تقول شلالا عن نفسها "تحتل أعلى منصب تتقلده امرأة عربية اميركية في تاريخ أميركا". أكثر من 5 ساعات أمضتها شلالا في الجامعة الاميركية جالت في حرمها والتقت الطلاب وحاورتهم ووقفت خطيبة بين طلاب الطب واساتذتهم وكبار المسؤولين في الجامعة الى جانب وزير الصحة الدكتور كرم كرم الذي كان واحداً من اسرة الجامعة والنائب اسماعيل سكرية، وطاقم السفارة الاميركية في بيروت يتقدمه السفير ديفيد ساترفيلد. قالت شلالا ان حيوية الجامعة الاميركية ولبنان لا تنضب تماماً كما متنزه "يلو ستون" الاميركي الذي احترقت غاباته "ولكن في الربيع التالي ظهرت نباتات جديدة، فاذا بالحياة تنبعث من الرماد ويولد المستقبل من جديد". شلالا الفخورة بأصلها اللبناني حرصت على تقديم والدتها السيدة ادنا حداد 87 عاماً المولودة في صغبين بلدة بقاعية، مستشهدة بكتابات لجبران خليل جبران وللرئيس الاميركي جون كينيدي للتحدث عن سبل مساعدة الآخرين. وقالت "في طريقي الى هنا، رأيت مدينة مزدهرة مع ابنية جديدة واخرى قيد الانشاء. انها مدينة تظل جوهرة هذا الوطن والشرق. مدينة سكانها حيويون يقودهم رئيس ديناميكي. انها مدينة أمل وفرص وسيجلب اليها القرن المقبل ازدهاراً، وكما نرجو كلنا سلاماً، لكن رؤية لبنان القرن الحادي والعشرين لن تتحقق وحدها بل تتطلب عملاً مضنياً وتعاوناً والتزاماً، وشكيمة من الاجيال اللبنانية الناشئة: مسلمين ومسيحيين ودروزاً". وأوضحت انها لا تحمل أجوبة سهلة للتحديات التي يواجهها لبنان، واكتفت بطرح اسئلة وافكار، منطلقة من خطاب القسم الدستوري للرئيس اميل لحود من ان "الناشئة ترغب في رؤية مزيد من الاهتمام بالقضايا التربوية والاجتماعية والصحية والبيئية". وقالت انه محق "فما يميّز الولاياتالمتحدة التزامها الثابت بناء وطن يستنهض مهارات كل افراد شعبنا رجالاً ونساء وكل الاعراق التي تكوّنه، فهذه المهارات هي احجار بناء الوطن لا الطرق والجسور وناطحات السحاب". ودعت الى تحدي العقل وعدم التوقف عن التعلّم "لأن العلم وسيلة البقاء للجميع"، ففي زمن الديموقراطية والتغيير وفي عصر المعلوماتية والكومبيوتر والعلم الذهبي تحتاجون الى العلم لتصبحوا مواطنين أفضل ولتتأقلموا مع المتغيرات ولتتمكنوا من استخراج المعرفة من انهارها المندفعة عبر انترنت"، مشيرة الى "ان اربعين في المئة من استعمال انترنت في الشرق الاوسط يأتي من لبنان". وأعلنت اعطاء منحتين لدرجة زميل لمصلحة اساتذة الجامعة لاجراء ابحاث في مجال العلوم الطبية والسلوكية". ورأت ان عصر العولمة يحتاج من اللبنانيين الى "القفز فوق الحواجز القديمة، ثقافة وتقاليد ومذاهب وجغرافيا". وشددت على دور النساء في اغناء الوطن وتقدم الانسانية، قائلة ان "النساء يجعلن كل جامعة يدخلنها أقوى ومما لا شك فيه ان النساء المتعلمات ينشئن مجتمعات أفضل وأصح في العالم". وشددت على موضوع الصحة ودعت الى التركيز على الوقاية للتخفيف من أكلاف العناية الصحية، والى التوقف عن التدخين، اذ في معظم ارجاء العالم هناك 250 مليون طفل سيموتون في المستقبل بسبب امراض لها علاقة بالتدخين. ودعت اللبنانيين الى "التعلم من التاريخ تاريخهم هم". الحوار مع الحضور والطلاب كان مزيجاً من السياسة والصحة فسئلت عن رسالتها الى المخيمات الفلسطينية التي سبق ان زارتها فقالت انها نقلت الى الرئيس ياسر عرفات رسالة من الرئيس كلينتون عن ضرورة تنفيذ اتفاق "واي"، وأكدت دعم تسوية شاملة في ما يتعلق بلبنان بما يعني اسرائيل وسورية وكذلك ما يتعلق بالمخيمات الفلسطينية التي لا تزال في المنطقة. وقالت ان رسالتها الى اللبنانيين الاميركيين ستكون ان "لبنان بلد عظيم زوروه واحضروا اموالكم معكم". وعن التزام الولاياتالمتحدة حقوق الانسان في وقت تشهد دول عدة انتهاكات لها في العراق وفلسطين وجنوب لبنان والسودان. قالت ان بلادها "تصرف مالاً ووقتاً لحماية حقوق الانسان في الشرق الاوسط". وكثرت الاسئلة عن سبب امتناع الولاياتالمتحدة عن استقبال خريجين لمتابعة التخصص أو العمل، فأجابت ان بلادها "لا تريد المزيد من الاختصاصيين. لدينا اكتفاء ذاتي من الاطباء ونظامنا الصحي مكلف اكثر مما نتحمل". ونصحت بنيل شهادة الدكتوراه في الجامعة نفسها التي يتلقى فيها الطالب دراسته. السيدة شلالا التي استهلت نهارها بزيارة مماثلة للجامعة اللبنانية الاميركية، اختتمت يومها "الجامعي" الطويل بجولة في شارع بلس حيث تكثر المطاعم الى جانب المكتبات فاختارت زيارة الاخيرة واشترت كتباً.