الألقاب التسعة والأربعون التي أطلقت عليها لم تفِ أم كلثوم حقها، وإن كان أشهرها "كوكب الشرق". والقول عن فيروز انها "سفيرتنا الى النجوم" اللقب ابتدعه لها سعيد عقل أو "شاعرة الصوت" لأنسي الحاج، على شاعريته وطوباويته، لا يلغي كونها "فيروز" ذاكرتنا الجميلة وحاضرنا الذي يضج بالفرح. وجعل محمد عبدالوهاب دكتوراً ولواء، وقبلهما موسيقاراً و"موسيقار الجيل" و"مطرب القصور والامراء"، لن يحل في التعريف عنه محل "عبدالوهاب"... وكفى. وكذا هي حال فريد الاطرش الأمير، وصباح "الشحرورة" ووديع الصافي، وغيرهم كُثر. فاللقب، قديماً على الأقل، كان يعطي صورة ما عن المطلق عليه، لزيادة شهرته وتمييزه عن غيره، ولكن اليوم، وخصوصاً في لبنان حيث بلغ عدد المطربين والمطربات والمغنين والمغنيات، في احصاء أجري قبل ثلاثة اعوام، نحو سبعة آلاف اي بمعدل مغن لكل 500 لبناني اصبحت الألقاب متممة للجانب التجاري للفن، واحياناً مسرحاً للتباري بين الصحافيين والاعلاميين والمنتجين، على "بضاعتهم" من أهل الغناء... والطرب. وثمة مطربون لم يرس عليهم لقب معيّن، أو أن ما أطلق لم يجار شهرتهم أو موهبتهم او عطاءهم. فصاحبة "الصوت الكريستال" لقب أعطي لماجدة الرومي، ربما لصفاء هذا الصوت وقوته وتميّزه وقربه من الأوبرالية. وباسكال صقر وايلي شويري وعصام رجّي وسمير يزبك وجوزف عازار ومروان محفوظ، لم نعرف لهم ألقاباً لكن اسماءهم ملأت الساحة الفنية سنوات وسنوات. وعرف زكي ناصيف ب"ابي الفولكلور"، وكان الأجدر ان يُطلق عليه "ابن الفولكلور"، لان ابا الفولكلور هو الشعب وحده، والذاكرة الشعبية. والاخوان رحباني اشتهرا بپ"الاخوين". وفيلمون وهبي "شيخ الملحنين" وقد صحّ فيه، خصوصاً بعدما تصدر الألحان الطربية الشعبية سنوات طويلة، وكان بغزارة عطائه وتنوّعه وفطريته حالاً نادرة في مجاله... وانطبق لقب "المطربة الكبيرة" على كثيرات، منهن نجاح سلام وفايزة احمد ونجاة الصغيرة ووردة الجزائرية، و"المطرب الكبير" على كثر، منهم محمد عبد المطلب ومحمد قنديل ونصري شمس الدين. أل التعريف الظالمة الا ان ألقاباً خلعت على كثر من العاملين في المجال الغنائي، بعضهم ذو شهرة وبعضهم مغمور، هي أقرب الى المبالغة أو النكتة، أو مجال للتعليق والتهكم احياناً كثيرة. وهنا أمثلة من 67 لقباً جمعت مما تتضمنه الاعلانات، في الصحافة والاعلام، واللافتات والحفلات الفنية. فوليد توفيق هو "النجم العربي"، كأن ليس هناك الا نجم واحد في سماء العرب، وهذا النجم هو وليد توفيق، فكم هي ظالمة "ال" التعريف هذه له وللآخرين. وراغب علامة هو "العلامة الفارقة" ربما لاقامة طباق بين اسم العائلة واللقب، اما "الفارقة" فلا أدري هي فارقة عمن، فضلاً عن انه لقب ب"الاسطورة" و"السوبر ستار"، علماً ان الاسطورة ليست حقيقة و"السوبر ستار" اصبح لقباً مستهلكاً. وعلاء زلزلي هو "نجم الشباب" و"روح الهوى والشباب" ونجا من لقب "الامل المنشود" ثم "الفس برسلي العرب". معقول؟ فالغرب منذ 20 عاماً لم ينتج بعد الفس برسلي احداً يملأ مكانه، أفيكون زلزلي هو الخليفة؟ لا نظن. وثمة من أطلق على غسان صليبا "خوليو العرب"... بالله عليكم، كيف يكون من صوته قوي و"جبلي" وهادر شبيهاً بمن صوته عادي وناعم وأقرب احياناً الى الصوت النسائي؟. وهناك "نجم الاغنية" محمد العبد، فأي اغنية هي؟ و"نجمتا الجمال والدلال" نينا وريدا بطرس، كأنهما لا تغنيان وانما تعرضان جمالهما ودلالهما. و"مطرب العاطفة والحب" هاني العمري... أليس كل المطربين والمغنين يدّعون انهم عاطفيون وحساسون ويغنون الحب؟ و"مطرب العشاق" غسان خليل، وهناك مستمعون كثر في حال عشق دائم ليس غسان مطربهم. و"مطربة القصور" مها الريم، رحم الله "دنانير". و"المطرب الجردي" عماد ابراهيم، اي هل يغني فقط على ارتفاعات شاهقة؟ و"الفنان المميز" مايز البياع، جناس لفظي ليس الا. و"أمير الطرب" ناجي سابا، تولى "الامارة" وهو في اول الطريق، فماذا سيكون عليه غداً؟ و"العندليب الاشقر" احمد دوغان، لانه نجح في "استديو الفن" بتقديمه اغاني "العندليب الاسمر" عبدالحليم حافظ، مع فارق في لون البشرة والشعر. ونسمع "الصوت الاسطوري" و"معجزة القرن الحادي والعشرين" و"خليفة ام كلثوم" ميشلين خليفة. فمن اطلقها عليها لا يحبها ولا يريد لها ان تستمر... و"صوت الشلال" شادي خليل، فأي شلال: انخل او نياغارا أو جزين؟ و"صوت الماس الذي يتكسّر" ماري سليمان، ألقب هذا أم موضوع انشاء؟ و"عريس الفن" حسن عون، فهل يصح له بعد ان يتزوج وينجب ويهرم؟ و"مارد الغناء العربي" ربيع الخولي، كأنه يغني بطول قامته. و"ملكة جمال النجوم" مادونا. ثمة مْن منهنّ أجمل. و"ملك الهوارة" عاصي الحلاني. فأي طموح هو هذا المحصور بثلاث نوطات ونصف النوطة، هي ميلوديا هذه "الهوارة". و"صاروخ 1993" وائل الكفوري، وقد قطع "ابولو" باشواط. و"سلطان الطرب" جورج وسوف، ربما قبل ان يتحول صوته. و"مطرب الحب والربيع" جورج نعمة، اي انه لا يعمل صيفاً وشتاء وخريفاً. و"مطرب الكسدورة" طوني حدشيتي، لقب نابع من اغنية "اشتهرت". "الشادي" صبحي توفيق، أو يمكن القول "الهامس" أو "الصادح" أو "المترغل"... وكلها تؤدي المعنى نفسه. و"المطرب الشاب" توفيق توفيق، لو بقي عازف "كيبورد" لكان حقق نجاحاً أكبر. و"سندريلا الطرب" ألين خلف، ولمَ ليس "شابرون الحمراء" أو "باربي"؟ لا احد يعرف، الخ... هذا غيض من فيض. وفي لبنان فحسب، والامر ينسحب على فنانين في دول اخرى. قد لا يكون الذنب ذنب من أطلقت عليهم الألقاب، بل ذنب من أطلقها، من دون ان يلاحظ ان "شناً لم يوافق طبقة".