زحام.. ام فورة؟ ام اعادة اعتبار لنوع من الغناء العربي كاد ما يسمى بپ"الأغنية الشبابية" يضعه على الرف؟ اكان الأمر هذا ام ذاك، لا بد ان نلاحظ ان ثمة بين عشرات المغنين الذين يملأون الساحة العربية، عدداً من اصحاب الاصوات الجميلة، الذين لعدم القدرة على توفير اغان مميزة في الزمن الراهن، يسترجعون بعض اجمل ما في التراث الغنائي العربي. ومن هؤلاء عناية جابر، التي بعد ان عرفتها الحياة الثقافية اللبنانية صحافية وناقدة وشاعرة، عادت وتعرفت اليها كمغنية عبر حفلات عدة قدمت خلالها "ريبرتوار" من اغاني اسمهان وام كلثوم ومحمد فوزي ومحمد عبدالمطلب. ومعظم تلك الحفلات كانت اشبه بحلقات مغلقة امام جمهور من الاصدقاء والمثقفين. فعناية جابر لا تتوخى الانتشار ولا ان تكون بديلا، بل انها لا تسعى حتى لأن تكون لها مكانة على خارطة الغناء الراهن. كل ما في الأمر انها تحب ان تغني وتغني. من هنا كانت هذه الاسئلة التي طرحناها عليها. لماذا اخترت هذا اللون من الغناء؟ - اختيار هذا اللون من الغناء تحديدا، تُسأل عند ذاكرتي التي لم تُغرها الاصناف الغنائية السائدة حديثاً. انا في هذا المجال وفية لما اعتقده الاجمل والاكثر انسجاماً مع ذائقتي الفنية. الامر ليس عينه في الشعر. فأنا كشاعرة اكتب "الحديث" منه. والأمر عائد الى انشدادي وتآلفي مع الايقاع الشعري الراهن الذي يوائم حياتي وطريقة عيشي. كنت تمنيت لو فعل الغناء السائد فعل الشعر، لواكبته، غير ان الامر لم يحصل، ولسنا في صدد شرح اسبابه. مغنية لنفسي هل انت مغنية للأصدقاء، ام تأملين في توسيع دائرة مستمعيك؟ - انا مغنية لنفسي في المقام الأول، ومغنية لمن "يستذوق" الغناء، اذ ان ثمة الكثير من الاصدقاء الذين لا يجيدون السماع، وهذا سبب كاف لكي لا اغني لهم. هذا لا يعني انني في صدد توسيع دائرة مستمعي، فالأمر محض شخصي ومحض مزاجي، وبعيد عن الاحتراف بالمفهوم المتعارف عليه. التجاوب مع اغانيك من قبل النخبة هل تعزينه الى الحنين، ام الى السأم من الغناء القائم حالياً؟ - الأغاني التي أنشد، ليست ملكاً لي، ان لها مغنيها ومغنياتها، وأغنيها بدوري بدافع الحنيني، الامر الذي ينسحب على قلة من المستمعين، وينعكس على الباقين بدافع العدوى ليس اكثر. ما هو تكوينك الغنائي؟ - تكوين بيولوجي وروحي اذا اردت. انا مخلوق جاهز لمثل هذا النوع من الانشاد الحميم، اما على الصعيد الاكاديمي، فانني ومن خلال عملي السابق في "فرقة نبيه الخطيب" للغناء التراثي، ذخرت عندي مضامين ايجابية كثيرة، تعينني على الغناء الجيّد. هذا النوع من الفرق الغنائية النادرة، يوفّر لعناصره كل مستلزمات الغناء الصحيح، من كيفية استعمال "العرب" الصوتية، الى معرفة "التنفّس" الصحيح في الوقت الصحيح، الى الاختيارات الراقية في الغناء العربي من موشّحات - وهي الأداء الاصعب في الغناء - الى الادوار والبشارف والطقاطيق والغناء الشعبي.