موسكو، نيقوسيا - "الحياة"، أ ف ب - رغم تجاوبها مع رغبة الدولية في تراجعها عن قرار نشر صواريخ روسية على اراضيها، ظلت قبرص في ورطة، بين تمسك موسكو بعقد تسليم الصواريخ ما يحتم على نيقوسيا دفع ثمنها وبين مواصلة الاتراك ضغوطهم رافضين حلا بديلا يقضي بنشر الصواريخ في جزيرة كريت اليونانية. وكان الرئيس القبرصي غلافكوس كليريديس اعلن مساء الثلثاء تراجع حكومته عن نشر الصواريخ الروسية الصنع من طراز "اس-300" مشيرا الى امكان وضعها في جزيرة كريت. ولم يحظ قرار كليريدس باجماع داخلي قبرصي لكن كان له صدى ايجابي سريع في واشنطنولندنوالامم التحدة وعواصم الاتحاد الاوروبي وبالطبع في اثينا. وأشار مسؤول قبرصي الى ان قرار كليريدس "يعكس رغبة اثيناونيقوسيا في تحاشي اي توتر عسكري وتفادي اي عائق امام انضمام قبرص الى الاتحاد الاوروبي". واضاف المسؤول ان كليريدس "قام بما يتوجب عليه وعلى الاطراف الاخرى تنفيذ وعودها الكلامية بمساعدة الاممالمتحدة على تخفيف التوتر والتقدم على طريق الحل السياسي" حسبما ورد في قرار مجلس الامن الاخير والذي ايده الرئيس بيل كلينتون ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير. وكان هذا القرار الذي اكد في 22 من الشهر الجاري على ضرورة متابعة الجهود لخفض التوتر وتسريع الحل السياسي في الجزيرة، قد اعطى اليونان وقبرص مبررا للتراجع عن نشر الصواريخ، لوجود اهتمام دولي متزايد بالحل. وكان كليريدس اكد انه يتحمل شخصيا مسؤولية هذا القرار الذي لم يلق اجماعا داخل المجلس الوطني. واضاف انه "اخذ بالاعتبار موقف الحكومة اليونانية لدى اتخاذ هذا القرار" وذلك غداة عودته من اثينا حيث اجرى محادثات مع رئيس الوزراء اليوناني كوستاس سيميتيس. واعلن انه موافق على فتح مفاوضات مع الحكومة الروسية حول امكان نشر الصواريخ في كريت. لكن وزير الخارجية التركي اسماعيل جيم قال امس ان ذلك "غير مقبول" على اساس انه "سيزيد من حدة التوتر بين البلدين". وفي الوقت نفسه شددت موسكو ان على كل الاطراف ذات العلاقة بصفقة الصواريخ تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في العقود. وذكر الناطق باسم الخارجية الروسية فلاديمير رحمانين ان موسكو "نفذت بصرامة" تعهداتها بتصدير الصواريخ الى قبرص وان على الطرف الآخر ان يفي بالتزاماته". وقال ان اي تغيير في شروط الصفقة ينبغي ان يتم الاتفاق عليه بين حكومة قبرص وشركة "روسفوروجينيه" الرسمية لتصدير السلاح. وذكر رئيس لجنة الأمن في البرلمان فيكتور ايليوخين ان قرار نقل الصواريخ الى جزيرة كريت "لا يشكل خطراً على روسيا". ورداً على سؤال في شأن وجود الصواريخ الروسية على أراضي دولة عضو في حلف الاطلسي اليونان، قال ايليوخين "علاقاتنا مع اثينا طيبة ... وسلاحنا منتشر في العالم الى حد يجعل الصواريخ لا تضيف جديدا". وكان لقرار كليريدس صدى ايجابي مباشر في واشنطن التي رحبت به مثلما فعلت الاممالمتحدة، بينما "صفقت" له لندن واعتبرته "مشجعا للجهود الآيلة الى ايجاد حل" في قبرص. اما الاتحاد الاوروبي فاعتبر على لسان النمسا التي ترأس الدورة الحالية للاتحاد ان قرار كليريدس "جاء ليؤكد الثقة التي وضعها الاتحاد في حكومته عندما بدأ معها مفاوضات الانضمام". وتعرضت حكومة نيقوسيا المعترف بها دوليا خلال الاشهر الماضية الى ضغوط دولية لثنيها عن نشر الصواريخ لتجنب ازمة داخل حلف شمال الاطلسي الذي تنتمي اليه اليونان وتركيا. يشار الى ان اليونان المرتبطة مع قبرص باتفاق دفاع مشترك ضد اي تهديد تركي، ابدت اخيرا معارضتها لنشر الصواريخ في قبرص تجنبا لمحاذير عسكرية وسياسية لا تخدم البلدين.