الحمار من الحيوانات الشائعة في المجتمعات العربية وهو صديق للفلاح في حله وترحاله، وقد عثر في مقابر متفرقة للهكسوس في عين شمس وابوصير ومنف على مدافن للحمير. ووجدت المقابر على مستوى اعلى من مستوى مقابر الآدميين، وهو ما يشير الى تقديس الهكسوس للحمار، فهم الذين قدروه وعبدوا ربهم "ست" او "ست بعل" في صورة الحمار، ويؤيد ذلك ان احد ملوكهم كان يدعى رعاقني، أي "الحمار القوي". وكلمة حمار بالمصرية القديمة هي "عا" وحرفت حاليا في العامية الى "حا" وتستخدم لدفع الحمار الى المشي. وفي تاريخ العرب ما يشير الى تقديرهم للحمار فمروان بن محمد - آخر حكام بن امية - كان يلقب بالحمار، وكان اهل المغرب يلقبون بطل المغرب ب"حمار برقة". وظاهر من هذا ان العرب فطنوا الى ما في ذلك الحيوان من قوة الصبر على الاحتمال. وأسطورة مرسياس اليونانية تجسد عبادة الحمار كإله. وروح المرح والدعابة التي عرف بها المصريون القدماء جعلتهم يسجلون منظراً طريفاً على احد جدران معبد حتشبسوت في الدير البحري في الاقصر، وهو محفوظ حالياً في المتحف المصري في القاهرة، فقد مثلوا ملكة بونت، وكانت مفرطة في البدانة ويتبعها عبيد يحملون الهدايا، وهي قادمة لتقديم فروض الطاعة والولاء لملكة مصر، وقد ركبت حماراً، وكتب فوق النقش الحمار الذين يحمل زوجته. الحمار في الكتب وذكر الحمار في الكتب المقدسة موصوفاً بأنه مطية الانبياء والصالحين، ومقروناً بالأعمال الرائعة فقد ذكر الحمار في القرآن الكريم عى أنه زينة الانسان قال تعالى: "والخيل والبغال والحمير لتركبوها زينة". وذكر ايضاً في مكان التشبيه والتعريض على انه يحمل الاثقال ولا يفقه ما لا يحمل وذلك في الآية الكريمة "كمثل الحمار يحمل أسفاراً". وجعل توفيق الحكيم في عصرنا الحديث الحمار يكتب مسرحية في قصته الرائعة "الحمار يؤلف" اما زكي طليمات الاديب والمسرحي المشهور فكوّن "جمعية الحمير" تحوي الجمعية 30 الف عضو من المصريين يحملون ألقاباً عدة، فعند انضمام العضو للجمعية يلقب بالحرحور اي الجحش الصغير، ثم يحصل على رتبة اعلى حسب مجهوده. وقد يظل العضو 20 عاماً دون ان يحصلوا على اللقب، وهو "حامل البردعة" اي "حمار كبير". ولم يحصل على هذا اللقب سوى ثلاثة اعضاء من الجمعية هم زكي طليمات وشكري راغب والمرسي خفاجي رئيس الجمعية الحالي. ترجع بداية تكوين هذه الجمعية الى إنشاء معهد الفنون المسرحية العام 1930 على يد زكي طليمات، وقد انشأه طليمات بهدف تمصير المسرح، والخروج به بعيداً عن الارتجال الى الدراسات العلمية، وبعد مرور عامين أوعز الانكليز الى الملك فؤاد ان المعهد يمثل خطراً على حكمه، لأنه عندما يتعلم المصريون كتابة المسرح سيخرجون الى الناس بمسرحيات تشير الى الفساد، واقتنع الملك فأصدر قراراً بإغلاق المعهد. ورغم المحاولات المضنية من جانب زكي طليمات لإعادة فتح المعهد، الا انه فشل وبعد زواجه من روزاليوسف قاد عبر مجلتها حملة لإعادة فتح المعهد. فكرة التأسيس وهداه تفكيره الى تأسيس "جمعية للحمير" لما يتميز به الحمار من صبر وطول بال وقوة على التحمل وكان الغرض إعادة فتح المعهد وانضم معه لتأسيس الجمعية شكري راغب مدير دار الاوبرا المصرية آنذاك، وبفضل جهود اعضاء الجمعية أعيد فتح المعهد. وانضم للجمعية عدد من ابرز المفكرين والادباء والفنانين المصريين، من ابرزهم طه حسين وعباس العقاد ونادية لطفي، واحمد رجب. وعند وفاة السيد بدير آخر الاعضاء المؤسسين للجمعية العام 1986، كادت الجمعية ان تغلق، لولا ان احياها الدكتور احمد محفوظ وزير الصحة المصري الاسبق ورئيسها الحالي المرسي خفاجي. واجهت الجمعية منذ تأسيسها مشكلة رئيسية واساسية، وهي عدم اعتراف الحكومة المصرية بها بسبب اسمها، الذي اعتبرته "غير لائق" ولا يوافق التقاليد. واصاب الإحباط اعضاء الجمعية بسبب هذا الموقف، وفقدوا اهم صفات الحمير وهي الصبر والتحمل، وقرروا تغيير اسم الجمعية ليتسنى إشهارها، ولكن وزارة الشؤون الاجتماعية تماطل وتسوف في إشهار الجمعية. وتدار الجمعية حالياً من منزل رئيسها في ضاحية حلوان جنوبالقاهرة، وتقدم خدمات مختلفة للمجتمع منها محو الامية، وتشجير الاحياء، وانشاء الحدائق، واستصلاح الاراضي لتمليكها للشباب، وتنظيم الرحلات الداخلية والخارجية، ورعاية المرضى من خلال عيادات الاطباء الذين انضموا للجمعية، وتقدم الاجهزة الطبية الحديثة كهدايا للمستشفيات الحكومية. ومن اهداف الجمعية ايضا تنمية الوعي الثقافي، والدعوة الى انشاء فرق التمثيل المسرحي، ورعاية الفن التشكيلي، وإنشاء المكتبات العامة. وتتعاون الجمعية مع جميعات دولية اخرى في خارج مصر، مثل جمعية الحمير السورية، وجمعية الحمير الاميركية التي يترأسها احد اعضاء جمعية الحمير المصرية وهو الفنان التشكيلي رشيد اسكندر. وإن كانت أخبار الحمار طريفة في التاريخ فالجمعية ليست أقل طرافة منها.