أسفرت الاتصالات التي اجراها السيد محمد مروان الزركي في الاشهر الماضية مع شخصيات ثقافية وسياسية الى عقد المؤتمر التأسيسي ل "التجمع الوطني الديمقراطي السوري" قبل بضعة ايام، في ظل وجود توقعات باستقطابه عدداً من المنضوين تحت لواء "الاحزاب" الكردية الاخرى الموجودة في شمال وشمال شرقي البلاد. وقال الزركي ل "الحياة" ان المؤتمر عقد في دمشق في حضور اكثر من 150 شخصية وعدد من الضيوف و"نخبة من المثقفين"، وان المجتمعين انطلقوا من البيان التأسيسي للدخول في "مناقشة صريحة" للمسائل المطروحة. يذكر ان الحكومة تعترف رسمياً فقط بسبعة احزاب قومية - عربية وناصرية وشيوعية تنضوي تحت لواء "الجبهة الوطنية التقدمية" منذ العام 1972. ولا تسمح بقيام احزاب على اساس ديني او مذهبي او قومي متطرف، فيما ينضوي تحت لواء الاحزاب السبعة عدد من الشخصيات المتحدرة من قوميات اخرى. ومن ابرز هؤلاء زعيم "الحزب الشيوعي" الراحل خالد بكداش وخليفته في رئاسة الحزب السيدة وصال فرحة وهما كرديان وتناوبا على تمثيل "الحزب الشيوعي" في القيادة المركزية ل "الجبهة الوطنية التقدمية". لكن الواقع اظهر عدداً من الاحزاب الكردية التي اقيمت على اساس قومي بينها "حزب الوحدة الديمقراطي" لاسماعيل عمر و"الحزب الاشتراكي الكردي" لصالح كدو و"الحزب الديمقراطي التقدمي" بزعامة حميد درويش و"الحزب اليساري الكردي" ليوسف ديبو. وكانت احزاب اخرى تعرضت للانشقاق بينها "الحزب الديمقراطي الكردي" بارتي الذي يعتبر امتداداً ل "الحزب الديمقراطي الكردستاني" العراقي بزعامة مسعود بارزاني. وانشق "الحزب الديمقراطي" السوري الى جناحين بزعامة نذير مصطفى ونصر الدين عمر. كما ان مجموعة بقيادة فؤاد عكيلي خرجت من "الاتحاد الشعبي الكردي" بزعامة صلاح بدرالدين. وتتراوح توقعات المراقبين بين ان يحل "التجمع الديمقراطي" محل هذه الاحزاب، وان يعلن عدد منها الانضواء تحت لوائه. ويُعتبر بعض هذه الاحزاب امتداداً لأحزاب كردية غير سورية مثل "الاتحاد الوطني" او "الحزب الديمقراطي"، الامر الذي يحاول ان يحدّ الزركي منه عبر حصر ولاء الاكراد السوريين بسورية ول "ازالة تراكمات موجودة في الشارع". وقال: "نريد إقناع الكردي بأن الاحزاب الاخرى تعيّشه مشاكل غير مشاكله". ويقارن البيان التأسيسي بين وضع الاكراد قبل وبعد تسلم الرئيس حافظ الاسد الحكم وقيام "الحركة التصحيحية" في تشرين الثاني نوفمبر 1970. وجاء في البيان ان الاكراد "علّقوا آمالاً كبيرة عليها وفي تصحيح الاجراءات التي جرت بحقهم ... وفعلاً طرأ تحسن كبير في اوضاع الأكراد وبدا الكردي يتلمس ذلك من خلال التعبير عن عاداته وتقاليده وأعياده، كما توقفت المشاريع الاستثنائية بحقهم"، مشيراً الى محاولة "الداوئر الغربية والصهيونية حصر القضية الكردية بالعرب من خلال تجاهل اوضاع الاكراد في تركيا، في محاولة لضرب العلاقة التاريخية بين الشعبين المتآخيين الكردي والعربي وجعلهما في مواقع التناقض والصراع". وبعدما اشار البيان الى سعي "دوائر معادية" الى استغلال بعض المظاهر ل "لضرب اللحمة الوطنية في سورية"، قال ان "التجمع يدرك أن الاكراد جزء لا يتجرأ من بنية المجتمع السوري وهويته الوطنية. ويؤكد الحرص على تحقيق الوحدة الوطنية بين ابناء الشعب وتعزيز اللحمة الوطنية وتحصين الجبهة الداخلية لسد الثغرات" وصولاً الى "تعزيز دور سورية اقليمياً". هذه المواقف دفعت بعض الاكراد الى اتهامه بأنه "قريب من السلطة"، لكن الزركي نفى ذلك وقال: "نحن سوريون وعلاقتنا هي مع السلطة. وهذه العلاقة هي الضمانة والأمل للوصول الى حقوقنا"، لافتاً الى ان المؤتمر عقد تحت شعار "الولاء لسورية ولقائدها الاسد وتعزيز اللحمة الوطنية في البلاد على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات". ويستند التجمع في قناعاته هذه الى ان "التاريخ علمنا بأهمية بروز كردستان كجغرافية استراتيجية تلعب دور المصدّ للغزوات والحملات التي تتعرض لها المنطقة العربية"، لافتاً الى ان الامبراطورية العثمانية لم تستطع "احتلال المنطقة العربية الاّ بعد احتلالها كردستان في معركتي جالديران العام 1514، وهي شكلت مقدمة لسقوط سورية ومصر في معركتي مرج دابق العام 1516 والريدانية العام 1517". وزاد ان ذلك يدل على ان "تزامن نهوض الشعبين في حالات الوحدة وانهيارهما في حالات الانقسام". عليه، فان البيان التأسيسي أعلن "ادانته التحالف الاستراتيجي الاسرائىلي - التركي الذي يشكل تهديداً خطراً لامن المنطقة واستقرارها وفي المقدمة سورية"، لافتاً الى بذل "دوائر غربية وصهيونية محاولات حثيثة لفرض الحصار على سورية". وكانت الازمة التركية - السورية انتهت الى توقيع اتفاق أمني نص على عدم وجود زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان وعدم وجود معسكرات له في الاراضي السورية. وبعد اجتماعات استمرت يومين تم انتخاب 45 مرشحاً لعضوية اللجنة المركزية وستة لعضوية المكتب السياسي برئاسة الزركي الذي "انتخب بالاجماع"، تمهيداً لانعقاد المؤتمر الاول في 15 كانون الاول ديسمبر العام 1999