السيد المحرر، تحية وسلاماً وبعد، نشر ابراهيم حميدي من دمشق في العدد 12983، الأحد 20 ايلول سبتمبر 1998 مقالاً تحت عنوان "التجمع الوطني الديموقراطي بديل الأحزاب الكردية السورية؟" وفيه ما يسترعي الانتباه ويحتاج الى تعليق ورد، حتى يتمكن القارئ العربي من الاطلاع على وجهي المسألة. قبل كل شيء نستغرب تطرق "الحياة" الى وجود أحزاب ومنظمات كردية في سورية، وكذلك وجود اجراءات استثنائية، بل ووجود كردي في سورية، بعد تعتميم اعلامي طويل العمر وإنكار رسمي لذلك منذ وصول حزب البعث الى الحكم، فالكرد في سورية منسيون، مهملون ومعاقبون من الاعلام العربي عموماً. ونريد ان نصرح هنا بأن الوجود الكردي القومي في سورية وجود تاريخي لن ينتهي. وتؤمن الحركة الكردية القومية في سورية ان الشعب الكردي يعيش على أر ض آبائه منذ فجر التاريخ، وهو شعب سوري ملتزم بحدود الوطن المشترك ودافع عنه ضد العثمانيين والفرنسيين وكل القوى المعادية لاستقلال سورية وشارك في عملية بناء الدولة على كل المستويات وقدم دماء ابنائه في لبنان وفي الجولان ومستعد لأداء دوره الوطني باستمرار، لكنه في الوقت ذاته جزء من شعب كردستان وله انتماء قومي لا يمكن سلخه أو فسخه أبداً. إن البيانات الثلاثة التي نشرها محمد مروان الزركي باسم "التجمع الوطني الديموقراطي" استرعت اهتمام ابراهيم حمودي وصحيفتكم على رغم ما فيها من إهانة للشعب الكردي وتحوير للحقائق. وهناك مئات البيانات التي تصدر من أطراف الحركة الكردية السورية التي تؤكد خطها الوطني السوري وعدائها للمخططات الدولية المعادية للعرب ولسورية خصوصاً، لم تسترع في يوم من الأيام اهتمامكم واهتمام مراسلكم هذا. وهذا ما زرع الشك في النفوس وجعلنا نتساءل عن "الاستقلالية والموضوعية". الانشقاقات في الحركة الوطنية الكردية في سورية لم تأت من جهات أجنبية، على رغم تأثرها الطبيعي بأحداث كردستان العامة وبعلاقات أطرافها السياسية، لكنها تحدث غالباً بتأثير وتفعيل دوائر معينة مرتبطة بدوائر الحكم في سورية ومنها هذا المشروع الغريب والجديد الذي يأتي كحلقة في سلسلة طويلة من إحداث التنظيمات، بدأت بفرض عضوية البعث على مخاتير القرى ومروراً بتكوين "جمعية المرتضى" وتسخير أحزاب تدعي الكردستانية من خارج سورية على الكرد في سورية ووصولاً الى "تجمع وطني ديموقراطي" بهدف تصفية الحركة الوطنية الكردية، بعد فشل كل المحاولات السابقة. الحديث عن وجود نسبة كردية لا تزيد عن 20 في المئة من سكان سورية هو حديث قديم، ومن قبل كانوا ينكرون وجود "أكراد" في سورية. فضح ابراهيم حميدي سيد المشروع "الوطني الديموقراطي" عندما ذكر بأن برنامج هذا "التجمع" هو "معارضة أي برنامج كردي سياسي متطرف يتعلق بحق تقرير المصير أو حكم ذاتي أو استقلال...!". وهل هناك من ينكر على الشعوب حقها في تقرير المصير؟ وبأي منطق ولمصلحة من؟ ويقول: "لا بد من مراعاة الظروف والضغوط التي تتعرض لها سورية اضافة الى حال الحرب مع اسرائيل.." ونقول: هل راعى أحد كالأكراد ظروف سورية الداخلية والخارجية...؟ وهل قصر الأكراد يوماً في واجبهم اثناء الحرب وفي عملية البناء؟ وهل سورية فعلاًَ تريد كسب الحرب؟ اذاً فامنحوا الكردي حقه في ان يعتز بهذا البلد ويشارك فيها بكل طاقاته والتاريخ يشهد للكرد بأنهم قرون الحديد أولوا البأس الشديد. أوليست هي الأحزاب الكردية التي تنادي دائماً بپ"تعزيز التآخي وترميم الجسور الحضارية بين الشعبين الكردي والعربي واعادة اللحمة والروح لهذه العلاقة في ضوء التاريخ المشترك..،" كما ورد في بيانات السيد الزركي. ومهما يكن فإن ذكر أسماء أحزاب كردية في سورية هو في ذات الوقت اعتراف بوجودها وبوجود شعب تنتمي اليه هذه الاحزاب. وفي الختام نقول - كمنظمة مستقلة عن الاحزاب - بأن هذا الطريق المقترح من قبل أطراف معينة في التركيبة الحكومية السورية ليس طريق الوحدة الوطنية وتعزيز التآخي بين الكرد والعرب. ومثل هذه المشاريع هي خدمة جليلة للتحالفات التي تستهدف الوحدة الوطنية السورية وهي فاشلة كفشل المشاريع السابقة. وعلى الحكم في سورية ان يفكر جدياً في طرح واقعي وعملي وعادل للقضية الكردية