الممثل السوري رشيد عساف عرفه مشاهدو الشاشة الصغيرة من خلال ادوار متعددة ومتنوعة دفعت به الى الصفوف الاولى، خصوصاً منذ لعب دور ورد في مسلسل "البركان"، مع المخرج محمد عزيزية. عساف بدأ من خلال "فرقة المسرح الجامعي" خلال دراسته في جامعة دمشق مع عدد من زملائه الذين اصبحوا ممثلين معروفين بعد ذلك امثال عباس النوري، سلوم حداد وأدارهم بنجاح المخرج المسرحي الراحل فواز الساجر من خلال مسرحية محمود دياب المعروفة "رسول من قرية تميزه للاستفهام عن مسألة الحرب والسلام". "الحياة"، عاشت مع الفنان رشيد عساف اياماً في غابات اللاذقية على الساحل السوري حيث يشارك في مسلسل "الكواسر" مع المخرج نجدت اسماعيل انزور ونخبة من الممثلين والممثلات، وحاورته عن اسئلة الدراما السورية وتجربته الفنية ودوره الجديد. مسلسل "الكواسر" هو عملك الجديد، ماذا عن هذه التجربة؟ وما الذي تقوله للمشاهد؟ - بما ان "الكواسر" هو جزء ثان لعمل ناجح على الصعيد الجماهيري هو "الجوارح" فإنه - كما يظهر لنا من احداثه وشخوصه - استمرار لأحداث الجزء الاول، ولكن بقوالب جديدة. العمل في مقولته الاساسية يركز على الصراع بين الخير والشر. شخصية خالد التي اقوم بها لا نعرف لأية قبيلة ينتمي، ولكن بالمصادفة يحدث اللقاء المرير والقاسي بينه وعائلته، وبين ذاك الذي يمثل قوى الشر والطغيان ]شقيف[، ويحدث ما يشبه الكارثة. وكلمة الكارثة تبدو للوهلة الاولى مبالغاً بها، ولكن عندما يشاهدها الجمهور يحس بها ويدركها. من هنا يبدأ صراع هذا الرجل مع هذه القوى بالدرجة الاولى، وهذا ما اسميه المسبب الخاص الى ان ينتقل الى العام دفاعاً عن قبائل اخرى مهددة من قبل تلك القوى الشريرة والخارجة عن الحس الانساني. جزء ثان من "الجوارح" يعني لنا دراما "الفانتازيا التاريخية"، كما تسمى في هذه الايام، كيف ترى هذه المسألة وخصوصاً لجهة تغيب الزمان والمكان وتعويمهما؟ - أنا اول من مثل ادواراً لهذا الطابع، وكان ذلك في مسلسل "البركان" ومن قبله "غضب الصحراء". اظن بتلك الفترة كان لا بد امام ضعف المساحة وضآلة الهامش المتاح لنا وضغط الرقابة من اللجوء الى هذه الاعمال. لو اردنا ان نقدم عملاً يعالج على الاقل هموم الوطن ومشكلات المواطن بشكل معاصر سنرى ان هناك موانع كثيرة، لهذا كان لا بد من التحايل على الرقابة، اي ان نحمل ما نريد ان نقوله معاصراً على اعمال اطارها تاريخي، وشكلها هو نوع من محاكاة التاريخ. هنا نستطيع ان نصل الى ما يسمى المقارنة مع الواقع، او ما يطلق عليها "الاسقاط المعاصر". في "الجوارح" الذي جاء بعد "البركان" اختلاف من حيث ان "البركان" عولج وكأنه عمل تاريخي موثق، في حين ان "الجوارح" جاء من حيث المعالجة النصية والشكل الفني حاملاً من الغرابة ما جعلنا في منتصفه نحس ان غرابته اصبحت اكثر إلفة وأكثر قرباً منا، ومقولة العمل صارت واضحة فوصلت الى المشاهد. الفانتازيا ليست تغريباً كاملاً.. انها تغريب واقعي، كما لو قلت في فترة ما انني استطيع ان اذهب الى القمر قبل الوصول الى القمر. هذه فانتازيا، ولكن ان يأتي القمر الينا.. فهذه هي الغرابة. من وجهة نظري يجب ان تكون الفانتازيا قريبة جداً من الواقع لكي نتقبلها ويتقبلها ذهن المشاهد. الآن يبدو لي ان هامش التعبير في المحطات العربية اصبح اوسع، ولكن هذا لا يلغي هذا اللون من الاعمال الدرامية. رحلة رشيد عساف التي بدأت من المسرح الجامعي اين وصلت؟ - كانت رحلة طويلة، شاقة وممتعة في ذات الوقت، وأنا اعتبر مجموعتنا التي خرجت من المسرح الجامعي آخر الشباب المهتمين بالهدف والرغبة في تقديم المفيد للناس. وبعيداً عن الشعارات فإن افراد هذه المجموعة لم يهتموا بالمادة كناتج لعملهم الفني كما يحدث الآن. اتمنى للشباب ان ينظروا لما في هذه الحركة الفنية لكي تكون المسيرة صحيحة. انت تذكر تلك الايام، ايام المسرح الجامعي، التوجه الفكري الذي كان شعار هذه الفرقة، والظروف. بعد ذلك جاءت شاشة التلفزيون لتكون الاكثر انتشاراً والاسرع وصولاً لجماهير اوسع وأكثر. بالنسبة لي - على صعيد الشاشة بالدرجة الاولى - كان الهم ان اقدم ادواراً تحقق لي شهرة وحضوراً وعلاقة محبة مع الجمهور، وكان هذا نقطة ارتكاز حقيقية للتواصل من خلال اعمال - كما قلت سابقاً - تطرح الهم، وتعالج المشكلات، وتهيء المناخ لمحاولة التغيير. حين تلتفت الى الوراء، كيف ترى التجربة وما هي محطاتها المهمة؟ - "الارجوحة" فيلم هيثم حقي، ثم فيلمه الآخر "اللعبة"، كانا نقطة ارتكاز للدخول في عالم الشاشة. ايضاً مسلسل "البيادر" للمرحوم فوزي الدبعي والمخرج فردوس أتاسي ثم "الجذور الدافئة" للمخرج سليم موسى، ثم فيلم "الحدود" لدريد لحام، فمسلسل "دائرة النار" لهيثم حقي. يبدو لي ان الاهم والاوسع انتشاراً كان "البركان"، وأي ممثل يحلم بفترة ما ان يترك بصمة في دور. كثير من الفنانين يقولون ماذا اعمل؟ الى الآن يتذكر الناس هاني الروماني من خلال "أسعد الوراق". غبت فترة عن الشاشة.. كان لا بد ان اقف اولاً لإعادة التوازن ومن ثم التفكير بما يجب ان اقدمه. عندما تقوم بعمل ناجح تخاف كثيراً من المراوحة او حتى التراجع. اعمال كثيرة جاءتني وكنت احس انها لا تقدم شيئاً ولا تفيدني كممثل، فكان غياباً لفترة، ولكن هل هذا الغياب يمكن ان يلغي فناناً؟! كيف ترى التيارات المختلفة في الدراما السورية؟ - ظاهرة الخلافات الفنية بين مخرجين او ممثلين او كتاب، اعتبرها ظاهرة صحية، وكثيرون يعتبرون الساحة الفنية يجب ان تكون متحدة لكي تقدم الجميل للجمهور. انا اراها ظاهرة صحية كما قلت. لو كان الكل على اتفاق لعشنا في رتابة وابتعدنا عن المنافسة. انا اسعد كثيراً عندما ينجح عمل ما لنجدت أنزور وأسعد ايضاً عندما يظهر عمل آخر يحقق نجاحاً لبسام الملا، الذي اراه سيئاً في هذه الظاهرة هو التجريح ونشر الغسيل