تشكل المقاهي الشعبية على الطراز العتيق، بما تقدمه من وجبات سعودية والقهوة العربية و"الشيشة" أو "المعسل"، الجيل الاول من المقاهي في السعودية. ولهذه المقاهي روادها على رغم أنها اقصيت الى اطراف المدن، فيما حل محلها في مراكز المدن جيل ثان من المقاهي، تبدو لفرط حداثتها نسخة من نظيرتها الغربية، لجهة التصميم وعتمة الجو، وصوت الموسيقى الغربية المنبعث من جنباتها، إضافة إلى اسمائها العربية الحروف والغربية المعنى. وهنا الآن مخاض لولادة جيل ثالث من المقاهي، هي مقاهي انترنت، التي تعبر عن طور ما بعد الحداثة المرتبط بحضارة الالكترونيات والعولمة. ويتوقع لمقاهي انترنت أن تحظى بالحصة الأكبر من الشعبية وإقبال الجماهير في المملكة، خصوصاً من فئة الشباب على حساب الجيل الثاني، جيل المقاهي الحديثة، الذي يفتقد إلى الجذور في البنية التحتية للتكوين الاجتماعي. أما مقاهي الجيل الاول فربما فقدت بعض روادها من ذوي الاهتمامات بتقنية المعلومات وملاحقة الجديد في عالم التكنولوجيا. هذا الأمر لفت المستثمرين السعوديين إلى أهمية الاستثمار في قطاع مقاهي انترنت، فعملوا على انشائها عندما لاح في الافق ان الحكومة السعودية تنوي السماح بإدخال الخدمة قريباً. وعندما صدر القرار كان بعض المقاهي بدئ في اقامته، ومنها ما اكتمل تشييداً واعداداً. في الجبيل الصناعية شرق السعودية، على سبيل المثال، تجري حالياً استعدادات لافتتاح "مقهى الشبكة"، وهو الاول من نوعه في المدينة، وتم تجهيزه وإعداده لتقديم خدمة انترنت إلى الجمهور، عند بدء تدشين الخدمة المقرر في 19 الشهر الجاري. وقال السيد راشد سالم البوعينين، المدير العام ل "مؤسسة لجنة البرامج" التي تملك "مقهى الشبكة"، ل "الحياة": "اتخذنا قرار البدء في انشاء المقهى، خصوصاً بعد توافر مؤشرات ايجابية عدة، منها نجاح هذا النشاط الاستثماري في الدول العربية والخليجية المجاورة، وتهافت المواطنين السعوديين على ارتياد هذه المقاهي في الدول المجاورة". وأضاف ان ما شجع على إقامة المقهى "وجود شريحة كبيرة من المهندسين والتقنيين والاداريين والشباب ذوي الوعي المبكر بتقنية المعلومات والذين يجيدون اللغة الانكليزية بحكم طبيعة الاعمال في الشركات الصناعية بالجبيل، ونتيجة نظام التعليم في الهيئة الملكية الذي يبدأ تدريس الحاسب الآلي واللغة الانكليزية من الصف الاول ابتدائي. كما ان الاعلان عن توفير خدمة انترنت في السعودية كان بمثابة الاعلان عن بدء نشاط استثماري جديد عبر انترنت، بما توفره من خدمات عدة ومختلفة". وحول امكان اتجاه هذه الشرائح المستهدفة الى الاشتراك مباشرة مع موفري الخدمة من الشركات المعتمدة ما يؤثر سلباً في شعبية مقاهي انترنت، قال البوعينين: "لا يرغب كل المهتمين بانترنت في الحصول عليها عن طريق الاشتراك الشهري، اما لارتفاع قيمته، أو لعدم حاجتهم لها على اساس اشتراك دائم. كما أن المقهى يوفر خدمات أخرى مساندة تجعل استخدام الشبكة اكثر متعة، إذ تتوافر المشروبات الساخنة والباردة، وبعض المأكولات الخفيفة، والصحف اليومية والمجلات المتخصصة والكتب، إضافة الى وجود شخص متخصص لتقديم المساعدة الفنية للمستخدمين. كما يجد الباحثون الجو الملائم للبحث عن مواضيع معينة، ويمكن للمستخدم طبع المستندات الخاصة به مع توافر أقراص للنسخ والمواد القرطاسية اللازمة. كما ان بعض المقاهي يخصص قاعة لاعطاء دورات قصيرة في الكومبيوتر او في مجالات يرغبها الرواد كعلوم الادارة وغيرها". هذا الجيل من المقاهي، مقاهي انترنت، سيشيع في الناس ثفافة جديدة تسمى ثفافة انترنت، بمصطلحاتها وعوالمها وآليات سبر اغوارها والاستفادة من امكاناتها. وربما تطورت هذه المقاهي الى منتديات تجمع محبي الانترنت ومحبي البحث والاطلاع والمناقشة في جو ملائم. وقد تشكل البديل الحديث للمقاهي التي يرتادها الادباء والمفكرون حالياً