قرات التحقيق الذي نشرته "الحياة" يوم الثلثاء 21 رجب 1419 العدد 13034 في ملحق شباب وكان بعنوان : "الرغبه تنقص والمسؤولية تزيد: شبان وشابات يتزوجون باكراً ويفشلون". كتبته روزيت فاضل . فكان ذلك سبباً لكتابة هذه الكلمات، فأقول وبالله التوفيق: أولاً: ماهو رأي الدين في الزواج المبكر؟ لا شك ان ما اختاره الله لنا من شريعة ودين فيه السعادة لنا في الدنيا قبل الآخرة، فان الله سبحانه لم ينهانا عن شيء الا لمافيه من المفسدة لمناخ الدنيا قبل الآخرة. اما بعد، فقد حث الإسلام على الزواج المبكر ويتضح ذلك في أمور: 1 - حديث "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج..." 2 - حديث "ثلاثة حق على الله عونهم"، وذكر منهم "الناكح الذي يريد العفاف". 3 - قوله تعالى "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله..." 4 - ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن الفرقة الناجيه قال هى ما أنا عليه وأصحابى. اذًا فلننطر إلى حال السلف بالنسبة لهذا الموضوع. كان الغالب عليهم هو الزواج المبكر والحث عليه بل الى وقت قريب كان المسلمون على هذه الحالة. قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه "اذا بلغت بنت احدكم فليزوجها واذا بلغ ولد احدكم فليزوجه وإلاّ اذا اقترف الولد ذنبا فهو شريك له في ذلك الذنب". وكما هو معروف ان عبدالله بن عمرو بن العاص كان بينه وبين أبيه 12 سنه فقط وفي المثل: كل شيء تذم فيه العجلة الا النكاح والثمرة. واذا نظرنا في كتب الفقه نجد التالي: مسألة: ويجب على الأب تزويج ابنه إذا احتاج الى الزواج وهو فقير والأب قادر وكذلك كل من تجب عليه نفقته. مسألة: وفي وجوب النفقة على زوجة الإبن وأبنائه خلاف بين اهل العلم. ورجح بعضهم وجوبها لأنه إذا وجب عليه تزويجه وجب عليه أيضاً لوازم ذلك، هذا اذا كان الابن فقيراً. مسألة: واذا عجز عن نكاح الحرة وخشى العنت على نفسه جاز له نكاح الأمة العنت: هو الوقوع في الزنا. قال تعالى "ومن لم يستطع منكم طولا ان ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات…". ثم قال: "ذلك لمن خشي العنت منكم وان تصبروا خير لكم والله غفور رحيم". ثم قال بعد ذلك: "يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم. والله يريد ان يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيما. يريد الله ان يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفاً". النساء وكذلك اذا نظر الانسان الى النصوص المحذرة من الزنا والذامة له يحصل عنده تصور عن اهميه الزواج المبكر قال تعالى "ولاتقربوا الزنى انه كان فاحشة وساء سبيلاً". وفي الحديث "من ضمن لي مابين لحييه ومابين فخذيه ضمنت له الجنة" صحيح الجامع 5/372. وفي الحديث "لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" البخاري. ثانيا: واعلم أخي القارئ الكريم أن الفقر لا يعتبر في الاسلام عائقاً وانما عدم الاستطاعة. ففي الحديث السابق قال. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"، وهذا خطاب للشاب نفسه. قال تعالى "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم" وهذا خطاب للأولياء. وكذلك الآية السابقة "ومن لم يستطع منكم طولاً....." وكذلك تزويج النبى صلى الله عليه وسلم الصحابي الذي لايملك إلا إزاره. قال الصحابى لا أملك إلا إزاري أشقه مناصفة بيني وبينها فقال صلى الله عليه وسلم وماذا تفعل بإزارك ثم قال زوجتكها بما معك من القرآن. وفي الفقه مسألة: إذا عجز الزوج عن النفقة هل يحق للزوجة طلب الخلع؟ ورجح بعض أهل العلم أنها لا تطلب الخلع بل تتعلم بعض الحرف وتساعده ولا تهدم بناء الأسرة. مسألة: إذا طلب العبد المملوك الزواج من سيده فيجب على سيده إما أن يزوجه وإما أن يبيعه إلى من يزوجه. فيلاحظ مما سبق أن من لم يستطع الزواج وهو يريده يدله الشرع الى أشياء لغض البصر و إحصان الفرج كالصوم والزواج من الإماء الارخص مهوراً. واذا كان الإسلام لا يجعل الفقر عائقاً عن الزواج مع أنه يهدد أعظم حقوق الزوجة وهو النفقة فإنه لا يجعل الجهل بحقوق الزوجية مانعاً للزواج مع أنه يأثم المقصر في هذه الواجبات كل هذا حرصاً على إحصان الافراد. فمن لم يكن عنده "الوعي الكامل" و"العقلانية" و"عدم القدرة على لعب دور الزوج أو الزوجة" كما قالت الكاتبة فمن لم يكن عنده هذه الأشياء نقول له تعلمها وتزوج ولا نمنعه من الحلال بل نشجعه عليه. اما قول الكاتبة: "ولا شك ان تحمل الصعوبات اليومية في الحياه العائليه تتطلب وعياً متبادلاً لا يتوافر عند الزوجين المراهقين"، فهذا كلام غير مسلم، إذ أنني لا أعلم أشد طموحاً وتصميماً وعناداً في تحقيق أهدافه من المراهق التي من اسهلها تخطي هذه العوائق المذكورة وتحقيق هذا الوعي، ثم إني أعجب من استخدام الكاتبة لكلمة "مراهق" هل تعني بها ما بين 14-17 سنة. إن زواج مثل هؤلاء هو من أندر النادر في مجتمعاتنا اليوم بل الملاحظ قلة زواج الشباب دون ال 25 سنة، والملاحظ إنكار الناس على من تزوج قبل ذلك فقولي بربك هل هذا مراهق وهل هذا عاجز عن تحمل مسؤوليات الزواج والحصول على الوعي الكافي لزواج سعيد؟ إن الشاب اليوم بل الشابة اذا لم ينته من دراسة البكالوريوس 23 سنة فإن الزواج لا يزال في عرف الناس "بدري عليه" بل "حتى يحوش بعد ذلك من الوظيفة مبلغاً معيناً"، وقد يطول الجمع إلى ثلاث أو أربع سنين. ثم أنه ينبغي أن يفرق بين الذكر والأنثى، فالأنثى مهما كانت صغيرة فإنه لا يضرها ذلك ما دامت بالغة، والدليل عائشه رضى الله عنها التي كانت من أسعد الناس زواجاً وكانت تغار عليه صلى الله عليه وسلم وتقول: ومالي لا أغار على مثلك؟ وكانت بعد موته تردد: ذهب الذين يُعاش في أكنافهم. وبقيت في جلد كجلد الاجرب. وكان زواجها من أنجح الزواجات، فكان صلى الله عليه وسلم يُسأل: من أحب الناس إليك؟ فيقول عائشة. قالوا: من الرجال؟ قال أبوها. مع أنه تزوجها وهي بنت تسع سنين. الايجابيات والسلبيات اولاً: ايجابيات الزواج المبكر - الراحة والاستقرار والسكن النفسي. قال تعالى "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون". - تكثير سواد الامة وهو مطلب شرعي إذ الزواج المبكر يمنح الزوجين فرصاً أكثر للإنجاب بخلاف الزواج المتأخر. - حفظ المجتمع الإسلامي من الجرائم الأخلاقية وذلك بتحقيق رغبات الفرد المسلم و غرائزه بالحلال فيُمَكَّن مما يشتهى بحرية وبدون خوف وتوجس. - الحصول على مستوى أفضل من التربية إذ الملاحظ ان الشيخ الكبير في السن أقل قدرة على تربية أولاده ومتابعتهم من الرجل الشاب. - تهيئة الشباب وتفريغهم للتفكير في طموحات اكبر من التفكير في حلم الزواج وإزالة همّ الحرمان عنهم لكي يصبحو أفراداً أصحاء منتجين، فكم من شاب وشابة يئنون وتسمع منهم كلمات التوجع من نار الشهوة الموؤودة في نفوسهم. حتى الفُسَّاق والزناة يتوجعون من تأنيب الضمير ويتمنون الحلال. - اغتنام افضل وأبهى أوقات الشباب واليفاعة والنضارة والتمتع به كما أنك لا تجد للزواج بعد الثلاثين كبير متعة ولا عظيم لذة. - التمتع بخير متاع الدنيا على الإطلاق قال صلى الله عليه وسلم "الدنيا متاع وخيرمتاعها المرأة الصالحة". - الزج بالشباب الى العمل والجدية وإبعادهم عن اللهو والفراغ العابث وإضاعه الأوقات والأموال في العبث، إذ الباعث على اللهو والعبث هو البحث عن متع النفس التي تسد فراغ القلب الناتج عن فقدان الشاب لمتطلباته النفسية. والزواج المبكر يوفر للشاب الفتاة التي يلاعبها وتلاعبه ويحدثها وتحدثه ويعطيها كل مالديه من مشاعر وتعطيه بدورها الحنان والمحبة. والزوج من جانبه يمنح الزوجة الحضن الآمن والركن الشديد الذي يقف معها في مصائب الدنيا ونوائب الدهر، فالمرأه لا تستطيع أن تقطع مشوار الدنيا لوحدها وكذلك الرجل، وأيضاً هل تتصور من طالب جامعي متزوج أن يهمل في دراسته أو يكسل عن التحصيل كيف ووراءه أسرة تنتظره؟ ثانيا: سلبيات الزواج المبكر - في الغالب يكون الشاب من 16 الى 25 سنة على مقاعد الدراسة، فهو إذا تزوج في هذه الفترة سوف يعجز أويقصر في النفقة إذا لم يكن عنده مورد للرزق. بل حتى بعد ال 25 سنه وبعد التخرج من البكالوريوس فإن على الشاب البحث عن وظيفة ثم جمع المال من مرتبه ثلاث سنوات أو ربما أربع لكي يقدم مهراً يناسب مهور أهل زمانه، ففي الغالب على الشاب الذي يريد الاعتماد على الوظيفة أن ينتظر إلى ما بعد الثلاثين، فما بالك بمن يطمح بإكمال دراسته في الدراسات العليا. والسؤال هو: ماذا يفعل الشاب في هذه الفترة مع كثرة المغريات والاختلاط وكثرة المهيجات الجنسية في وسائل الإعلام؟ أضف إلى ذلك انتشار ظاهرة ضعف الإيمان والأفكار المنحرفة مثل ما يسمى بال "غيرل فرند" وال "بوي فرند". ومايسمى بالحب داء العشق الذى ان كان كما يسمونه شريفاً، فنحن هنا نحاول معالجة صعوبة الزواج الذى هو المقصد الشريف، وإن كان هدفه الزنى فالزنى فاحشة وساء سبيلا، مع التنبيه الى حرمة هذه العلاقة فضلاً عن أنها وسيلة وطريق للرذيلة. وقد ذكرنا الوضع زمن الصحابة والسلف فى هذه الفترة من العمر بل إلى وقت قريب كان الشاب أقدر على التكسب والعمل. عن أحد كبار السن أنه قال: لم نكن نعرف ماتسمونه مراهقة. لا نعرف إلا طفولة ورجولة، فمتى بلغ الفتى تزوج وفتح بيتاً وعمل مع أبيه في المزرعة أو المحل أو التجارة أو الرعي. لذلك ينبغي علينا أن نشعر بأن النظام التعليمي خاطئ، وأن وضع الشاب ذي العشرين ربيعاً هو وضع غير طبيعى. كيف يكون الشاب القوي الطموح ذو العشرين سنة لايملك إلا ثيابه التي عليه لا يملك قرشاً واحداً الا مصروفه الذى يأخذه من أبيه وأمه، والأخطر أنه عاجز عن التكسب وأبواب الوظائف مغلقة في وجهه - سمعت في أحدى الإذاعات أن من فقرات "بروتوكولات حكماء صهيون" لإفساد الامم تأخير سن الزواج للشباب والشابات وذلك بامور: منها - إشغالهم بالدراسة إلى مرحلة متقدمة من العمر. - نشر الاختلاط في المجتمع خاصة في المدراس والجامعات. - نشر التفسخ والخلاعة خاصة في وسائل الاعلام. واليك أخي القارئ بعض الحلول لهذه القضيه: 1 - الحل الجذري لهذه المشكلة هو أن تضغط سنوات الدراسة الى أقل من الواقع الآن فلماذا يدرس الإنسان أربع سنوات ابتدائي وأربعاً إعدادي وأربعاً ثانوي. ثم إن الذي يُدرس في الابتدائي يُعاد في المتوسط وكذلك في الثانوي مع القليل من الإضافة والتوسع، وبين هذه السنين الدراسية عطل صيفية طويلة يقضيها الطلاب باللهو والفراغ، وبعد ذلك بكالوريوس الذي حتى يسمى بكالوريوس لابد ان يكون على الأقل أربع سنوات. ثم بعد ذلك يحصل الإنسان على وظيفة لايحتاج فيها من دراسته التي درسها 16 سنة الا العلم القليل في أيام التخصص. 2 - من الحلول ان يعطى المتزوجون مكافأة جامعية مزيدة اكثر من الطلاب العزاب تعينهم في النفقة على الزوجة والأولاد. 3 - من كان له أب قادر، وسّع الله عليه فإن على هذا الاب تزويج ابنه والنفقه عليه الى ان يتخرج ويقف على قدميه 4 - على الآباء تعليم أبنائهم من سن العاشرة حرفة يمارسونها وقت الفراغ يمكنهم من خلالها جمع رأس مال يجدونه متى كبروا. فإذا كان الولد يخرج في اليوم 10 ريالات مثلاً فإنه بعد عشر سنوات سوف يكون لديه تقريباً 36000 ريال يؤسس بها مشروعاً تجاريا يؤَمِن منه راتباً شهرياً ولو قليلاً يعينه في سنوات الدراسة… على الأقل، يتعلم الولد كيف يدخل السوق ويتاجر ويعرف كيف يخرج المال. 5 - على الشاب الصبر وعدم فتح بيت جديد على الأقل حتى يوسع الله عليه، فيسكن هو وزوجته في بيت أبيه، وعلى الزوجة تقبل ذلك بصدر رحب، وعلى الأب احتساب الأجر. 6 - الاشتغال بوظيفه بعد الظهر، ويفضل الا تطول عن 6 ساعات ولوكان راتبها بسيطاً. 7 - تبسيط متطلبات الزواج وإعطاء الشباب قروضاً تسدد بعد التخرج من الوظيفة. قال تعالى "أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم". وقال تعالى "لينفق ذو سعة من سعته ومن قُدِرَ عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً الاما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا"