الأحد المنصرم في الواحدة وعشر دقائق بعد منتصف الليل سمع سكان منطقة لاكيمبا، غرب سيدني، طلقات نارية متواصلة. وقالت جارة مركز الشرطة في المنطقة السيدة كريستين ليلو: "رجّ المنزل بنا. اعتقدنا أن هناك من يحاول خلع الباب". إلا أن الهجوم طاول مركز الشرطة نفسه. وقال شهود عيان إن سيارة تنقل خمسة شبان عبرت بسرعة فائقة ومنها جرى اطلاق 16 رصاصة أصابت 13 منها مبنى المركز فحطمت زجاجه واصيبت في محيطه سيارة للشرطة، كما اصيب شعارها المعلق على المدخل، وهو يحمل العبارة اللاتينية المأخوذة من هوراس: "العقاب الصارم يتبع الجريمة مباشرة". السابقة المباشرة لهذه الحادثة جريمة قتل ذهب ضحيتها صبي آسيوي الأصل في الرابعة عشر من عمره، مات مطعوناً مساء السابع عشر من تشرين الأول اكتوبر الفائت. وقيل إن مصرعه نتيجة صراع بين عصابات المنطقة التي تضم فريقين يتناحران على امتداد غرب سيدني، معظم أفرادهما من الآسيويين واللبنانيين. وأفادت وسائل الاعلام المحلية ان القتلة شعروا بأن التحقيق يقترب بسرعة من هوية الفاعلين، ولذا أقدموا على تهديد الشرطة، ثم نفذوا وعيدهم بهذا الاسلوب "الجديد". وكان لا بد على التوالي من سقوط اللوم على "اللبنانيين" كونهم يعيشون بأعداد كبيرة في محيط لاكيمبا وبانكستاون وبانشبول، مسرح عمليات العصابات المتناحرة. وبالطبع اصيبت الجالية اللبنانية في سيدني بصدمة كبيرة، خصوصاً عندما ركزت وسائل الاعلام، في بحثها عن الإثارة السهلة، على ناحية مقلقة في مسار التحقيق هي الناحية الدينية. قيل إن أحد الشبان أطلق شعاراً إسلامياً وان التهديدات الهاتفية التي تلقتها الشرطة اتسمت بطابع إسلامي. ويأتي هذا كله بعد محنة تداولتها وسائل الاعلام الشهر الماضي حول اغلاق مسجد للجالية البنغلاديشية بحجة أنه يحمل صفة "كنيسة" في التصنيف المديني. اعقبتها ليلة الرصاص على مركز الشرطة في لاكيمبا. ولعل ما زاد في الطين بلة ان تصريحات حاكم ولاية نيوساوث ويلز، بوب كار، غمزت من طرف غير خفيّ، إلى أن مرتكبي الجريمتين لبنانيون، حيال ذلك جاء الرد عاصفاً من كل قطاعات الجالية. والي وهبه، نائب رئيس التجمع المسيحي اللبناني في استراليا، قال إنه لا يمكن ليافعين مستثملين أن يقوموا بمثل هذا العمل. ولا بد أنهم ينتمون إلى عصابات يديرها ناضجون محترفون. لكنهم في النهاية أطفال: "مولودون هنا. إنهم استراليون"، قال وهبه، وأشار إلى أن البطالة والعوز وراء هذا الواقع، وعلى حكومة الولاية أن تتصدى لهما. كما عبر عن موقف الجالية الموحد وراء حكم القانون. وقال الناطق باسم مركز الجالية اللبنانية معن عبدالله إن تصريحات السيد كار تصب الزيت على النار بالنسبة إلى التمييز العنصري ضد اللبنانيين. وقال السيد فاروق حديد، رئيس الجمعية الإسلامية اللبنانية إن تصريحات رئيس الحكومة سابقة لأوانها "عليك ان تقبض على الفعلة قبل أن تصرح بأنهم لبنانيون". وأضاف انه في جميع الأحوال "هؤلاء مولودون في استراليا. ذهبوا إلى مدارسها، وهم استراليون".