أعلن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز أنه أعد مسودة ميثاق شرف العمل الصحفي لجريدة "الحياة" ومجلة "الوسط"، وحدد في كلمة ألقاها أمس في افتتاح المؤتمر السنوي الرابع ل "الحياة" و"الوسط" ثمانية محاور تتضمن الأفكار الأساسية للميثاق القابلة للنقاش، متمنياً "أن يصبح لصرحنا الاعلامي مدرسة واضحة المبادئ والقيم". وافتتح الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز المؤتمر في دبي بحضور رئيسي تحرير "الحياة" و"الوسط" الزميلين جورج سمعان وغسان شربل، ونائب رئيس مجلس الإدارة عايض الجعيد والمدير العام روبير جريديني وعدد من كبار العاملين في المؤسسة وصحفيين وإداريين، كذلك حضر اركان شركة "تهامة" وعدد من أصحاب كبرى الشركات الاعلانية في الشرق الأوسط. وألقى الزميلان سمعان وشربل كلمتين، كذلك تحدث في جلسة الافتتاح التي تلتها جلسة عمل بعد الظهر، كل من الزميل جهاد الخازن والدكتور غسان سلامة عضوي اللجنة الاستشارية. غاب الدكتور عثمان الرواف عضو اللجنة وسينضم اليوم إلى جلسات العمل. وهنا نص كلمة الناشر الأمير خالد بن سلطان: "بسم الله الرحمن الرحيم الاخوة الاعزاء السلام عليكم ورحمة الله يسعدني أن نجتمع على أرض الإمارات العربية المتحدة. بلد عزيز علينا، يرأسه والد وقائد، عُرف بمواقفه الوطنية وسياسته الصريحة العلنية، يعمل على لم الشمل العربي، بإصرار وتؤدة. فإليه أوجه تحية الشكر والتقدير، داعياً المولى - عز وجل - أن يمنحه الصحة والقوة، ليحقق ما تصبو إليه نفسه. كما يسعدني أن أرحب بكم في مؤتمرنا الرابع لصرحنا الاعلامي. ارحب برجال "الحياة" و"الوسط"، أرحب بأعضاء اللجنة الاستشارية، أرحب برجال الدعاية والاعلان، ارحب بكل من انضم إلى مؤتمرنا، تحقيقاً للأفضل، وسعياً إلى الأمثل. ارحب بكم جميعاً، وآمل أن يكون اجتماعنا مثمراً مفيداً، مساعداً على الوقوف على اخطائنا، مصححاً لمسيرتنا، عوناً على بلوغ أهدافنا. إننا نجتمع معاً، بعد مضي أكثر من عام ونصف العام، على مؤتمرنا الثالث، في الدار البيضاء، فترة طويلة، أحداثها متسارعة، متغيرة. تلهث الأنفاس في تتبعها، وتحار العقول في فهمها. فالقضايا الرئيسية ما برحت كما هي لم تحل، تتفاقم وتتزايد، وتتعقد، وتتشابك، ولا يخلو يوم واحد من قصف أو تفجير، ارهاب أو اعتداء، انهيار أسواق مالية أو سقوط حكومات، حريات تنتهك، ونفوس تزهق، وشعوب تشرد، لم يسلم شرق ولا غرب، شمال ولا جنوب، من مشاكل وعقبات ومآس وويلات. هنا يأتي دوركم، رجال "الحياة" و"الوسط". وهو دور المجاهد بالكلمة، المتسلح بالحقيقة، المتدثر بالحيدة والواقعية. ومسؤولية أخرى، لا تقل عن الأولى: هي مسؤولية زرع الأمل في غد أفضل، وإعادة البسمة إلى الشفاه، وفتح طاقة من نور في هذا الظلام، وتبديد التشاؤم، ونشر التفاؤل والاهتمام بما يمس الحياة، اجتماعياً ونفسياً، دينياً وبيئياً. أعلم انكم تبذلون الجهد، وتخلصون العمل، وتؤدون الامانة، ولكن قراءكم ينتظرون المزيد من العطاء، والتجديد في الأداء. وانني على ثقة بقدرتكم على الإبداع والتطوير. في اجتماعاتنا السابقة، رسمنا منهجاً محدداً لحوارنا، نبدأه باستعراض الفترة المنصرمة، نحدد فيه نقاط الضعف قبل نقاط القوة، ثم نحلل المشاكل والمعوقات، ونناقش ونتحاور، ونختمه برسم الخطوط العريضة لسياسة فترة مقبلة. وسأبدأ بنفسي، ماذا حققنا؟ 1. على مستوى الإدارة - أُعِدَّت السياسات والاجراءات المالية والإدارية، التي تحكم العلاقة بين المكتب الرئيسي والمكاتب الفرعية. كما أُعِدَّ نظام الرقابة المالية الداخلية. - أُعدت وأُقرت خطة التسويق في المملكة ودول الخليج بالتنسيق مع شركة "تهامة". - أُنجز تنظيم مكاتب الرياضوالقاهرةوبيروت. - خُفض عدد العاملين في الانتاج في المركز الرئيسي في لندن، وبدأ مكتب بيروت ينتج أربع صفحات يومياً، ويسهم مكتب القاهرة بجزء من انتاج المواد المخصصة للنشر. - تحقق جزء من الترشيد، واقفلت مكاتب لا تستدعي الضرورة حالياً بقاءها. - اشراك التحرير وأقسامه في مراجعة النفقات، وإعداد الموازنات. - استحدثت إدارة للتسويق في مكتب الرياض، تشكل حلقة الوصل بين التحرير وشركتي التوزيع والاعلانات. 2. على مستوى التحرير لقد كانت ثمرة جهد رئيس التحرير، وجهدكم جميعاً، أن: - انطلقت الطباعة في المغرب. - وصدرت "الحياة" في حلة جديدة ملونة، وأعيد تنظيم الطاقة التحريرية في المكتب الرئيسي. - وبدأ إصدار ملاحق يومية، لتوسيع قاعدة القراء من دون المساس بالمساحة التحريرية، مع تحسين الصفحة الرياضية. - واشترك المحررون في إعداد المواد المطلوبة، وتقلص الاعتماد على الاستكتاب فقط. - وبدأ العمل، منذ نهاية العام الماضي، بنظام التقويم للأداء العام للتحرير، ونظام الحوافز. - وبات هناك شبه توازن في التغطية الاخبارية للدول، وفي مساهمات الكُتّاب في معظم الأقسام. - واستحدث نظام إرسال متقدم، عبر الانترنت، بين لندن والزملاء في الخارج. 3. كما اختير أعضاء اللجنة الاستشارية، وهم بيننا الآن. - وبيننا كذلك، أركان تهامة للاعلان وأركان شركات الاعلان الكبرى في الشرق الأوسط. والآن، ما الذي لم نحققه؟ - زيارتنا، نحن ورئيسا التحرير، بعض المكاتب. - إعلان نظام الحوافز. - ميثاق شرف العمل الصحفي لجريدة "الحياة" ومجلة "الوسط". أما الأول، فمرده إلى انشغالي الشخصي والظروف الانتقالية في "الحياة" و"الوسط"، وما استتبع ذلك من إعادة هيكلتهما، فضلاً عن الانشغال بتنظيم المكاتب الكبرى، وإقفال مكاتب في عواصم لا جدوى اقتصادية منها. أما الثاني، فربما لا عذر لنا فيه، ولكن التغييرات التي ذكرتها، مع الانشغال بتنظيم الشؤون المالية والمحاسبية حالا دون ذلك. وما يخفف من تقصيرنا ان عدداً من مستحقي الحوافز لم يحرموا منها في نهاية السنة الماضية. أما الثالث، فقد أعددت مسودة للميثاق ولكني أفضل قبل اصداره ان أتلقى اقتراحاتكم حتى يكون، عند إصداره، شاملاً ومعبراً عن وجهات نظركم. وسأوضح لكم الأفكار الأساسية التي أود ان نضعها في حسباننا عند إعداد هذا الميثاق. أولاً: إن الصحافة، في عرفنا، هي فن تقديم المعلومة، على أسس علمية صحيحة، لتبيلغ رسالة سامية، تحقيقاً لأهداف نبيلة، وترسيخاً لقيم عظيمة. ثانياً: إن تشييد "دار صحفية" يمثل في الحقيقة بداية عقد معنوي وأدبي بينها وبين القارئ. وصدور المطبوعة الصحفية يعد توقيعاً للعقد من جانبها. أما شراؤها، فهو توقيع للعقد من جانب القارئ. لذا، فإن المطبوعة الصحفية، جريدة أو مجلة، لا بد ان تراعي شروط العقد العامة عند التجميع والتحرير والإصدار. وهي، على سبيل المثال وليس الحصر: ان تكون المادة الصحفية محل العقد مشروعة، غير مخالفة للنظام العام والآداب، وأن تكون خالية من عيوب الإرادة، كالإكراه أو الغش أو التدليس. شروط يجب أن يلتزم بها كل من جريدة "الحياة" ومجلة "الوسط"، وتعملا على تنفيذها على الوجه الأكمل. ثالثاً: العلاقة بين الصحفي والقارئ، ليست عقداً أدبياً أو تجارياً فقط، بل هي حوار، له آدابه: حوار شريف مهذب، حوار يتمسك بالأسس الاخلاقية والمبادئ الإنسانية. وشتان ما بين حوار يرتكز على السباب والتجريح واتهامات بالخيانة والعمالة، وبين حوار يرتكز على الاحترام المتبادل في الرأي والفكر والمعتقد مهما تباينت الآراء أو اختلفت الأفكار. رابعاً: ان رسالتنا، في الجريدة والمجلة، رسالة اخلاقية، إنسانية، علمية، ندعو من خلالها إلى حفظ النفس والعرض والمال والعقل. نهتم بتحقيق رفاهية الإنسان وندافع عن حقوقه ونزوده بالمعرفة وننقل إليه الخبرات ليحيا حياة فاضلة كريمة. فالقتل والسرقة، والاغتصاب والاعتداء، والغدر والخديعة، وشهادة الزور وخيانة الامانة، والاستغلال والكسب الحرام، والتكبر والغطرسة، والظلم والقهر، واحتلال أراضي الغير من دون وجه حق، واستخدام القوة أو التلويح بها، بدلاً من استخدام الحوار والخضوع للعدل، كلها أعمال نرفضها، ونجاهر بمحاربتها. خامساً: ومن جوهر رسالتنا أن غذاء الفكر بالتوعية لا يقل أهمية عن غذاء الجسم بالطعام. لذا، فمطبوعاتنا الصحفية تعنى بالفكر، في المقام الأول، وتعد للقارئ مادة تحتوي على مختلف الفنون والمعارف، والحكايات والطرائف، والأخبار والتعليقات، والصور والتحليلات، بعيداً عن التطويل الممل أو الايجاز المخل. سادساً: إن المسؤولية الأدبية والسياسية تقع على مالك الجريدة ورئيس تحريرها ومديرها المسؤول. فالمقال أو الخبر أو التعليق الذي يصدر في الجريدة أو المجلة، هو من مسؤولية رئيس تحريرها ومديرها اللذين يتحملان المسؤولية الكاملة متضامنين مع المحرر. سابعاً: تمثل الإدارة - بالتأكيد - العقل المدبر للصرح الاعلامي، وعصبه الحساس، فبقدر ما تكون الإدارة فاعلة ومنضبطة، ودقيقة ومنتظمة، يكون توازنها مرموقاً، ونجاحها مضموناً، وجنباً إلى جنب مع الإدارة، تبرز مسؤولية رئيس التحرير، فالإدارة والتحرير، مسؤوليتان متوازيتان في بناء الجريدة أو المجلة، إذا اختل عمل أحدهما انعكس على الآخر، مما يؤثر في النهاية في كفاءة العمل الصحفي. ثامناً: إن مقومات الصحفي الناجح، من وجهة نظري، هي: ثقافة واسعة، ومتابعة واعية. قلم رشيق، وظل خفيف. خلقه قويم، ولسانه عفيف. يترفع عما يشوب ذمته المالية ويتحمل أمانة المهنة الصحفية. مقومات أساسية هي أقوم قيلا لا أقبل ولا تقبلون منها بديلاً. سأكتفي بهذه المبادئ الثمانية، وسأنتظر مسودة "الميثاق"، من كل من "الحياة" و"الوسط"، قبل نهاية شهر فبراير المقبل. الإخوة الاعزاء أعلم ان هناك انجازات، وقصوراً وسلبيات، وأعلم ان تحقيق الآمال رهين عزائم الرجال. إن ما أتمناه أن تكون جريدة "الحياة" الجريدة الثانية لكل عربي في وطنه، والأولى له خارج بلده. وأتمنى أن تتميز "الوسط" بطعم ولون محددين. وأخيراً، أتمنى أن يصبح لصرحنا الاعلامي مدرسة واضحة المبادئ والقيم يتعلم فيها الصغار والكبار، ويتشرف بالانتماء إليها المحررون والكتّاب، مدرسة: 1. منفتحة العقل، متسعة الصدر. لا تضيق بالنقد، ولا تعادي النجاح. 2. تعبر بسهولة وتعطي المعلومة في يسر وسلاسة. 3. لا مكان فيها للأخطاء الهجائية أو السقطات اللغوية. 4. تهتم باللغة العربية، وتجيد الترجمة من اللغات الأجنبية. 5. ترتقي بلغة الخطاب، وتترفع عن مسّ الأعراض والأنساب. 6. الهمز واللمز مرفوضان، والبذاءة والاسفاف ممنوعان. 7. قاعدة معلومات في جميع المجالات. 8. تخوض التنافس، وتقبل التحدي. 9. تساند الحق وتعادي الباطل. 10. تتحدث بصراحة، وتواجه بأدب وشجاعة. 11. الصدق شعارها، والكذب مرفوض عندها. 12. تكسب الأصدقاء وتحيد الأعداء. 13. تغطي كل حدث، وتقدم كل جديد. 14. تهتم بالعلم مصدراً وبالتقنية الحديثة سبيلاً. إنها بايجاز مدرسة، تحترم عقل القارئ، وتحوز ثقة الباحث. الإخوة الاعزاء إذا كنتم قد اخترتم بأنفسكم الطريق الصعب، طريق الصحافة، فما بالكم بمن يصدر جريدة مستقلة، تتسم بالمصداقية والمهنية! يصد عنكم الضربات من جميع الجهات، لا يضعفكم بتلقي تمويل من أحد. ولا يخضعكم لأوامر من أحد، طريق شاق اخترته ولن يثنيني عنه أحد بعون من الله - عز وجل. ولا يوجد أمامنا طريق وسط، إما البقاء والمنافسة، أو الانكفاء والموادعة. وإنا على الطريق الأول سائرون، وبمشيئة الله واصلون. والسلام عليكم"