قبل أن تفك قطب الذراع التي زرعت في إحدى مستشفيات فرنسا، وقبل أن تلتئم مسامها، كان فريق طبي لبناني صرف يعمل في صمت على زرع كبد لطفلة عمرها ثلاث سنوات في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت وإنقاذ حياتها، وهي ولدت من دون المجاري الصفراوية وأتلف كبدها. وهذا حدث طبي متقدم يشهده لبنان والشرق الأوسط للمرة الأولى بفريق طبي "غير مستورد" على ما قال ل"الحياة" نقيب الأطباء اللبنانيين الدكتور غطاس خوري. وأكد "انها المرة الأولى التي يقوم بها فريق وطني بعملية زرع كبد وهي محصورة الآن بالدول المتقدمة". وأوضح "اننا نقدم إنجازات على المستوى العالمي بقدرات وطنية مقيمة، إذ نفسح في المجال أمام مرضى بإجراء عمليات زرع تكلّف في الخارج نحو 300 ألف دولار وكلفتها في لبنان نحو 30 ألف دولار". والعملية التي استغرق التحضير لها ثلاثة أشهر، لناحية دراسة كل الحالات، أجريت للطفلة التي كان يتوقع لها ان تعيش، لو لم تجرَ لها الزراعة، شهرين على الأكثر. اما المتبرعة ففتاة عمرها 15 عاماً وأصيبت قبل اسبوع بوفاة دماغية أكدت من جانب ثلاثة اطباء مختصين في الجهاز العصبي ورابع في جراحة الأعصاب وخطط دماغها مرات عدة وتبيّن أن "لا حياة في الدماغ". وتابع "هذه حالات نستطيع ان نأخذ منها أعضاء"، واتخذ القرار بحسب المرسوم الاشتراعي الرقم 109 وبموافقة كل الأطراف وأهل الفتاة الذين تصرّفوا بكثير من "الحكمة والحضارة"، رافضاً بشدة ذكر اسميهما. وأوضح "أن كبد الواهبة اكبر من كبد الموهوبة ما جعل العملية متطورة جداً، ومرّت في ثلاث مراحل: استئصال قطعة من كبد الواهبة بحجم كبد الموهوبة، واستئصال الكبد المهترئ من الموهوبة، ثم زرع القطعة مكان الكبد، بالإضافة الى تركيب شرايين. واستغرقت 18 ساعة وتمت بتقنية عالية من دون أي إشكالات ولم يحصل أي نزيف وجلّ ما احتاجته "وحدة دم" فقط. وكانت الجراحة ناجحة مئة في المئة إذ مضى على إجرائها نحو 48 ساعة والفتاة في صحة جيدة والكبد المزروع يعمل في شكل طبيعي". وأضاف "ما احتجناه هو الإتيان بأمصال لحفظ الكبد، من مؤسسة زراعة الأعضاء في قبرص ووصلت في سرعة كبيرة". أما الفريق الطبي فتألف من نحو 40 عنصراً على رأسهم الجرّاحون: النقيب خوري ومحمد خليفة وهاني الحاج، وأطباء التخدير: أنيس بركة وسناء جبور الخوري وشكيب أيوب. وأسهم في إجراء العملية الجيش اللبناني المتمثل بقائده الرئيس المنتخب العماد إميل لحود الذي تدخل شخصياً وقائد اللواء الطبي العميد أدونيس نعمة، إذ تحمّل الجيش كل أعباء التكاليف وهذه "مبادرة متقدمة"، إضافة إلى الجامعة الأميركية التي وفّرت كل الأساليب التقنية والعلمية المتقدمة لإجراء هذه العملية. وأعلن ان النقابة ستبادر إلى إنشاء نظام متطور وتسهيل التشريعات في ما يتعلق بزرع الأعضاء وإصدار بطاقة التبرع التي تسمح باستعمال أعضاء المتبرع من دون الرجوع إلى أي طرف آخر. وستقوم النقابة بحملات وطنية لتشجيع الناس على التبرع لأن هذا الموضوع حيوي وأساسي لآلاف المرضى. وختم "نحن فريق حاضر ومستعد لإجراء مزيد من عمليات زرع الكبد للمرضى المحتاجين، إذا توافر متبرعون، ولا ينقصه أي من القدرات التقنية والعلمية".