من يرث منازل السوق العمومية في بيروت؟ انه السؤال الذي آثرت "شركة اعادة إعمار وترميم الوسط التجاري في بيروت" سوليدير عدم الإجابة عنه. فالمعروف أن هذه السوق مؤلفة من أبنية وبيوت استأجرتها بائعات هوى من أصحابها الذين حصلوا على أسهم من الشركة العقارية في مقابل استملاكها عقاراتهم. أما المستأجرون وهم المستفيد الثاني من تحويل عقارات وسط بيروت اسهماً مالية في السوق العمومية، بغايا غير لبنانيات في معظمهن، يقول عارفون بخفايا "سوليدير" الكثيرة، ان غالبيتهن لم يأتين الى الشركة للمطالبة بأسهمهن، تركن بيروت، ولبنان ربما، فور بداية الحرب، وذهبن الى مصائرهن الجديدة التي لا يمكن لأحد تقديرها. فصاحبات "البيوت" اللواتي كن يشغلن نساء أصغر منهن سناً، غالباً ما كن تجاوزن سن "العمل"، وانتقلن من ممارسته الى إدارته، فاستأجرن فور تقاعدهن بيوتاً، دفعن لاستئجارها "تحويجة العمر". ومعظمهن كما يتذكر مجايلوهن من اللبنانيين كن تجاوزن الخمسين. وهذا يعني أنهن بعد انتهاء الحرب في عام 1990 وإصدار قانون الشركة العقارية، كن تجاوزن الخامسة والسبعين. انهن بلا ورثة من دون ريب. فلا يأتي الى هذه السوق للعمل سوى المطرودات والمتخليات عن أهلهن أو الهاربات منهم. وجزم مختار محلة المرفأ - الصيفي حيث تقع السوق العمومية كمال السيوفي، أن عدد هذه البيوت يتجاوز 200 شقة ومحل، وهو بدوره يستبعد أن تكون واحدة عادت لتطالب بحقها في الأسهم. فإلى أنهن أميات غير مدركات لحقوقهن في الوسط التجاري، يرجح السيوفي أن يكن غادرن فور بداية الحرب الى بلادهن البعيدة، ومن بقي منهن في لبنان فمن المرجح أنهن قضين نحبهن، إما مرضاً وأما في إحدى جولات الحرب! ومن بقيت منهن على قيد الحياة، فقدت عقلها، كتلك المتجولة في أحياء شارع الحمراء عارضة بيع طرائف وأخبار عن ماضيها للعابرين الذين لم يعودوا مكترثين لحكاياتها.