للمرة الأولى منذ اندلاع فضيحة "مونيكا غيت" استمع الأميركيون وغيرهم حول العالم الى صوت مونيكا لوينسكي المتدربة السابقة في البيت الأبيض تتحدث الى صديقتها السابقة ليندا تريب عن علاقاتها الحميمة مع الرئيس بيل كلينتون، على مدى حوالى 22 ساعة من التسجيلات التي قامت بها تريب دون علم من لوينسكي. وما وزعته ونشرته اللجنة القضائية التابعة لمجلس النواب صباح الثلثاء الماضي من أشرطة تسجيل صوتية، لم يحمل جديداً ذلك ان سبق ونشرت اللجنة نصوص هذه التسجيلات الشهر الماضي في الدفعة الثانية من الوثائق الملحقة بتقرير المحقق الخاص كينيث ستار الى الكونغرس والذي اتهم فيه الرئيس كلينتون بالكذب تحت القسم داعياً الى محاكمته تمهيداً لعزله. وبعدما شاهد الأميركيون صور كلينتون ولوينسكي هنا وهناك في البيت الأبيض وبعدما قرأوا وتوفرت أمامهم، آلاف الصفحات من التقارير باتوا الآن قادرين على الاستماع الى الأصوات بعدما أصبحت التسجيلات ملكية عامة... والسمع ليس كالقراءة. فلدى سماعها يمكن معرفة المشاعر من فرح أو حزن أو غضب أو ألم أو خيبة أمل وقد أظهرت لوينسكي كل المشاعر في أحاديثها مع صديقتها السابقة. وكان في الامكان معرفة جانب من نيات "الصديقة الخائنة" تريب من صوتها الذي كان دائماً حازماً وهادئاً ومسيطراً ليس فقط على الوضع بل وعلى مونيكا الشابة الصبية ذات الخبرة القليلة التي وضعت كل ثقتها بها. ولوحظ أن اللجنة محت من التسجيلات الكثير من الأمور الشخصية التي لا علاقة لها بالفضيحة كما محت الكثير من الكلام ذي الطابع الجنسي أو الذي يحتوي على الشتائم. وبدا واضحاً ان تريب كانت تحاول استدراج لوينسكي للتحدث بالتفاصيل عن علاقاتها بالرئيس كلينتون لتكشف في التسجيلات جوانب سلبية يمكن استخدامها ضد الرئيس وضد الصبية. كاستدراجها مثلاً للتحدث عن مغامراتها الجنسية مع كلينتون وللتحدث عن الفستان الأزرق الذي سقط عليه السائل المنوي وحضها على المحافظة على الفستان وعدم تنظيفه. وسعيها المستمر لدفع لوينسكي الى الكشف عن خططها بشأن تقديم شهادتها تحت القسم ودفعها الى القول بأنها قد تنكر العلاقة مع كلينتون. ناهيك عن أحاديث كثيرة حول سعي لوينسكي للحصول على وظيفة وتخطيطها لاستئناف العلاقة مع كلينتون الذي وصفته في أحيان بال "بوبو" وفي أحيان أخرى بال "واطي" حتى يخيل للمرء بأنها تحدث عن زميل لها في الدراسة وليس عن رئيس الولاياتالمتحدة الدولة الكبرى في العالم. وتضمنت التسجيلات التي جاءت في 37 شريطاً، تفاصيل متفاوتة في الجودة والنوعية. ففي بعض التسجيلات تظهر لوينسكي وكأنها مراهقة لا تعرف طريقها وعاشقة تواجه مشاكل العلاقة بين فتاة ورجل في عمر والدها يملك كل أدوات السلطة. وتظهر لوينسكي أيضاً في تسجيلات أخرى امرأة راشدة تحلل الأمور بعقلانية وتعرف جيداً وضعها ومخاطر علاقاتها بالرئيس كلينتون. وتظهر التسجيلات ايضاً لوينسكي، امرأة غاضبة خصوصاً عندما تقول: "لقد طفح كيلي" من الوضع الذي وصلت اليه. وبدورها بدت تريب وهي في عمر والدة لوينسكي وربما أكبر منها، وكأنها تلعب أدواراً مختلفة. ففي بعض الأحيان تقدم نصائح الأمومة وفي أحيان أخرى تقدم نصائح الاخوات وفي أحيان تعامل مونيكا بحدة لكي تتوقف عن البكاء مثلاً. وفي كل الأحيان يبدو أن تريب كانت تسعى للحصول على أكبر قدر من المعلومات. وكان في الامكان سماع تريب على الهاتف وهي تأكل أو تشاهد لعبة البيسبول على التلفزيون. وراوحت ردود فعل الأميركيين بعد سماعهم جانباً من التسجيلات بين الشعور بالتضامن مع لوينسكي ضد تريب التي تحاول استغلالها وبين الشعور بأن كل المسألة مدعاة للسخرية والهزء. ولاحظ بعض الأميركيين أيضاً ان لوينسكي بسيطة أو انها - خصوصاً لدى اجهاشها بالبكاء - امرأة لا يمكن الاعتماد عليها، وكان هناك شبه اجماع على توجيه اللوم الى تريب وعلى اعتبار لوينسكي الضحية. والجدير بالذكر ان علاقة لوينسكي بتريب بدأت بعدما تم نقلها من البيت الأبيض الى وزارة الدفاع البنتاغون حيث عملت الامرأتان معاً في مكتب الصحافة هناك. وبدأت تريب في تسجيل مكالماتها الهاتفية مع لوينسكي في أيلول سبتمبر 1997 واستمرت حتى كانون الثاني يناير 1998 عندما انفجرت الفضيحة. ودارت معظم الأحاديث حول كيفية وضع استراتيجية تؤدي الى عودة العلاقة بين لوينسكي وكلينتون الذي كان قطعها قبل أشهر. وكيف يمكن مجدداً الانتقال من البنتاغون الى البيت الأبيض لتكون قريبة من الرئيس. وتداولت لوينسكي مع تريب في صيغ رسائل الى الرئيس الأميركي ومنها قول لوينسكي "لا يمكنك ان ترفضي ذلك انني فاتنة وجديرة بالحب". وعندما فشلت جهود لوينسكي في استعادة حب الرئيس لها بدأت الامرأتان التداول في كيفية حصول لوينسكي على وظيفة تكون على حد قولها "سهلة". ولعل احدى أكبر منافع فضيحة مونيكا غيت هو أن لوينسكي رفضت اتفاقاً لاصدار كتاب تحت عنوان "قصة مونيكا" بقيمة مليون دولار. ولن تكتبه لكنها ستقدم المعلومات وسيكتبه مؤلف انكليزي بارع.