بدأ استخدام الغاز الطبيعي كوقود في مصر عام 1975 بكميات محدودة، اعتماداً على ما أمكن تجميعه من الغازات المصاحبة لانتاج النفط. وأخذ الاستهلاك في الارتفاع المطرد، خصوصاً بعدما تم اكتشاف وتنمية عدد كبير من حقول الغاز الجاف غير المصاحب للنفط، ليبلغ الانتاج نحو خمسة بلايين متر مكعب عام 1987 ويرتفع إلى نحو 12 بليوناً عام 1997 بمعدل نمو 4،8 في المئة سنوياً في المتوسط خلال الأعوام العشرة الأخيرة. وكانت الاتفاقات القديمة المبرمة مع الشركات الأجنبية العاملة في مصر تقضي بأن تسلم للحكومة حقول الغاز عقب اكتشافها من دون مقابل. غير أن الزيادة المطردة في استخدام الغاز شجعت قطاع النفط المصري مطلع الثمانينات على إدخال بند جديد في الاتفاقات يتيح للشريك الأجنبي الحصول على بعض الحوافز المادية في مقابل حقول الغاز المكتشفة التي يتم تسليمها للحكومة. وفي المقابل تضمن بند الغاز الجديد تحديد 12 تريليون قدم مكعبة كاحتياط قومي لا يجوز تصدير الغاز قبل تأمينه لمواجهة الحاجات المحلية مستقبلاً. وفي العام 1987 زادت حوافز الشريك الأجنبي بجعل نصيبه في حقول الغاز مثل نصيبه في آبار النفط مع التزام الجانب الوطني ممثلاً في قطاع النفط بشراء نصيبه من الغاز لأغراض الاستهلاك المحلي. وكان سعر الشراء يحدد على أساس المعادل الحراري للمازوت المتوسط في محتواه الكبريتي وفق ما ينشر في تقرير "بلاتس اويل جرام" لشحنات الجملة الاوروبية تسليم السوق الايطالية. ولا تعرف الحكمة من تبني سعر الغاز في السوق الايطالية بدل السوق المصرية، اللهم إلا ان تكون ايطاليا أقرب الأسواق الى مصر التي يعلن فيها سعر الغاز في الدوريات المتخصصة، ومع ذلك كان من الممكن ان يطرح من السعر ما يعادل كلفة نقل الغاز الى ايطاليا باعتبار ان الغاز ينتج ويستهلك في مصر ولا يغادر الاراضي المصرية. صحيح أن الاتفاقات تضمنت نصاً يسمح بحسم 15 في المئة من سعر الغاز، ولكن هذا الحسم كان موجهاً لتمكين "الهيئة المصرية العامة للبترول" وهي المشتري نيابة عن مصر من تمويل بناء وصيانة شبكة خط أنابيب التوزيع التي توفرها الهيئة وتبدأ عندها نقطة استلام الغاز لتوزيعه محلياً، أي أن الهيئة تتحمل وحدها كلفة إقامة شبكة التوزيع الداخلي وصيانتها حتى ولو زادت هذه الكلفة على ال 15 في المئة الحسومة. أما الشريك الأجنبي فيلتزم انشاء خط أنابيب مناسب لنقل الغاز من الحقل الى نقطة التسليم المتفق عليها والتي ستكون عند التقاء خط الأنابيب بالشبكة الوطنية، ولكنه لا يتحمل كلفة ذلك الخط، بل يقوم باستردادها من الغاز المنتج ضمن مصاريف تنمية الحقل وفقاً لما تقضي به اتفاقات اقتسام الانتاج، أي أن المقاول لا يتحمل شيئاً من تلك الكلفة وإن كان يلتزم توفير التمويل اللازم ثم يسترده. وفي كانون الثاني يناير 1994 عدلت الاتفاقات السابق ابرامها في العام 1987 بما ينطوي على تقديم حوافز جديدة للشريك الأجنبي عن طريق زيادة سعر شراء نصيبه من الغاز إلى ما يعادل سعر أفضل الزيوت الخام المصرية خليط السويس بدل سعر المازوت وهو الأرخص. ونتيجة لذلك قفز السعر من نحو 70،1 دولار لكل مليون وحدة حرارية Btu إلى نحو 40،2 دولار، وهو ما يعادل تقريباً سعر الغاز الجزائري والغاز الليبي بعد اسالته ونقله الى أوروبا. واذا أخذنا الأعوام العشرة بين 1987 و1996 انظر الجدول، نجد أن سعر الغاز تسليم أوروبا لم يتجاوز 54،3 دولار لكل مليون btu في المتوسط خلال تلك السنة، فيما بلغ سعر شراء نصيب الشريك الأجنبي من الغاز المنتج في مصر لأغراض الاستهلاك المحلي نحو 74،2 دولار بعد التعديل الذي أدخل على الاتفاقات العام 1994. وتؤكد الدراسات المتاحة أن المستقبل سيشهد ارتفاعاً في سعر النفوط الخفيفة ومنها خليط السويس مع الاتجاه إلى انخفاض سعر المازوت الملوث للبيئة. ومعنى ذلك أن فاتورة شراء الغاز سترتفع في المستقبل سواء لجأت مصر إلى شراء نصيب الشريك الأجنبي من الغاز أو استيراد الغاز من الخارج، وهذا ما يتطلب الاحتفاظ بأكبر قدر من احتياطات الغاز في أراضيها تأميناً لحاجاتها المستقبلية. ولا يقتصر التعديل الذي أدخل على الاتفاقات المصرية لمصلحة الشريك الأجنبي العام 1994 على ما يعقد من اتفاقات جديدة بعد ذلك التاريخ، بل امتد إلى الاتفاقات التي أبرمت العام 1987 وذلك بالنسبة إلى ما يتم تنميته وانتاجه من الغاز في المستقبل. ولا تزال الحكمة غير واضحة في إدخال تعديلات عام 1994 على شروط سبق قبولها من الطرفين عام 1987 من دون أن تطرأ تغيرات جوهرية على الظروف التي أبرمت في ظلها تلك الشروط. وحتى لو افترضنا وجود ما يبرر هذا التعديل بأثر رجعي، كان من الممكن أن يطلب من الشريك الأجنبي، كمقابل لتلك الميزة السخية، رفع حجم الاحتياط القومي الذي لا يجوز تصدير الغاز قبل تأمينه، خصوصاً بعدما تبين أن حاجات مصر من الغاز تجاوزت بمراحل رقم ال 12 تريليون قدم مكعبة. ففي الندوة التي نظمها خبراء النفط المصريون في كانون الثاني يناير 1992 قدرت حاجات مصر من الغاز حتى العام 2010 بنحو 27 تريليون قدم مكعبة. ولما كان نصيب الشريك الاجنبي في مقابل سداد النفقات والارباح لا يقل في الغاز، كما هو الحال في النفط، عن الثلث، فإن مقتضى ذلك أنه لا يجوز تصدير الغاز قبل أن يصبح الاحتياط القومي 40 تريليون قدم مكعبة، فلا يضطر الجانب الوطني إلى شراء نصيب الشريك الأجنبي، وليس 12 تريليوناً الذي ظل ثابتاً على رغم التعديلات التي أدخلت على العقود لمصلحة الشريك الأجنبي في عامي 1987 و1994. وحتى رقم ال 40 تريليون قدم مكعبة لم يعد يتناسب مع حاجات مصر في ضوء ما أعلنته الحكومة أخيراً كاستراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية حتى سنة 2017، إذ صار الأمر يتطلب إعادة تقدير حاجات مصر من الطاقة عموماً، ومن الغاز الطبيعي، خصوصاً باعتباره الوقود الذي تنامت احتياطاته خلال الأعوام الأخيرة وتنبغي المسارعة بإحلاله محل السوائل كلما أمكن ذلك، اقتصاداً في استهلاكها وللحفاظ على احتياطاتها المحدودة لمواجهة الحاجات المستقبلية المتزايدة. ففي خلال الفترة بين 1975 و1997 ارتفع استهلاك مصر من النفط والغاز من نحو 5،7 مليون طن الى نحو 34 مليون طن بمعدل نمو 3،7 في المئة، وبلغ ذلك المعدل نحو 5 في المئة سنوياً في المتوسط بين 1994 و1997، وهي الفترة التي بدأ الاقتصاد المصري ينتعش خلالها بعدما شهد فترة من الركود نتيجة تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادي بين 1990 و1993. وبلغ معدل نمو اجمالي الناتج المحلي، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، وخلال السنوات المالية 93/94 و94/95 و95/96 نحو 9،2 في المئة و2،3 في المئة و2،4 في المئة على التوالي، وبافتراض معدل خمسة في المئة للنمو الاقتصادي خلال السنة المالية 96/97، فإن معدل النمو الاقتصادي خلال الفترة بين 1994 و1997 يقدر بنحو 8،3 في المئة سنويا في المتوسط. ونظراً إلى ارتباط استهلاك الطاقة بالنمو الاقتصادي عن طريق ما يعرف اصطلاحاً بمعامل المرونة الدخلية هو ناتج قسمة معدل نمو الطاقة على معدل النمو الاقتصادي، فإن ذلك المعامل يمكن ان يبلغ نحو 3،1 تقريبا على اساس معدلات الفترة 1994 - 1997 خمسة في المئة لنمو الطاقة و8،3 في المئة للنمو الاقتصادي. واذا كانت استراتيجية التنمية الاقتصادية والاجتماعية تستهدف نمو الاقتصاد بمعدل يقارب سبعة في المئة سنويا حتى عام 2017، إلا أننا نميل إلى تقدير حاجات مصر المحلية من الطاقة على اساس معدل نمو اقتصادي أربعة في المئة وهو معدل متحفظ ولكنه أكثر واقعية اذا امكن تحقيقه على امتداد الفترة الزمنية من الآن وحتى 2017. كذلك يكفل هذا المعدل مواجهة الزيادة السكانية التي تقدر بنحو 2،2 في المئة سنوياً ويحقق ارتفاعا محدودا في مستوى الدخل والمعيشة. وفي تقديرنا ان معامل المرونة الدخلية يمكن ان يتحسن، اذا ما قامت مصر بوضع وتنفيذ برامج صارمة لترشيد الطاقة لترتفع كفاءة استهلاك الطاقة وينخفض معامل المرونة الدخلية من 3،1 الى ثلاثة ارباع الواحد الصحيح، وهذا ما كان يستهدفه جهاز تخطيط الطاقة الذي قام الكاتب بانشائه ورئاسته خلال النصف الاول من عقد الثمانينات، وحظي بدعم ومساندة المجلس الاعلى للطاقة الذي انشئ عام 1979. غير ان جهود ترشيد الطاقة لم تلبث ان تراخت، لأسباب عدة من اهمها ان المجلس المذكور - وهو المظلة الرئيسية لجميع انشطة الطاقة - لم يجتمع منذ اكثر من عشرة أعوام. من جهة أخرى، فإن الطاقة الكهرومائية بلغت حدها الاقصى عند 12 بليون كيلووات ساعة سنوياً وهو ما يعادل 7،2 مليون طن نفط معادل TOE، وصار توليد الكهرباء يعتمد في توسعاته السريعة اعتمادا كليا على النفط والغاز، ومن هنا سنفترض ان أية زيادة في استهلاك الطاقة مستقبلاً ستمتد بالكامل تقريباً على النفط والغاز والذي يبلغ نصيبها من اجمالي الطاقة المستهلكة نحو 92 في المئة حالياً. إذا تحققت تلك الافتراضات، وانخفض معامل المرونة الدخلية إلى ثلاثة ارباع الواحد الصحيح، وتحقق ايضاً معدل النمو الاقتصادي وفق تقديرنا وهو أربعة في المئة سنوياً في المتوسط، فإن معدل نمو استهلاك الطاقة يمكن أن يبلغ ثلاثة في المئة سنوياً في المتوسط على أقل تقدير. بذلك يتوقع أن ينمو الاستهلاك المحلي من النفط والغاز من نحو 34 مليون طن نفط معادل عام 1997 الى نحو 50 مليون طن سنة 2010 وإلى 61 مليون طن سنة 2017. من جهة أخرى، تقدر احتياطات مصر حالياً بنحو ثلاثة بلايين برميل زيت و33 تريليون قدم مكعبة غازاً. أي أن مجموع المصدرين معاً لا يتجاوز 25،1 بليون طن نفط معادل. فما هو نصيب مصر من تلك الاحتياطات، وكم سنة يمكن أن يكفيها هذا النصيب قبل أن تلجأ إلى الاستيراد؟ تقضي اتفاقات اقتسام الانتاج بأن تحصل الشركات الأجنبية العاملة في مصر على نصيب من النفط والغاز لاسترداد ما قامت بتمويله من نفقات الاستكشاف والتنمية والانتاج، كما تحصل على نصيب اضافي مقابل ما تحملته من مخاطر اثناء قيامها بالاستكشاف. واثبتت التجربة العملية أن ما يتبقى لمصر بعد نصيب الشريك الاجنبي الاجمالي لا يتجاوز ثلثي الانتاج. أي أن نصيب مصر من الاحتياطات المؤكدة للنفط والغاز لا يتجاوز نحو 830 مليون طن فقط معادل. بذلك، ووفقاً لتقدير حاجات مصر من الطاقة على أساس معدل النمو المتحفظ وهو ثلاثة في المئة سنوياً، فإن نصيبها من تلك الاحتياطات يمكن ان ينضب في منتصف 2015، وذلك بافتراض التوقف من الآن عن تصدير النفط والامتناع عن تصدير الغاز مستقبلاً. أما إذا استمرت مصر في تصدير النفط بمعدل 3،11 مليون طن سنوياً لتوفير حصيلة من العملة الأجنبية قدرها 3،1 بليون دولار سنوياً، وهو متوسط تلك الحصيلة خلال الأعوام 1992 - 1996، فإن نصيب مصر من الاحتياطات المؤكدة يمكن ان ينضب في منتصف 2012. فاذا قامت مصر بتصدير الغاز الى تركيا كما أعلن عن ذلك، وهو ما يقتضي تخصيص نحو 8،8 تريليون قدم مكعبة من اجمالي الاحتياطات الغازية لمواجهة هذا الالتزام، واذا ما استمرت ايضاً في تصدير النفط، فإن نصيبها من احتياطات النفط والغاز يمكن أن ينخفض الى نحو 678 مليون طن نفط معادل، وهو ما يؤدي إلى استنفاد ذلك النصيب بحلول سنة 2009. صحيح أن حجم الاحتياط هو ظاهرة ديناميكية قابلة للحركة وهناك من يردد بتفاؤل ان حجمه كان يتجه نحو الزيادة في الماضي وان العدد الكبير من عقود البحث عن النفط والغاز في مصر سيؤدي الى زيادة تلك الاحتياطات أو على الأقل ثباتها خلال المستقبل المنظور. غير أن تلك الظاهرة يمكن أن تتناقص اذا تجاوز الانتاج حجم ما يكتشف من حقول جديدة. وقد لوحظ أن انتاج مصر من النفط خلال الأعوام الأخيرة أخذ يميل الى التناقص. ومع ذلك، ومن دون التخلي عن الأمل في ان تسفر أنشطة البحث في تأمين المستقبل بقدر كاف من تلك الاحتياطات، فإن الحكمة تقتضي الأخذ بالأحوط، خصوصاً أن مصر لا تملك من الاحتياطات غير ثلثيها كما ذكرنا. أما الإسراف في استخراج ما تحقق من احتياطات، أو الاتجاه الى تصدير جانب كبير من تلك الاحتياطات، على أمل ان المستقبل سيعوض ما ينضب منها، فينطوي على مجازفة محفوفة بمخاطر شديدة تهدد استراتيجية التنمية المعلنة. وهذا ما ينقلنا الى دراسة جدوى تصدير الغاز المصري الى تركيا في ضوء التجربة القطرية التي شرحنا أبعادها في المقال السابق. ففي العام 1996 وقعت مصر مذكرة تفاهم مع تركيا لتصدير نحو 8،8 تريليون قدم مكعبة على مدى 25 سنة. ومن دون الاتفاق على السعر. ومنذ أشهر قليلة تأسست لتنفيذ هذه الصفقة شركة تضم "أموكو" الأميركية و"اجيب" الايطالية و"الهيئة المصرية العامة للبترول". وبديهي أن جدوى المشروع ستتوقف على مستوى السعر الذي سيتحدد عند التعاقد، وهو ما لا يمكن ان يتخطى سعر الغاز السائد في أوروبا. وكما يتضح من الجدول المرفق، بلغ متوسط هذا السعر خلال الأعوام العشرة بين 1987 و1996 نحو 54،2 دولار لكل مليون وحدة حرارية، ويتوقع ان يتجه الى الانخفاض نتيجة لما تستهدفه سياسات الاتحاد الأوروبي من تكثيف المنافسة بين شركات الغاز وخصوصاً بعد صدور "قرار الغاز" في 8 كانون الاول ديسمبر 1997. من جهة أخرى، ظهر في الآونة الأخيرة فائض في أسواق الغاز الطبيعي المسيل ما شجع بعض الدول المستوردة للغاز على شراء شحنات محدودة من ذلك الفائض في ما يمكن أن يسمى بالسوق الفورية للغاز، ومن ذلك قيام تركيا خلال شباط فبراير 1998 بالتعاقد على استيراد تسع شحنات من الغاز القطري بسعر 47،2 دولار لكل مليون btu، تسليم ميناء الوصول. ويعتبر السعر في هذه الصفقة متدنياً للغاية. ولكن لعل ما ساعد على إبرام تلك الصفقة وجود ناقلات غاز معطلة عن العمل ما دفع اسعار الشحن فيها الى نحو نصف معدلها المعتاد. في ضوء تلك المؤشرات التي توحي بأن سعر الغاز في أوروبا سيظل متدنياً لفترة طويلة، نبدأ دراسة جدوى تصدير الغاز المصري الى تركيا باعتماد سعر شراء نصيب الشريك الاجنبي من الغاز لأغراض الاستهلاك المحلي كأساس لتقدير كلفة المرحلة العليا لإنتاج الغاز، ذلك لأن هذا السعر يعتبر الفرصة البديلة لتصدير الغاز. وتضاف الى تلك الكلفة نفقات إسالة الغاز ونقله الى تركيا عبر البحر المتوسط. واذ يقدر متوسط سعر النفط المصري خليط السويس خلال الأعوام العشرة الماضية بنحو 17،16 دولار للبرميل، فإن سعر الغاز يبلغ 74،2 دولار لكل مليون Btu. ومع حسم 15 في المئة من السعر مقابل بناء شبكة توزيع الغاز محلياً، فإن سعر وحدة الغاز قبل اسالته سيكون في حدود 33،2 دولار لكل Btu. تأتي بعد ذلك كلفة الإسالة وفق ما سبق تقديره في حالة المشروع القطري قطر غاز، تقدر بنحو 57،1 دولار لكل مليون Btu . وكانت كلفة نقل الغاز المسيل من قطر الى اليابان عبر مسافة 6500 ميل بحري قدرت بنحو 26،1 دولار لكل مليون Btu. واذ تبلغ المسافة بين مصر وتركيا نحو 670 ميلاً بحرياً، فإن كلفة النقل البحري يمكن تقديرها بنسبة تعادل طول تلك المسافة الى المسافة بين قطرواليابان. وبذلك تقدر كلفة النقل البحري من مصر الى تركيا بنحو 15،0 دولار 15 سنتاً لكل مليون Btu. وبذلك يصبح إجمالي كلفة الغاز المصري المسيل تسليم الموانئ التركية نحو أربعة دولارات. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يستطيع المشروع المصري في ظل تلك الظروف تحقيق عائد صاف من تصدير الغاز لتركيا يتجاوز السعر الذي تشتري به مصر نصيب الشريك الأجنبي من الانتاج في أراضيها؟ واذا لم يتحقق ذلك، فهل تقبل الشركات الأجنبية خفض السعر الذي تشتري به مصر نصيبها من الغاز ليعادل ما كانت ستحصل عليه من تصدير الغاز الى تركيا؟ هذا سؤال نطرحه كبداية لحوار ندعو للمشاركة فيه كل من يشجع تصدير الغاز المصري. ومن جهة أخرى، تنبغي اعادة تقدير حاجات مصر من النفط والغاز وتأمين ما يغطي تلك الحاجات حتى سنة 2017 وما بعده، وهو الإطار الزمني لاستراتيجية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتي تعتبر الطاقة شريان الدم الذي يمدها بالحياة. * وكيل أول وزارة النفط المصرية سابقاً.