تصاعدت حدة الخلافات بين الحكومة السودانية و"التحالف الوطني لاسترداد الديموقراطية" الذي يمثل تجمعاً للمحامين من كل القوى السياسية عدا الإسلاميين. إذ عقد غازي سليمان، رئيس التحالف، أمس مؤتمراً صحافياً استنكر فيه ردود الفعل الحكومية تجاه البيان الذي أصدره التحالف في الثامن من الشهر الجاري، وقال "إن الوعيد والتهديد لن يثنينا وسنواصل التصدي والمقاومة لكل ما نعتقد بأنه خطأ حتى تعود الديموقراطية ويسود حكم القانون". ودعا غازي، الذي وصفه الرئيس السوداني عمر البشير قبل بضعة أشهر بالوطنية ونصبه زعيماً للمعارضة الداخلية، إلى اطلاق حرية العمل النقابي والمهني والطلابي وتأكيد استقلاليتها، ونادى بقانون ديموقراطي للصحافة والمطبوعات يكفل حرية الصحافة ويحظر اغلاق الصحف بأوامر إدارية، كما هي الحال الآن. وأشار إلى ضرورة سن تشريعات جديدة تكفل قومية مؤسسات الخدمة المدنية وتقر استقلالية القضاء وسيادة حكم القانون وتحذف التعديلات التي ادخلت على قانون المحاماة وجعلته "تابعاً لمسجل التنظيمات" على حد تعبيره. ونادى غازي خلال مؤتمره الذي حضرته وسائل الاعلام الأجنبية والمحلية، بإعادة المفصولين من الخدمة لأسباب سياسية وايقاف التشريد والإقرار بتكوين الجمعيات الخيرية من دون استئذان الأجهزة الأمنية. كما دعا إلى إلغاء قانون النظام العام، وقال إنه لا يتوافق مع الأعراف السودانية ويعكس وجهة نظر جهة واحدة. واعتبر النقابي السوداني المثير للجدل، ان بيان التحالف الديموقراطي الذي أثار السلطة الأسبوع الماضي بيان موضوعي لم يجنح للإثارة أو التحريض وأن ما جاء فيه لم يكن سوى إقرار لواقع. وحذر من أن الضغوط المتواصلة عليه من قبل السلطة ربما تدفعه إلى الالتحاق بصفوف المعارضة السودانية المسلحة في أسمرا، مذكراً بأن له خبرة قتالية عسكرية سابقة وبأنه شارك في "تحرير" عدد من الدول الافريقية، على حد تعبيره. ودعا غازي إلى وأد العنف الطلابي في الجامعات، مشيراً إلى مخاطر ذلك على أرواح الطلاب. وعرض على الصحافيين أحد طلاب جامعة أم درمان الأهلية التي تشهد الآن احتكاكات طلابية محدودة، وقد بدت عليه اثار الضرب في إحدى عينيه وعلى ظهره مع آثار لجروح بآلة حادة على اليدين والأرجل وهو حليق الشارب مع وجود جروح وكدمات على رأسه. وقال الطالب المنتمي لحركة القوى الحديثة المنشقة عن الحزب الشيوعي السوداني، إن نفراً من زملائه في جامعة أم درمان الأهلية حددهم بالاسم مع آخرين من خارج الجامعة اقتادوه قسراً من أمام الجامعة في معية اربعة آخرين من جماعته إلى مباني جمعية القرآن الكريم في أم درمان شارع الأربعين حيث تعرض لعملية تعذيب استمرت من الخامسة حتى الثامنة مساء القي بعدها على مقربة من استاد نادي المريخ الرياضي مغمى عليه حتى اقتاده فاعل خير إلى عيادة للعلاج باعتبار أنه تعرض لحادث سير، لكن التحالف الديموقراطي شرع في فتح بلاغ ضد عدد من طلاب الاتجاه الإسلامي الموالين للسلطة، ودعا إلى إلغاء قانون الأمن الوطني الذي يبيح الاعتقال التعسفي. لكن محمد الحسن الأمين، المسؤول السياسي للمؤتمر الوطني الذي يمثل النظام السياسي الحاكم، قال إن التحالف الديموقراطي الذي يتحدث غازي باسمه غير شرعي ولا يمثل ثقلاً في الشارع السوداني. وأوضح ان الحسم الذي كان طابع رده على بيان التحالف في الثامن من الشهر الجاري هدف لإعمال بنود القانون وتأكيد احترام الدستور. وأشار إلى ان إتاحة الحريات "لا تعني بالقطع العودة إلى الفوضى وتهديد سلامة البلاد". وأوضح الأمين في تصريحات ل "الحياة" ان كل التنظيمات التي لا تملك رخصة قانونية من مسجل الأحزاب لا يحق لها أن تعقد ندوات أو تسيّر تظاهرات أو تصدر صحفاً وبيانات، ملمحاً إلى أن تنظيم التحالف يحاول ان يخرج من دائرته كجسم خاص بالمحامين ليصبح كياناً سياسياً. وقال إن السلطة لم تتخذ أي اجراءات قانونية تجاه غازي سليمان أو أي من زملائه في التحالف الديموقراطي، لكنه أوضح ان الخيار سيبقى مفتوحاً وان بلاغات خرق الدستور والتلويح بالقوة لا تسقط بالتقادم