لم يكن الكاتب البرتغالي جوزيه ساراماغو ينتظر فوزه بجائزة نوبل للآداب ووصله النبأ وهو في طريقه الى معرض فرانكفورت للكتاب. وفي السيارة التي كانت تقلّه من المطار الى المعرض صرّح للصحافيين بأنه "غير واعٍ كلياً لما حصل". وأعرب عن فرحته بالجائزة التي كان يتوقعها لسواه، وأشار الى "ان ادباء كباراً لم يحصلوا على الجائزة وكان يمكنهم ان يحصلوا عليها". وبررت الاكاديمية الملكية في السويد منحه جائزة نوبل للآداب في كون ساراماغو "تمكن من خلال استخدامه المجاز المدعوم بالخيال والعاطفة والتهكّم من جعل الواقع المتباعد ملموساً". وهي المرة الاولى يفوز بها كاتب برتغالي بالجائزة العالمية. وأضافت الأكاديمية السويدية في تعليقها أنها منحت ساراماغو الجائزة تقديراً لأعماله التي مزجت بين الرمز والخيال والعاطفة والسخرية. وقالت "ان ساراماغو الذي يعيش في جزر الكناري لم يحقق أي نجاح لافت إلا عندما بلغ الستين". وهو يبلغ السادسة والسبعين في الشهر المقبل. وكان جوزيه دي سوسا ساراماغو قد فرض نفسه واحداً من الكتّاب الرئيسيين في البرتغال تبعاً لأعماله الروائية المتعددة الاصوات، وهي تستعيد في معظمها التاريخ البرتغالي في طريقة ساخرة وأليفة وقريبة من الاسلوب الذي اعتمده الكاتب الفرنسي الشهير فولتير. وتأخر ساراماغو عن كشف نتاجه الأدبي الذي يرتكز كثيراً على الخيال ويضم نحو 20 كتاباً ترجم بعضها الى اكثر من عشرين لغة. وبعد صدور رواية اولى له وعنوانها "ارض الخطيئة" في العام 1947 لم ينشر الكاتب البرتغالي كتابه الثاني إلا في العام 1966 وكان ديواناً شعرياً. ولم يعرف ساراماغو الشهرة إلا بدءاً من الثمانينات. ولد ساراماغو في العام 1922 في ازيناغا وسط البرتغال في عائلة مزارعين ليست من مالكي الأراضي وكانت نزحت من الريف الى لشبونة، وعمل فترة اولى كصانع اقفال ومن ثم صحافياً ومترجماً قبل ان يكرّس وقته كلياً للأدب. وعلى مدى 15 عاماً، وهي فترة نضجه، نشر قصائد شعرية ومسرحيات وقصصاً ورواية طويلة في عنوان "كتيب فن الرسم والخط" 1977. وشكّل كتابه "ليفينتادو دو تشاو" العام 1980 وهو رواية ملحمية عن تمرّد الفقراء في الينتيجو شرق البرتغال، مرحلة جديدة في نتاجه الأدبي. ونال جائزة مدينة لشبونة وفرض نفسه كاتباً مشهوراً عبر ثلاثة كتب صدرت في غضون ست سنوات. وحاز كتابه "ميموريال دو كونفينتو" 1982 جائزة "بين كلوب" للبرتغال. وترتكز شهرة الروائي على موهبة حرة وأسلوب مبتكر ودفاق إذ يتحرر سيل الجملة عبر علامات قطع محدودة، وفي غنى سمعي للغة البرتغالية وطريقة سردية تقيم علاقة حميمة مع القارئ. وأصدر لاحقاً رواية تاريخية عنوانها "قصة حصار لشبونة" 1989 ومن ثم "الانجيل بحسب يسوع المسيح" 1992 وهي رواية تثور على التقاليد وأحدثت استنكاراً كبيراً لدى صدورها في اوساط المسيحيين المحافظين... ويقول جوزيه ساراماغو انه "غير مؤمن لكنه ليس ملحداً".وفي السيارة التي اعادته الى معرض الكتاب في فرانكفورت، بعدما علم بفوزه وكان امضى فيه نهاراً كاملاً، قال ساراماغو للصحافيين ايضاً ان اسمه كان متداولاً في الآونة الاخيرة وأن المبلغ الذي سيتقاضاه لن يجعله هو الشيوعي بورجوازياً، فالجائزة ستزيد من مسؤوليته الأدبية. وفي العربية لم تحظ اعمال ساراماغو بأي ترجمة اسوة ببعض الكتّاب البرتغاليين المعروفين.