قال وزير المال والاقتصاد الوطني السعودي ابراهيم العساف ل "الحياة" ان على الدول الصناعية الكبرى تحمل مسؤولية احياء النمو الاقتصادي في العالم وانعاشه. وشدد الوزير السعودي الذي يشارك في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي، على الحاجة الى عمل فوري وعاجل لأن "المخاطر التي يتعرض لها النمو الاقتصادي انكماشية". وأضاف ان السعودية ترى ان الجهود ينبغي أن تنصب على احياء الطلب العام وانعاشه، ما سيعود بالنفع على منتجي السلع بمن فيهم منتجو النفط. ويذكر ان السعودية تنتمي الى مجموعة الأربع والعشرين الأعضاء في اللجنة الموقتة لصندوق النقد الدولي. وقال العساف: "شددنا على أن تراجع أسعار النفط يؤثر سلباً ليس على المنتجين فحسب، ولكن أيضاً على المصدرين"، بطرق مختلفة مثل تراجع تحويلات العاملين في الدول المنتجة للنفط، والضغط سلباً على الأسواق المالية وعلى قيمة الشركات التي تقدم الخدمات النفطية. وتضمن خطاب الوزير أمام اللجنة الموقتة الأحد الماضي اشارة الى "قدرة الاقتصاد السعودي على النهوض بعد تعثر على رغم تقلب الأسواق المالية الدولية وتدني أسعار النفط"، والى "ان القطاع الخاص، ينمو على نحو متعاف"، متوقعاً ان يستمر هذا النمو السنة الجارية. يذكر ان المسؤولين الماليين من مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى وصندوق النقد الذين التقوا في واشنطن أجروا محادثات مكثفة يومي السبت والأحد تناولت الأزمة المالية الدولية المتفاقمة وسبل تحسين الهندسة المالية الدولية لادارة الاقتصاد العالمي. واختتم المسؤولون الاجتماعات رويترز بتحذيرات في شأن تباطؤ النمو وبوعود بالتغيير ولكن من دون تحديد اسلوب لحل المشاكل المالية. وقالت اللجنة الموقتة لصندوق النقد الدولي، التي توجه مجلس حكام الصندوق الدولي في شأن المسائل السياسية الرئيسية التي تواجه المؤسسة المالية الدولية، ان الوضع الاقتصادي الدولي تردى على نحو كبير منذ لقاءاتها التي عقدتها في نيسان ابريل الماضي. ولفتت الى ان الركود ازداد عمقاً في اليابان وفي عدد من الأسواق الآسيوية الناشئة، والى ان المستثمرين يهربون من الأسواق الناشئة بسبب أزمة روسيا المالية. وأشارت اللجنة الى أن أسواق الأسهم تراجعت بنسب كبيرة الى جانب تراجع أسعار السلع. ووافقت اللجنة باجماع أعضائها على أن "العمل الحازم القوي والفوري مطلوب من الدول الأعضاء كافة لإعادة الثقة الى الأسواق". وشددت اللجنة على "أهمية الدور الذي يجب أن تمارسه الدول الصناعية دعماً للنمو الاقتصادي في العالم واحتواء لمخاطر الانكماش واشاعة للمناخ الذي يؤدي الى حل الأزمة المالية الدولية". وأعرب بيان اللجنة عن الأمل في تجنب الأزمة المتفاقمة اذا تعززت بعض التطورات الايجابية في الاقتصاد العالمي، ومنها النمو الاقتصادي القوي المتواصل في الدول الصناعية في أميركا الشمالية وغرب أوروبا، والتقدم نحو تحقيق الوحدة المالية والاقتصادية في أوروبا، وهو التقدم الذي يساهم حالياً في الاستتباب المالي. وأشار البيان الى التقدم الذي يحرزه بعض الدول الآسيوية للخروج من الأزمة، ولفت الى أن الصين والهند تواصلان تحقيق النمو الاقتصادي. من جهتها كانت دول مجموعة السبع اعلنت السبت ان الازمة التي تجتاح الاسواق الناشئة يمكن ان تؤدي الى تباطؤ النمو العالمي، لكنها اصرت على ان من حق كل دولة ان تقرر كيفية التصرف. وقضت هذه التعليقات على اي آمال في الاسواق المالية في شأن خفض منسق لاسعار الفائدة. وعلى رغم مطالبة البيان الصادر عن الدول الصادر عن الدول السبع وآخر صادر عن اجتماع اللجنة الموقتة لصندوق النقد الاحد باتخاذ اجراء قوي، الا ان الاسواق أبدت خيبة املها. ففي اليابان اغلق مؤشر "نيكاي" منخفضاً 2.08 في المئة لينزل دون مستوى 13000 نقطة للمرة الاولى منذ كانون الثاني يناير 1986، كما فتحت اسهم هونغ كونغ على انخفاض 2.94 في المئة وواصلت هبوطها خلال جلسة التداول. وتزامنت لقاءات اللجنة الأحد مع تطور ايجابي تمثل في إعادة انتخاب فرناندو هنريك كاردوزو رئيساً للبرازيل لولاية ثانية. ومعلوم ان كاردوزو نفذ اصلاحات اقتصادية غيرت طبيعة اقتصاد البلاد. ويفتح انتصاره الباب أمام الاتفاق على صفقة دعم من صندوق النقد تبلغ نحو 30 بليون دولار، وهي صفقة يعتقد المسؤولون في الصندوق انها ضرورية للحؤول دون انهيار السوق والعملة في تاسع أكبر اقتصاد في العالم. ويُخشى من أن انهياراً من هذا القبيل، اذا حدث، قد يعزز نتائج أسوأ بكثير مما تشهده روسيا واندونيسيا، لأن البرازيل هي حجر الزاوية في اقتصاد أميركا اللاتينية وترتبط عافيتها على نحو وثيق بعافية الاقتصاد الأميركي. وفي وقت تبقى معدلات النمو في الولاياتالمتحدة وأوروبا جيدة، ويشعر المسؤولون الماليون في العالم بامكان تجنب تفاقم الأزمة، يعرب بعض المراقبين عن تشاؤمه حيال المستقبل. وقال مصدر عربي في صندوق النقد الدولي في جلساته الخاصة: "الوضع صعب. فالكل يحذر مما قد يحدث ومن عواقب الوضع الراهن ولا توجد حلول سهلة". ولفت الى أن سبب التشاؤم هو ما يبدو على حكومة اليابان من شلل، فيما تتدنى السيولة مما يحد من قدرة صندوق النقد على الرد على أزمات مستقبلية.