رأى أمير دولة البحرين الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أن أهم التحديات أمام مجلس التعاون الخليجي هي كيف يدخل القرن الحادي والعشرين "ككتلة خليجية واحدة قادرة اقتصادياً على التعامل مع عصر العولمة ومجالاته المختلفة". وقال الشيخ عيسى في حديث الى "الحياة" إن البحرين تتطلع الى "علاقات طيبة" مع ايران تساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الخليج. وشدد على أن تنفيذ العراق القرارات الدولية سيؤدي الى استعادة هذا البلد "مكانته العربية والدولية ورفع الحظر عن شعبه الشقيق". وأعلن أن نظام مجلس الشورى في البحرين "في تطور مستمر بما يحقق له الأداء الأفضل لمصلحة الوطن والمواطن". وأشار الى أن بلاده تعمل على تنويع مصادر الدخل، نظراً الى تأثرها بتدني أسعار النفط. لكنه شدد على أن الوضع الاقتصادي مطمئن لأن قاعدته لا تعتمد على النفط مصدراً وحيداً للدخل القومي. وهنا نص الحوار: هل اجتازت البحرين نهائياً مرحلة الأحداث التي شهدتها في السنوات الأخيرة؟ وكيف تقوّمون الوضع الداخلي حالياً؟ - إن التجربة التي مرت بها دولة البحرين أشهرت بجلاء معدن شعب دولة البحرين وانتماءه الى أرضه وولاءه لوطنه، ومدى رفض الجميع لأعمال العنف والارهاب الدخيل على مجتمعنا وبلادنا. ونستطيع القول إن البحرين الآن بخير وستظل بخير بفضل تكاتف أبنائها وتلاحمهم في مواجهة الأزمات والأوقات الصعبة. ستتبادل البحرينوايران السفراء بعد سنوات من القطيعة اثر تدخل طهران في الشؤون الداخلية للبحرين، كيف ترون العلاقات بين البلدين ومستقبلها؟ - لدينا ثوابت في علاقاتنا الخارجية مع كل الدول وهي تقوم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعاون المشترك الذي يعود بالفائدة على الجميع. ونحن نأمل بأن تسير علاقتنا مع ايران في هذا الاطار، فإيران دولة جارة مسلمة، لها دورها المهم في المنطقة، ونتطلع الى علاقات طيبة معها تساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية من العالم لما فيه خير دولها وشعوبها. ما زالت تبعات حرب الخليج تؤثر في دول المنطقة، ما هي نظرتكم الى معالجة آثار هذه الحرب؟ وكيف تستطيع دول مجلس التعاون تجاوز هذه المرحلة نهائياً؟ - لا شك في أن حربي الخليج ألقتا بظلالهما، وتبعاتهما السلبية، على المنطقة، وأن جميع دولنا الخليجية عانت من هاتين الحربين وتكبدت الكثير من الأعباء المادية والمعنوية، وأن الطريق السليم لتجاوز هذه الآثار والأعباء هو أن نعمل جميعاً على دعم الأمن والاستقرار وتنشيط علاقات التعاون والتنمية، من خلال جهود مشتركة كي تكون منطقتنا واحة آمنة يسودها السلام والاستقرار. قمة دول مجلس التعاون على الأبواب، ما هي في نظركم أبرز القضايا والهموم التي يجب أن تعالجها القمة؟ - قضايانا كثيرة والتحديات التي تواجهنا متنوعة، لكنني أعتقد بأن أهم هذه التحديات هو كيفية دخول القرن الحادي والعشرين ككتلة خليجية واحدة قادرة اقتصادياً على التعامل مع عصر العولمة ومجالاته المختلفة. إن المجال الاقتصادي يدفعنا الى تأكيد أهمية الاعداد الجيد لاقتصاديات الدول الخليجية بما يسمح بتكييف أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية مع ما يستجد من أوضاع وبما يسمح بإستمرارنا في خطط التنمية والرفاهية لشعوبنا. وهل أنتم راضون عن أداء مجلس التعاون وما رأيكم في ما يتردد عن المسيرة البطيئة للمجلس وانعكاساتها السلبية في عصر التكتلات الاقتصادية الفاعلة في العالم؟ - حقق المجلس الكثير من الانجازات والمكاسب لشعوب الدول الأعضاء وأثبت وجوده على مدى الأعوام الثمانية عشر الماضية ككيان واحد قادر على الدفاع عن مصالح دوله وأمنها، كما حقق الكثير في مجالات التعاون والتنسيق التجاري والاستثماري. وإذا كنا نتطلع إلى المزيد فذلك لأن طموحاتنا لا تقف عند حدود انجاز معين، فالآمال المعقودة على هذا المجلس كبيرة حتى يصل بنا الى التكامل التام في كل المجالات، بخاصة ما يتعلق بالتكتل الاقتصادي الخليجي المطلوب والضروري. بعد التطورات في محكمة العدل الدولية، ألا تزال هناك جهود خليجية للتوفيق بين البحرينوقطر وحل الخلاف بينهما في اطار البيت الخليجي؟ - كان هذا هو مطلبنا دائما، وكنا نؤكد أهمية حل أية خلافات بين دول المجلس في اطار البيت الخليجي، ودعونا مراراً الى ايجاد آليات خليجية لحل هذه الخلافات حلاً ودياً. إن القضية الآن معروضة على محكمة العدل الدولية وأنتم تعرفون وتتابعون تطوراتها التي تؤكد الحق البحريني وتدعم حقوقنا التاريخية الراسخة. ألم يحن الوقت لاستعادة العراق الى حضن الجامعة العربية؟ وهل هناك شروط لهذه العودة؟ - العراققطر عربي شقيق نأمل بأن يتجاوز أزماته، ويتمكن من أداء دوره العربي داخل الجامعة العربية والمجتمع الدولي. وكما تعلمون هناك قرارات صادرة عن المنظومة الدولية التي نحن جزء منها، وتطبيق هذه القرارات سيؤدي إلى استعادة العراق مكانته العربية والدولية ورفع الحظر عن شعبه الشقيق. ما رأيكم في الدعوات الى مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب؟ ألا ترون أن للاتفاقات الأمنية الخليجية دوراً في مكافحة الارهاب في المنطقة؟ - نحن نؤيد أية جهود دولية تبذل لمكافحة الارهاب، هذا الخطر الذي يهدد مختلف المجتمعات من دون تفرقة أو استثناء، ونعتقد بأن مؤتمراً دولياً لمكافحة الارهاب هو خطوة مهمة في هذا الشأن، والاتفاقية الأمنية الخليجية هي جزء من هذه الجهود المبذولة لمحاربة الارهاب وحماية الدول والشعوب من أخطاره. هل هناك توجه لتطوير دور مجلس الشورى؟ - مجلس الشورى يؤدي دوره الآن كشريك للحكومة في صياغة القرار واتخاذه في شكل يتناسب مع طبيعة مجتمعنا وتقاليدنا، ونظام الشورى في البحرين في تطور مستمر بما يحقق له الأداء الأفضل لمصلحة الوطن والمواطن. العمالة الأجنبية في البحرين وبلدان الخليج عموماً لها انعكاساتها الاجتماعية والأمنية في المنطقة، كيف يمكن معالجة هذه القضية؟ - نحن دول ومجتمعات نامية، ولذلك كان لا بد من الاستعانة بالعمالة الأجنبية للمشاركة في بناء أهدافنا التنموية وتحقيقها، والعمالة الأجنبية تعمل في إطار التزام اجراءاتنا وقوانيننا، ونعتقد بأن الخبرات الأجنبية أدت دورها جيداً في دفع جهود التحديث والنهضة. واليوم فإن دول المنطقة بما لديها من خبرات وطنية مؤهلة، تقوم بعملية الاحلال التدريجي بما يحقق مصالحها الوطنية وفي إطار قواعد سوق العمل ومتطلباتها وحاجاتها الواقعية وبنسب وظروف مختلفة من بلد الى آخر. إلى أي حد تأثر اقتصاد البحرين بتدني أسعار النفط؟ وكيف تقومون الوضع الاقتصادي للبلاد؟ - لا شك في أن الجميع تأثروا بتدني أسعار النفط، ونحن من الذين تأثروا كثيراً بذلك، وانعكس هذا على تقليص الانفاق الحكومي، واتباع الحكومة سياسة تقشفية في الانفاق، لكن الوضع الاقتصادي، والحمد لله، مطمئن لأن لدينا قاعدة اقتصادية لا تعتمد فقط على النفط كمصدر وحيد للدخل القومي، إنما هناك مداخيل أخرى من مجالات مختلفة كالسياحة والمصارف والبتروكيماويات والألمنيوم. ونحن في البحرين نعمل لتنويع مصادر الدخل لئلا يكون اقتصادنا عرضة لأي هزة اقتصادية كالتي جاءت بها ظروف تدني أسعار النفط. كيف يتم التخطيط لتوفير فرص عمل للمواطن البحريني في ظل الأعداد الكبيرة للخريجين؟ - لدينا الكثير من المشروعات المستقبلية التي يمكن أن تستوعب أعداداً كبيرة من الشباب الخريجين، وهناك دراسات أمام الحكومة تتعلق بمجالات التدريب واعداد الشباب لهذه الوظائف، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية تنظم حالياً برنامجاً ضخماً للتدريب سيوفر الكثير من فرص العمل على مدار السنوات المقبلة ضمن خطة لتأهيل الشباب لاقتحام مجالات عمل جديدة، وهو جهد كبير مهم وضروري لاستيعاب هذه الأعداد المتزايدة من الخريجين سنوياً. هل فقدت البحرين دورها الاقتصادي والمصرفي في المنطقة؟ - الدور الاقتصادي والمصرفي يقوم على سياسات وأنظمة وخبرات طويلة وممتدة، والبحرين لم تحتل موقعها كمركز مالي ومصرفي في المنطقة إلا بعدما وفرت البنية الأساسية والبشرية المؤهلة والقادرة على أداء هذا الدور. لذلك لم يكن غريباً على رغم ما تعرضت له المنطقة من هزات، أن تظل البنوك والشركات والمؤسسات المالية والعالمية على قناعاتها بأن تظل البحرين مركزاً وموقعاً لها. وهو دور يستلزم دائماًَ مزيداً من العمل ومراجعة القوانين وتطويرها بما يخدم هذا المجال الاقتصادي الحيوي ويحافظ على مكانة البحرين المرموقة كمركز مالي. ما الجديد في علاقاتكم مع بريطانيا بعدما أقرت قانوناً سيشدد القيود على منح اللجوء السياسي؟ - علاقاتنا مع بريطانيا علاقات تاريخية تقوم على الصداقة والتعاون، ونحن نأمل دائماً من بريطانيا بأن تقوم بدورها كدولة كبرى في مكافحة الارهاب ومحاصرته. والقوانين البريطانية الجديدة في شأن منح اللجوء السياسي أمر يتعلق بسياسات بريطانيا ومصالحها، ونحن نرحب بما قررته من اجراءات في اطار التشديد وقطع الطريق على مرتكبي جرائم العنف والارهاب الذين يحاولون الحصول على ملاذ آمن في أي مكان في العالم بقصد تنفيذ خططهم وبرامجهم التخريبية.